في ظل انخفاض مبيعات «آي فون» وعدم طرح الشركة جهازاً جديداً في المستقبل القريب

علامات تُؤشر إلى تراجع النمو السريع لـ «أبل»

المستثمرون أحبّوا «أبل» مع طرحها منتجات حققت نمواً كبيراً مثل «آي فون». غيتي

اعتمد المستثمرون لفترة طويلة على أسهم «أبل» لتحقيق النمو، وفي الوقت الراهن تكثر تساؤلاتهم عما إذا كان تصنيف أسهم الشركة ضمن الفئة «سريعة النمو»، وذلك في ظل توقعات بتراجع نمو مبيعات منتجها الأساسي «آي فون»، وعدم طرحها جهازاً جديداً مهماً في المستقبل القريب.

 

وبالفعل بدأ المستثمرون التعامل مع سهم «أبل» ضمن فئة «القيمة» Value Stock التي ترتبط بالشركات التي تُحقق نتائج متوقعة وأرباحاً يُمكن الاعتماد عليها، في مقابل الفئة «سريعة النمو» Growth Stock التي تتزايد قيمتها وأرباحها سريعاً. وغالباً ما ترتبط أسهم فئة القيمة بتقدير أقل للقيمة السوقية للشركات مقارنةً مع الأسهم سريعة النمو.

وقال مدير صندوق التمويل في شركة «بي إم أو غلوبال» لإدارة الأصول، إرنست راموس، إن المستثمرين أحبوا «أبل» مع طرحها منتجات أحرزت نجاحاً كبيراً وحققت نمواً هائلاً، مثل «آي بود» و«آي فون». ونظراً لاعتقادهم أنها لن تُقدم النوع نفسه خلال السنوات الخمس المقبلة فقد حولوا تصنيفها إلى فئة أخرى.

وتُدير «بي إم أو غلوبال» صندوقاً بقيمة 18 مليار دولار، ويُعد أكبر ملاك الأسهم في «أبل». وقال راموس إن شركته لاتزال تُدرج سهم «أبل» ضمن بعض صناديق النمو، لكنها بدأت في إدراجها ضمن صناديق القيمة ابتداءً من منتصف عام 2013.

ويمثل تغيير التصنيف تحولاً في طريقة تصور شركة «أبل»، فبينما تُعتبر شركات في قطاع التكنولوجيا مثل «نتفلكس» ضمن الفئة سريعة النمو بسبب زيادة عائداتها بنسبة 22.8% خلال الربع الأخير من العام مُقارنةً مع السنة الماضية، ينضم سهم «أبل» إلى فئة شركات أقدم تاريخاً في قطاع التكنولوجيا، مثل «سيسكو» و«أوراكل» و«إنتل».

وعلاوة على ذلك، قد يكون التحول من الفئة سريعة النمو إلى فئة القيمة عملية طويلة ومؤلمة. ويلجأ المستثمرون المهتمون بالنمو إلى بيع أسهمهم في شركة ما وتخفيض سعر السهم لدرجة تُغري المستثمرين المهتمين بالفائدة لشرائها، ويُقبِل النوع الأخير على شراء الأسهم التي يعتقدون أن سعرها يقل عن القيمة الحقيقية للشركة.

وفي عالم التكنولوجيا غالباً ما يرى المستثمرون في التحول من فئة «سريعة النمو» إلى «القيمة» إشارات الى مواجهة الشركات منافسين يقدمون منتجات أكثر ابتكاراً، الأمر الذي يُثير الشكوك حول قدرة الشركات على الاحتفاظ بأهميتها ومكانتها.

وقال المحلل في شركة «إس آند بي كابيتال آي كيو» للأبحاث، أنغيلو زينو، إن «المستثمرين لا يحبون رؤية كلمتَي التكنولوجيا والقيمة معاً، نظراً لأن تباطؤ النمو في شركة تكنولوجيا يعني أن أحد الأشياء الأساسية لا تعمل على النحو الصحيح»، وفي المقابل، رفضت مُتحدثة باسم شركة «أبل» التعليق.

كما أن مضاعفات هذا الأمر تتجاوز «أبل»، فخلال السنوات الأخيرة أسهم أداؤها الجيد في رفع السوق عموماً. وفي حال حُذف سهم «أبل» من مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» للأسهم في خمسة أعوام من بين الأعوام السبعة الماضية سيتراجع المؤشر بنحو نقطة مئوية واحدة. وعلى سبيل المثال ففي عام 2014، ارتفع المؤشر بنسبة 13.7% حال احتساب سهم «أبل»، وبنسبة 12.9% حال استبعاده.

ويبدو تأثير «أبل» أكثر وضوحاً عند النظر إلى شركات التكنولوجيا تحديداً، إذ يتراجع الارتفاع السنوي في المؤشر لأسهم التكنولوجيا في عام 2009 بنسبة 6% إذا لم يتم إدراج سهم «أبل»، وينخفض من 62 إلى 56%. وبات تأثير «أبل» أقل قوة العام الماضي بالتوازي مع انخفاض معدل النمو في الشركة.

