شكّل نواة شركة ناشئة تعتمد «الواقع الافتراضي» في المجال الطبي
تطبيق بمحرّك ألعاب فيديو لبناء «مـــحاكيات» فائقة الدقة للعمليات الجراحية
المحاكيات الجراحية الحالية تمر بمرحلة أشبه بما كانت تمر به ألعاب الفيديو في عام 1980 وما بعده. من المصدر
عمل مطوّر ألعاب الفيديو في ولاية تكساس الأميركية، سام جلاسينبيرغ، على تطوير تطبيق للاستخدامات الطبية، ووضعه على متجري التطبيقات «آي تيونز» و«غوغل بلاي»، ليحمله خلال ثلاثة أشهر، 100 ألف طبيب وجهة طبية على مستوى العالم، من بينها كلية الطب في جامعة ستانفورد والجمعية الطبية الأميركية، وبعض الجامعات الصينية راقية المستوى، وبدأوا يستخدمونه كوسيلة أساسية في التعليم الطبي المستمر لأطباء جراحة الحنجرة، ولطلاب الطب في هذا التخصص.
وكان جلاسينبيرغ استخدم في تطوير تطبيقه محرك إحدى ألعاب الفيديو لبناء «محاكيات» فائقة الدقة للعمليات الجراحية، ليصبح لاحقاً نواة شركة ناشئة تعمل في مجال «المحاكيات» الطبية المعتمدة على محركات بناء ألعاب الفيديو و«تقنية الواقع الافتراضي». وقد اجتذبت الشركة في الأشهر الأولى لتأسيسها 2.1 مليون دولار من التبرعات، فضلاً عن انضمام 20 من أمهر مطوري ألعاب الفيديو، الذين اقتنعوا بالفكرة.
«الواقع الافتراضي»
|
سوق سريعة النمو قال نائب الرئيس للشركات الصغيرة والمتوسطة في مؤسسة «آي دي سي» البحثية، كريس شوت، إن الشركات الناشئة ستستحوذ على الجزء الأكبر من الإنفاق المتوقع خلال السنوات القليلة المقبلة على سوق تقنيات «الواقع الافتراضي» في المجال الطبي، وليس من المتعيّن أن تستخدم في الجراحات المعقدة عالية المستوى، مشيراً إلى أن الكثير من المرضى العاديين والكثير من التفاعلات بين الزملاء في التخصص الواحد ستتم من خلال تقنيات «الواقع الافتراضي» و«الواقع المعزز» عبر تطبيقات مخصصة يمكن تشغيلها على نظامي «آي أو إس» أو «أندرويد». وأضاف شوت أنه حسب إحصاءات معهد الطب، وهو منظمة غير هادفة للربح أنشأتها الأكاديمية الأميركية للعلوم، فإن العالم يشهد سنوياً ما يراوح بين 44 ألفاً و98 ألف وفاة بسبب الأخطاء الطبية اثناء معالجة المرضى، لافتاً إلى أنه لذلك بدأ المجتمع الطبي يتجه بصورة متزايدة لاستخدام اجراءات واساليب المحاكيات الطبية، بما فيها تطبيقات «الواقع الافتراضي» لخفض هذه الأخطاء، الأمر الذي سيجعل منها سوقاً سريعة النمو. |
ووفقاً لتفاصيل تجربة جلاسينبيرغ التي أوردها موقع computerworld.com، فإن محللين من مؤسستي «آي دي سي» و«فورستر» البحثيتين اهتموا بها، وعملوا على التعرف إليها ووضعوا تصورات حول مستقبل استخدام تقنية «الواقع الافتراضي» و«الواقع المعزز» في المجال الطبي، في ضوء ما حققته من اهتمام عفوي وغير مخطط له عقب طرح التطبيق الأول الذي حاز كل هذا الاهتمام.
بداية التجربة
وأوضح الموقع أن سام جلاسينبيرغ، الذي يعمل والده طبيب تخدير ووالدته في مجلة الجمعية الطبية الأميركية وزوجته طبيبة أطفال، تلقى طلباً من والده لعمل نموذج محاكاة بسيط، يساعد في شرح تفاصيل وإجراءات تنفيذ مناظير الحنجرة التي تعمل بالألياف الضوئية.
وفي أيام العطلات الأسبوعية، ظل سام يبني هذا «المحاكي» الذي رأى أن أفضل وسيلة له، هو بناؤه استناداً إلى واحد من محركات ألعاب الفيديو التي تمرس على تطويرها، في شركة «مايكروسوفت» وغيرها من الشركات الأخرى التي عمل فيها، إذ عمل على جعله تطبيقاً يعمل على الهواتف الذكية والحاسبات اللوحية اليدوية.
