الجزء الأكبر من الاستثمارات في القطاع يتجه إلى «الناشئة» منها
شركات تكنولوجيا التعليم تُغير وجهتها من المدارس إلى التدريب المهني
vالعدد الكبير من التطبيقات التعليمية المتوافرة للمدارس الأميركية يظهر ازدهاراً كبيراً في شركات تكنولوجيا التعليم. غيتي
يظهر العدد الكبير من التطبيقات التعليمية المتوافرة للمدارس الأميركية من المرحلة الابتدائية وحتى الثانوية، ازدهاراً كبيراً في شركات تكنولوجيا التعليم، لكن التدقيق في اتجاه الاستثمارات يروي قصةً مختلفة، فعلى الرغم من وفرة المنتجات المبتكرة التي تستهدف المدارس، تجتذب الشركات الناشئة، التي تُركز منتجاتها على التعليم العالي وتدريب الموظفين والمستهلكين المستعدين لإنفاق المال من أجل تحسين مسارهم المهني، الجانب الأكبر من التمويل.
ويُوجد في الولايات المتحدة أكثر من 3900 تطبيق لتعليم الرياضيات والقراءة وأنظمة لإدارة الفصول الدراسية وغيرها من خدمات البرمجيات، وفقًا لشركة «ليرن تريلر» LearnTrials الناشئة التي تُوفر للمناطق التعليمية خدمة تقييم هذه الأدوات وإدارتها.
وفي ما يتعلق بتمويل الشركات الناشئة في مجال تكنولوجيا التعليم، أظهر تقرير جديد صدر عن شركة «سي بي إنسايتس» للأبحاث تصاعد الإقبال على تمويل شركات تكنولوجيا التعليم المبتدئة، إذ بلغ 2.98 مليار دولار العام الماضي مقابل 1.87 مليار دولار في عام 2014.
ويُرجع محللون جانباً كبيراً من الزيادة إلى سبع دورات تمويل تبلغ قيمة كل منها 100 مليون دولار أو أكثر. ولم تنل أيّاً منها الشركات الناشئة التي تُوجه منتجاتها إلى المدارس الأميركية العامة. ومن بين الشركات التي اجتذبت تمويلًا كبيرا «يوداستي» Udacity التي تُوفر دورات في تطوير البرمجيات وتحليل البيانات وجمعت 105 ملايين دولار، و«هوت تشوك» HotChalk التي تُتيح برامج للجامعات على الإنترنت لتقديم الدرجات التعليمية واجتذبت 230 مليون دولار.
إضافة إلى عدد من الشركات الناشئة في الصين، منها ما يُتيح منصة للتدريب وتعليم اللغات على الإنترنت، مثل «توتر غروب» TutorGroup التي اجتذبت 200 مليون دولار، ومنها ما يُوفر منصة للمواد التعليمية والفيديو مثل «هوجيانغ» Hujiang وجمعت 157 مليون دولار وغيرها.
ويُسلط الاتجاه الراهن في التمويل الضوء على الصعوبات التي تُواجه الكثير من الشركات الصغيرة المُطورة للتطبيقات المُخصصة لاستخدام المدارس. وتنجح الكثير منها في جمع التمويل خلال المراحل المبكرة وغالباً ما تجتذب مبالغ محدودة. ونجح القليل منها في تحقيق انتشار واسع بفضل تقليدها التطبيقات واسعة الانتشار الموجهة للمستهلكين وتوفير منتجاتها مجاناً.
ومع ذلك، يُرجح محللون أن الشركات الناشئة التي لم تتوصل بعد إلى طريقة لجني المال ستشهد أوقاتاً صعبة خلال سعيها لجمع التمويل في مرحلة لاحقة من مسيرتها، الأمر الذي قد يؤثر جذرياً في المجال بأكمله. وقال محلل الأبحاث في «سي بي إنسايتس»، ماثيو وونغ، إن هذه الشركات تتعرض لضغوط لإظهار قدرتها على توفير نماذج تجارية ولتحقيق إيرادات قابلة للتوسع.
وفي المُقابل، كان من السهل على الشركات التي تُركز على توفير تدريب لموظفي الشركات أو على تدريبات مهنية، كتعليم تطوير البرمجيات للكبار تحقيق إيرادات من خلال تسويق منتجاتها مباشرة إلى الشركات أو المستهلكين. ومثلاً جمعت شركة «ليندا. كوم» Lynda.com التي تُتيح تدريب عبر مقاطع الفيديو للشركات ومطوري البرمجيات والمهنيين تمويلاً بقيمة 186 مليون دولار في 2015، ولاحقاً استحوذت عليها شركة «لينكدإن» نظير 1.5 مليار دولار.