واتجه المستثمرون إلى شركات أخرى تشمل، «فيس بوك» و«أمازون» و«نتفلكس» و«ألفابت» التي تمتلك «غوغل»، ويشار إلى الشركات الأربع اختصاراً باسم «فانغ» FANG. ويتوقع أن تُحقق كل منها نمواً في العائدات السنوية يراوح بين 23 و40% خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2015، بينما يتوقع تحقيق «أبل» نسبة نمو تبلغ 3%، وفقاً لبيانات «بلومبرغ».

وقال راموس إن شركات مثل «أمازون» تتمتع بإمكانات أكبر للنمو، ومع ذلك سيحتفظ صندوق شركته بأسهمه في «أبل»، وقال: «ستشهد (أمازون) نمواً بنسبة 20% في العائدات، ويُتوقع حدوث تصاعد كبير في الأرباح مقابل كل سهم. هذه قصة نمو قوية للغاية».

وخلال الأشهر الأخيرة عصفت بعض المخاوف بأسهم شركة «أبل» في ظل تباطؤ نمو الاقتصاد في الصين التي تُعد واحدة من أكبر أسواق الشركة. وألقت نصف الشركات التي تُنتج الأجزاء المُكونة لهواتف «آي فون» باللائمة على تراجع طلب «أبل» في تحقيقها أرباحاً تقل عن المُتوقع، الأمر الذي أثار المخاوف بشأن مسيرة مبيعات «أبل».

وتراجعت أسهم «أبل» إجمالاً بنسبة 4.7% خلال عام 2015، وخلال العام الجاري تراجعت حتى الآن بنسبة 3.7%، بينما تراجع مؤشر «إس آند بي 500» بنسبة 6.7%. وتفصل شركة «ألفابت» مسافة قليلة جداً لتتخطى «أبل» كأكبر شركة في العالم من ناحية القيمة السوقية.

وقال المُحلل في شركة «إم كيه إم بارتنرز» للأبحاث والتداول، جوناثان كرينسكي: «إذا ما رغبت في التفوق في السوق، تُحقق أسهم (فانغ) أداءً جيداً»، ومع ذلك اشار إلى أن أسهم «أبل» تظل من بين الأسهم التي يتوجب متابعتها عن كثب، نظراً لدخولها ضمن العديد من مُؤشرات الأسهم.

وفي المستقبل ربما يواصل المستثمرون تصنيفهم لأسهم «أبل» ضمن الفئة سريعة النمو حال تمكنت الشركة من طرح منتج جديد يحقق نجاحاً باهراً، ويرفع مرة أخرى معدلات المبيعات. ويُشير المحللون في أسواق الأوراق المالية إلى شركة «مايكروسوفت» كمثال لذلك، فبعدما فقدت جانباً من قوتها وأهميتها أجرت بعض التعديلات اللازمة لتحقيق نمو قوي في الإيرادات مُجدداً.

وربما يكون في جعبة «أبل» منتج جديد يكرر قصص تفوقها السابقة مع «آي بود» والطُرز بالغة النجاح من «آي فون». وفي العام الماضي خاضت الشركة للمرة الأولى مجال منتجات الحوسبة القابلة للارتداء بتقديم ساعة «أبل ووتش»، كما تسعى لتحقيق الريادة في مجال أنظمة تشغيل داخل السيارات من خلال نظام «كار بلاي»، وعلاوة على ذلك تعمل على تطوير سيارة خاصة. وأخيراً غادر المسؤول التنفيذي عن مشروع تطوير سيارة «أبل»، ستيف زادسكي، الشركة لأسباب شخصية، بحسب ما ذكر أحد المصادر القريبة من الأمر لصحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية.

ولا تعتبر هذه المرة الأولى التي يجري فيها تصنيف أسهم «أبل» ضمن فئة القيمة، ففي عام 2013 توصلت شركة «فوتسي راسل» التي تصدر عدداً من مؤشرات الأسهم إلى أن سهم «أبل» لم يعد متوافقاً مع معاييرها للأسهم سريعة النمو.

وصنفت الشركة بعض أسهم «أبل» ضمن مؤشر راسل لأسهم القيمة، مع احتفاظها بمكانها ضمن أسهم النمو. وفي عام 2014 وبعدما ارتفعت مبيعات «أبل» بسبب طرح «آي فون 6» عاد سهم «أبل» إلى مؤشر راسل للنمو.

وقال مدير الأبحاث في شركة «فوتسي راسل»، توم غودوين، إن سعر السهم ومستوى نمو المبيعات وتوقعات المحللين جميعها عوامل تحدد وضع سهم شركة ضمن مؤشر النمو أو القيمة أو في كليهما، وأضاف أن ثلث عدد الأسهم التي يتابعها «مؤشر راسل» تنتمي إلى الفئتين.

لكن وحتى تكشف «أبل» عن سبب جديد لزيادة مبيعات «آي فون»، فسيجري اعتبارها ضمن مؤشر أسهم القيمة، كما قال زينو من شركة «إس آند بي كابيتال آي كيو».

 

 

تويتر