الشركة فوجئت بحجم التأييد للبرنامج.. وتؤكد أنه سيبقى مجانياً ولن يموت

«مايكروسوفت» تتراجع عن إلغاء «بينت» في «ويندوز»

«مايكروسوفت» طرحت «بينت ثري دي» كتطبيق جديد لإبداع الرسوميات. من المصدر

ما حدث خلال الأيام الماضية بين شركة مايكروسوفت الأميركية، ومحبي برنامج الرسام «بينت»، ذلك البرنامج الضعيف الفقير في أدواته، سجل نفسه في تاريخ التقنية كقصة لافتة، فما أن أعلنت «مايكروسوفت» صباح 25 يوليو عن قرارها بوضع «بينت» في قائمة الإهمال، ورفعه من التحديث المتوقع أن يحدث على نظام تشغيل «ويندوز 10» للمبدعين، تمهيداً لإلغائه، حتى واجهت فيضاً من الرسائل والتعليقات التي تحمل حباً جارفاً وتمسكاً لا مراء فيه بهذا البرنامج الصغير.

• «بينت» لم يفقد سمعته كأسرع وأسهل محرر للصور.

• «بينت» سينتقل إلى متجر تطبيقات «ويندوز» بدلاً من نظام التشغيل.

وأمام هذا الكم من الرسائل والتعليقات لم تستطع «مايكروسوفت» سوى العودة بعد أقل من يومين، لتؤكد في بيان، أن «بينت» باقٍ ولن يموت، لكنه سيتخذ «منزلاً» جديداً، هو متجر تطبيقات «ويندوز»، بدلاً من مكانه الحالي في نظام تشغيل «ويندوز»، وسيظل متاحاً مجاناً لكل محبيه.

قرار الإلغاء

السبب الأساسي وراء قرار «مايكروسوفت» بإلغاء «بينت» من نظام «ويندوز» هو أنها أخذت أهم خصائصه ووضعتها في مكان ما داخل «ويندوز»، ثم حسّنتها بصورة كبيرة، والآن إذا كنت تحب تعديل صورك، فأنت لا تحتاج لتفعل ذلك من خلال «بينت»، نظراً لأن تطبيق صور «ويندوز 10» يقوم بكل وظائف «بينت»، مضافاً إليها الكثير من الإمكانات الجديدة التي تجعل العديد من الوظائف تتم تلقائياً على الصورة، كما تسمح لك بتعديل التباين وإضاءة الصورة.

برنامج متواضع

برنامج الرسام أو «بينت» هو برنامج متواضع القدرات لرسم الصور والرسوم وتحريرها، ظهر مع «ويندوز» في نسخته الأولى عام 1985، وطورته في الأصل «شركة زد سوفت» لرسوميات الحاسبات الشخصية، التي رخصت استخدامه لـ«مايكروسوفت»، ثم حسنته الأخيرة ودعمته فنياً طوال 32 سنة. وفي البداية كان يعرف باسم «بينت برش»، ثم تم تعديل اسمه لاحقاً إلى «بينت»، ثم «إم إس بينت» أو «مايكروسوفت بينت».

وطوال هذه السنوات، كان «بينت» على فقره وضعفه في عالم الرسوميات وتحرير الصور، هو البوابة الجذابة التي يدلف منها صغار السن، والمستخدمون الجدد لعالم التقنية الواسع، من خلال ما به من أدوات رسم بسيطة، وأشياء خفيفة للتعامل مع الصور بسرعة، ولذلك كان لدى جميع مستخدمي «ويندوز» احتكاك ما مع «بينت»، سواء في رحلة تعلمهم لمهارات التعامل مع أجهزة الكمبيوتر، أو في تأديتهم لأعمالهم باحترافية بعد ذلك.

أما قدرات «بينت» التاريخية فتتضمن إنشاء وتعديل وتحرير الصور بأنماط متعددة منها «بي إن بي»، و«بيت ماب»، و«جي بي آي جي»، و«تي إي إف إف» وغيرها، ويمكن استخدامه في وضعية الألوان، أو ثنائية الألوان الأبيض والأسود، ولا توجد به وضعية تدرج رمادي.