وبعد الانتهاء من التطبيق، سلّمه سام إلى والده، ثم وضع نسخة منه على متجر تطبيقات «آب ستور» لشركة «أبل» ومتجر «غوغل بلاي» المخصص لأجهزة «أندرويد»، ثم عاد بعد ثلاثة أشهر ليتابع ما جرى لهذا التطبيق، إذ فوجئ أن 100 ألف طبيب وطالب طب، حمّلوا التطبيق. وبمزيد من المتابعة، وجد أن المجتمع الطبي نفذ دراسات فعلية على التطبيق، وأظهرت هذه الدراسات أنه قام بتحسين أداء الكثير من العاملين بمجال الطب، وبات يتم تركيبه مسبقاً على أجهزة «آي باد» في كلية الطب بجامعة ستانفورد، وكذلك العديد من الأدوات الإلكترونية بالعديد من كليات الطب الصينية.
فجوة تقنية طبية
ومن هنا، أدرك جلاسينبيرغ أن هناك فجوة تقنية وطبية في هذا المجال، فضلاً عن وجود فرصة عمل واسعة، فقرر إنشاء شركة تعمل في مجال «المحاكيات الجراحية» المعتمدة على محركات بناء ألعاب الفيديو وتقنية «الواقع الافتراضي».
وخلال ثلاثة أشهر أخرى كانت فكرته اجتذبت 20 من المبرمجين المهرة في مجال الألعاب و«الواقع الافتراضي»، إضافة إلى 2.1 مليون دولار تبرعات، ومستشاراً للشركة هو الأستاذ المساعد في جراحات الأطفال بجامعة تكساس، الدكتور إريك جرانت. وطرحت الشركة، أخيراً، أول منتج احترافي لها يعمل كتطبيق على الأجهزة المحمولة، متخصص في تقديم «محاكيات جراحية» متنوعة، تتسم بالدقة الفائقة.
وأطلق جلاسينبيرغ على شركته «إكس ليفيل»، وهو الاسم نفسه الذي حمله التطبيق الأول، لكن أول تطبيق احترافي أطلقه، الشهر الماضي، حمل اسم «ايرواي إي إكس» مخصص للاستخدام من قبل أطباء التخدير والعاملين بمجال الرعاية الحركية وأطباء طب الطوارئ، وأخصائيي الجهاز التنفسي، إذ يتضمن هذا «المحاكي» إجراءات متنوعة تتم بالمناظير، وهو حالياً في مرحلة الاختبارات الأولية، ومتاح للتحميل مجاناً على متجر «آي تيونز» و«غوغل بلاي» لتطبيقات المحمول.
«محاكيات» اليوم
وفي ضوء التجربة التي مر بها، حتى الآن، يرى جلاسينبيرغ أن «المحاكيات» الجراحية الحالية تمر بمرحلة أشبه بما كانت تمر به ألعاب الفيديو في عام 1980 وما بعده، حينما كان على الراغبين في ممارسة ألعاب الفيديو الذهاب الى إحدى الصالات أو الأروقة المتخصصة، لأن معدات اللعب باهظة الثمن، سواء عند الشراء أو الصيانة. أما اليوم فلا يذهب أحد تقريباً إلى صالة متخصصة في ألعاب الفيديو، فكل شخص يمكنه أن يمارس الألعاب على الاداة أو الجهاز الموجود في بيته أو داخل جيب سترته، كما يمكنه اكتساب الخبرة بجودة عالية، ومجاناً وبسهولة، وتحديثها دورياً بمحتوى جديد.
وبالمثل، إذا أراد طبيب عمل تدريب لمدة يوم فسيكلفه ذلك الكثير من المال، ويحتاج لأن يقضي يوماً أو اثنين مع المرضى، وهذا غير مريح، فضلاً عن أن الجودة المتحققة لن تكون جيدة، و«المحاكيات» الحالية باهظة الثمن، وتوجد في مراكز متخصصة.
لذلك يأمل مؤسس شركة «إكس ليفيل» أن يصل إلى مرحلة يمكن فيها تشغيل «المحاكيات» بكل دقة على الهواتف المحمولة واليدوية والمكتبية وغيرها، وبكلفة بسيطة أو حتى مجانية. يشار إلى أنه يتم تنقيح ومراجعة برامج وتطبيقات «إكس ليفيل»، ليس فقط من قبل المبرمجين العاملين بها، لكن أيضاً في ضوء مساهمات ومداخلات من الجراحين الذين تتم استشارتهم، طلباً لما لديهم من معرفة في التدخلات الجراحية المتنوعة.