«فيس بوك» انضمت للشركات التي طبقت طريقة التشفير «من البداية للنهاية»

توقعات بسن تشريعات في أميركـا وبريطانيا وفرنسا لمنع تشفير محادثات تطبيقات التراسل

لتطبيق "ماسنجر" أمام "فيس بوك" المزيد من المعارك الفضائية.

انضمت شبكة التواصل الاجتماعي «فيس بوك» إلى موجة تشفير بيانات الدردشات والمحادثات بين مستخدمى تطبيقات التراسل بشبكات التواصل وخارجها، فقد قررت أخيراً بدء تشغيل طريقة التشفير «من البداية للنهاية» على تطبيق «ماسنجر»، فيما ارتفع مستوى الترقب لردة فعل مسؤولي الأمن ومكافحة الجريمة والإرهاب على هذه التحركات، وسادت توقعات بإجراءات مضادة عنيفة قد تصل إلى التدخل تشريعياً وأمنياً لوقف التشفير. وتوقعت دوائر قانونية أن تسن السلطات الأميركية تشريعاً لإلزام الشركات بالمحافظة على مفاتيح تسمح باستعادة البيانات في حال التحقيقات الجنائية، كما تدرس بريطانيا وفرنسا أيضاً احتمال اعتماد تشريعات من هذا القبيل.

طريقة التشفير

ممارسات سابقة

يبدو أن الكثيرين من متابعي موجة تشفير المحادثات في حالة ترقب وقلق وتوجس مما تحمله الفترة المقبلة من ردود أفعال يتوقع صدورها عن الدول والحكومات وأجهزة الأمن المختلفة، ويستند هذا القلق والترقب إلى شواهد وممارسات سابقة. وفى هذا السياق سبق للسلطات الأميركية أن دخلت في مواجهة مع شركة «أبل» في قضية فك شيفرة هاتف «آي فون»، أحد منفذي اعتداء سان برناردينو في كاليفورنيا، الذي أودى بحياة 14 شخصاً في ديسمبر الماضى. ورفضت «أبل» التعاون مع السلطات التي تمكنت في نهاية المطاف من حل المسألة بمساعدة مكتب التحقيقات الفيدرالي «إف بي آي». ودافع الرئيس التنفيذي لشركة «أبل» تيم كوك، حينها، عن موقفه من صراع القوة مع مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) الذي حاول إجبار الشركة على فك شيفرة الدخول إلى هاتف «آي فون» باسم مكافحة الإرهاب. واعتبر كوك أن هذا الأمر مسيء لأميركا. وتابع: «أنا واثق بأننا نتخذ الخيار السليم».

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2016/07/8ae6c6c554dc14260155ef7490da319d.jpg

وتفصيلاً، دشنت «فيس بوك» بقرارها بدء تشغيل طريقة التشفير «من البداية للنهاية» على تطبيق «ماسنجر» أخيراً، التطور الأحدث في موجة تشفير بيانات الدردشات والمحادثات بين مستخدمى تطبيقات التراسل بشبكات التواصل الاجتماعي وخارجها، وأضفت قوة جديدة للحالة التي يعيشها المستخدمون والشركات الموفرة لخدمات الدردشة والباحثون عن مزيد من الخصوصية والأمن خلال الفترة الأخيرة. فيما ارتفع مستوى الترقب لردة الفعل المتوقعة من خبراء ومسؤولي الأمن والقانون ومكافحة الجريمة والإرهاب والقيادات الحكومية على هذه التحركات. والمعتاد أن مزيداً من التشفير والخصوصية في المحتوى المتبادل عبر الفضاء الإلكتروني يترجم على الفور إلى قلق وتبرم، وربما إجراءات مضادة عنيفة من قبل الحكومات وأجهزة الأمن، قد تصل إلى التدخل تشريعياً وأمنياً وسيادياً لفرض أمر واقع يجعل «الحجب» والعقاب بديلاً للفرح والترحيب.

وتعني طريقة التشفير «من البداية للنهاية» تشفير المحتوى في كل مراحل انتقاله بين متداوليه من المرسل إلى الحاسبات الخادمة إلى الشبكات المختلفة التي تحمله إلى المستقبل النهائي، ويتم التشفير بمفاتيح تشفير ديناميكية متغيرة، يتم إنتاجها بين طرفي المحادثة أو الدردشة بصورة تلقائية، وتكون هذه المفاتيح مُخزنة على أجهزة المُستخدمين دون أن تمتلك الشركة أو أي جهة أخرى نسخة منها، ما يعني أن الرسائل تمر عبر الشبكة بشكل غير مقروء سواء من قبل قراصنة الإنترنت أو الحكومات، ويفهمها فقط المرسل والمستقبل، كما تكون الرسائل مُخزنة بشكل مُشفّر على الحاسبات الخادمة للشركة، ما يجعلها عصيّة على القراءة حتى بالنسبة للشركة نفسها.