وعلى الرغم من ظهور العشرات من أدوات الصور الأكثر تعقيداً وحرفية، فإن «بينت» لم يفقد سمعته كأسرع وأسهل محرر للصور وأدوات الرسم على الإطلاق، يمكنه دوماً القيام بالعديد من المهام بسرعة وخفة وسهولة لافتة.

طوفان حنين

شكلت هذه الخبرة «حباً كامناً» لـ«بينت» في نفوس الملايين حول العالم، وأصبح البرنامج معلماً من المعالم الثابتة في خبرتهم مع الكمبيوتر، وما أن وصلهم قرار الإلغاء حتى تدفقت ردود الفعل العاطفية تجاه «مايكروسوفت» بصورة لم تكن متوقعة، ترجوها أن تتراجع عن قرار الإلغاء.

بعد يومين، كتبت المدير العام لقسم التطبيقات ثلاثية الأبعاد في «مايكروسوفت»، ميجان سوندرز، تدوينة رسمية غلبت عليها العاطفة بأكثر مما تضمنته من لغة الـ«بيزنس» الرصينة الجافة المعتادة في هذه الأمور، إذ قالت سوندرز: «واجهت (مايكروسوفت) تدفقاً لا يصدق من الحنين والدعم لبرنامج (بينت)، وهذا شيء رائع حقاً أن نرى كل هذا الحب الكبير لواحد من أقدم تطبيقاتنا الموثوق بها، إذ اتضح بعد 32 سنة، أن برنامج (مايكروسوفت بينت) له الكثير جداً من المحبين، وإزاء هذا الحب فإن (بينت) لن يموت ولن يلغى أو يختفي، بل هو هنا ليبقى مع محبيه، لكنه سيغير منزله فقط، ليكون في متجر تطبيقات (ويندوز)، كنسخة مجانية قابلة للتحميل والاستخدام، بدلاً من وجوده في نظام تشغيل (ويندوز)».

«بينت ثري دي»

لم تحدد سوندرز موعد انتقال «بينت» إلى متجر التطبيقات، كما لم تذكر ما إذا كان البرنامج سيخضع للتطوير، أو سيظل على حالته الحالية في متجر تطبيقات «ويندوز»، لكنها قالت إن «بينت ثري دي» ثلاثي الأبعاد وهو التطبيق الجديد لإبداع الرسوميات، سيستمر يستقبل التحديثات في المستقبل. وأضافت أن «بينت ثري دي» سيحتوي على كل من خصائص «بينت» القديم مثل تحرير الصور والخطوط وأدوات رسم المنحنيات، والرسم ثنائي الأبعاد، ثم يضاف إليها قدرات الرسم ثلاثي الأبعاد.

آراء محللين

إلى ذلك، نشر محللو موقع «بي سي وورلد» تقريراً حاول تفسير هذه الظاهرة، مشيرين إلى أن «مايكروسوفت» اعتبرت برنامجها الجديد «بينت ثري دي» أو «الرسام ثلاثي الأبعاد» بديلاً كافياً ومقنعاً لبرنامج «بينت» التاريخي القديم، وهذا خطأ بحسب قولهم، وأمر أشبه بالمحاولات التي اعتبرت أن التعامل مع الكمبيوتر بالأوامر الصوتية وشاشات اللمس، أشياء يمكن أن تحل بسهولة محل لوحة المفاتيح والـ«ماوس»، وهو ما لم يحدث، فالخبرة المتراكمة من التعامل مع «بينت» لا يمكن محوها بسهولة أو تغييرها بمجرد طرح «بينت ثري دي»، على الرغم من أن «بينت ثري دي» يتضمن بالفعل الكثير من الوظائف والخصائص الإضافية المتقدمة غير المعهودة في «بينت» القديم.

تويتر