وكانت خدمة البريد الإلكتروني هي الأسبق إلى الأخذ بتقنية التشفير من البداية للنهاية، فمنذ العام قبل الماضي أعلنت «ياهو» و«غوغل» عن تطبيق التشفير «من البداية للنهاية» على خدمات البريد الإلكتروني لكل منهما، «ياهو ميل» و«جيميل»، بل والأكثر من ذلك أنهما أشارتا إلى إمكانية جعل أكواد أدوات التشفير مفتوحة المصدر ومتاحة للمطورين حول العالم. وفي غضون ذلك، أقدمت شركة «أبل» على الإعلان صراحة عن تشفير المراسلات والمحادثات التي تتم من خلال تطبيقاتها ونظمها وأجهزتها المختلفة، خصوصاً «آي باد» و«آي فون».

شبكات التواصل

وفى مجال شبكات التواصل الاجتماعي، كان تطبيق «تيليغرام» المنافس لـ«واتس أب» أول تطبيق يتيح ميزة التشفير «من البداية للنهاية»، وخلال الأشهر الماضية تعاظمت موجة «تشفير» المراسلات والمحادثات والدردشات المتداولة عبر أكبر تطبيقات وشبكات التواصل الاجتماعي وأكثرها شهرة، فقد أقدم تطبيق «واتس أب» المملوك لشركة «فيس بوك» في أبريل الماضي على تشغيل ميزة التشفير من البداية للنهاية داخل التطبيق الذي يتجاوز عدد مستخدميه المليار مستخدم حول العالم، لخدمات رسائل الدردشة والصور والفيديو والمكالمات الصوتية، وذلك على جميع المنصات التي يتوافر فيها التطبيق. وأعلنت شركة «لاين» عن تطبيق التشفير «من البداية للنهاية» على تطبيقها الرسمي للمحادثات الفورية، وأخيراً جاءت خطوة «فيس بوك» السبت الماضي بتفعيل تشفير المحادثات والدردشات على «فيس بوك ماسنجر» ببروتوكول التشفير «من البداية للنهاية».

وبالنسبة لـ«فيس بوك» يتوقع أن تفتح خاصية التشفير التام لتطبيق «ماسنجر» أمام «فيس بوك» المزيد من المعارك القضائية، وقد يتم حظر التطبيق من قبل بعض الدول، مثلما فعلت البرازيل العام الماضي، حينما جمدت أموال «فيس بوك» في البلاد بعد الاعلان عن تشفير محادثات ودردشات «واتس أب»، ومطالبة القضاء البرازيلي بفك تشفير «واتس أب» للحصول على بعض الرسائل المتعلقة بقضايا تهريب مخدرات كبيرة تمت في البلاد. وردت «فيس بوك» بأن فريق عمل «واتس أب» ليس من صلاحياته الوصول إلى هذه الملفات والاطلاع عليها بسبب ميزة التشفير «من البداية للنهاية»، ما يعني أنه لن يكون قادراً على تزويد أي جهة تطلب معلومات المستخدمين بها.

ومن غير المستبعد أن يتكرر ما حدث بين «واتس أب» والسلطات البرازيلية في العديد من البلدان الأخرى، لأن صعوبة الوصول إلى البيانات المشفرة من قبل الشركات المشغلة تعني على الفور مشكلات تتعلق بالتشريعات والأوضاع القانونية، وما يسمى بالحقوق السيادية للدول.

وفي هذا السياق نقلت قناة «دويتشه فيلله» عن دوائر قانونية أن السلطات الأميركية قد تسن تشريعاً لإلزام المجموعات التكنولوجية بالمحافظة على مفاتيح تسمح باستعادة البيانات في حال التحقيقات الجنائية. وتدرس بريطانيا وفرنسا أيضاً احتمال اعتماد تشريعات من هذا القبيل.

وفي بريطانيا، توقعت صحيفة «تيليغراف» أنه في حال إقرار تشريعات من هذا القبيل سيكون من المتوقع أو الأقرب للحدوث أن تحجب السلطات في البلاد تطبيق «واتس أب» و«فيس بوك ماسنجر»، وكل التطبيقات التي تعمل بتقنية التشفير من البداية للنهاية، وهي سابقة في البلاد، فيما يبدو موقف الحكومة البريطانية متحفظاً بانتظار ما ستؤول إليه جلسات النقاش في البرلمان أولاً.

تويتر