وتُقدم الكثير من الشركات على الاشتراك في خدمات لإدارة برامج التدريب الداخلية، الأمر الذي دفع عدداً من الشركات الناشئة للتفكير مجدداً في جمهورها المستهدف وتحويل تركيزها من المجال الأكاديمي إلى عالم الشركات. وعبر عن ذلك الرئيس التنفيذي لشركة «إنستركشر» Instructure، جوش كوتس بقوله: «التفسير بسيط جداً، وهو أن الشركات تمتلك المال». وأطلقت «إنستركشر» في عام 2011 نظاماً لإدارة التعلم مُوجه للجامعات والمناطق التعليمية باسم «كانفاس»، وفي العام الماضي وسعت استراتيجيتها لتضم منصات تدريب موظفي الشركات. ويرى كوتس أن شركته ستحصل على معظم عائداتها لاحقاً من خلال عملها مع الشركات.
وبرر كوتس ذلك بأن الشركات ستكون على استعداد تام لدفع 50 دولاراً مُقابل تدريب الموظفين، إذا ما كان ذلك سيُحسن أداء الموظف بنسبة 2%، بينما لا يُمكن للمدارس إجراء الحساب نفسه، ولا يتضح لديها العائد على الاستثمار بهذا النحو. وفي نوفمبر الماضي طرحت «إنستركشر» أسهمها في سوق الأوراق المالية، وبلغت قيمتها السوقية نهاية الأسبوع الماضي 490 مليون دولار.
وبينما يتخوف المستثمرون من توجيه مبالغ هائلة إلى الشركات الناشئة التي تُركز على المدارس العامة، حقق استخدام تكنولوجيا التعليم نموا مطردا خلال السنوات القليلة الماضية لأسباب عدة، منها الإعانات الحكومية الكبيرة للمناطق التعليمية لتوفير سرعات اتصال عالية بالإنترنت.
كما زادت المناطق التعليمية والمدارس من إنفاقها على شراء الحواسيب اللوحية والمحمولة والمكتبية للطلاب، الأمر الذي عزز من حضور شركات التكنولوجيا العملاقة في مجال التعليم ومنها «غوغل» و«أبل» و«مايكروسوفت». كما أن زيادة توافر الأجهزة المُتصلة بالإنترنت مهدت السبيل أمام جيل جديد من تطبيقات التعلم والمواقع وخدمات البرمجيات. ونجح البعض منها في جذب قاعدة كبيرة من المستخدمين من خلال توفير المنتج الأساسي مجاناً للمعلمين، وتحصيل الرسوم من المدارس نظير حصولها على ميزات إضافية.
ولفت المُؤسس المُشارك في «أول فنتشرز» Owl Ventures، توري باترسون، إلى وجود عدد من الشركات التي وسعت عملها على نطاق كبير خلال فترات قصيرة، وجذبت مئات أو آلافاً وربما أكثر من مليون مستخدم اعتماداً على رأس مال منخفض وإنفاق قليل الأثر في السوق. وتستثمر «أول فنتشرز» لرأس المال المخاطر في الشركات الناشئة المتخصصة في تكنولوجيا التعليم.
وتُواجه الشركات الناشئة المتخصصة في البرمجيات التي تستهدف المدارس تحديات منها انقسام السوق، وتضم الولايات المتحدة نحو 13500 منطقة تعليمية تتبع كل منها مراجعة خاصة للمنهج الدراسي، وغالباً ما تستغرق عمليات الشراء أشهراً عدة.
كما لم يتضح بعد تأثير أحدث موجة من تكنولوجيا التعليم في تحسين النتائج الأكاديمية لمعظم الطلاب بمُعدل لافت على المدى الطويل، لكن مناصروها يدافعون عن دورها في جعل الوصول للتعليم أكثر سهولة وكفاءة.
وتُساعد مؤسسة «جيفرسون إديوكيشن أكسلوريتر» كمياً، الشركات الناشئة العاملة في مجال تكنولوجيا التعليم على دراسة فاعلية منتجاتها. وقال الرئيس التنفيذي للمؤسسة، بارت إبشتاين: «حين أتحدث إلى المستثمرين، يقولون إنهم يودون الاستثمار فقط في الشركات التي تُحدث فارقاً في تحسين التعليم، ويُمكن قياس نتائجها كمياً». وأشار إبشتاين إلى ضعف تأثير البحث في القرارات الشرائية للمدارس، قائلاً: «البحث مُعقد وباهظ الكلفة وخطير. وفي الوقت الراهن لا يهم كثيرا في اتخاذ معظم المدارس قرارات الشراء».
وتُعول بعض الشركات المبتدئة في تكنولوجيا التعليم كثيرا على عدم الاقتصار على المدارس، وتوسع اهتمامها ليشمل الشركات والمهنيين والآباء. واعتبرت المُؤسسة المشاركة في صندوق «ريتش كابيتال» لتمويل تكنولوجيا التعليم، جينيفر كارولان، أن المدارس من المرحلة الابتدائية إلى الثانوية تُمثل سوقاً محدودة. وقالت: «يتطلع المستثمرون إلى الأسواق القريبة كالمستهلكين والتعليم الدولي والشركات».
ونظراً لأن الكثير من الشركات الناشئة التي تتوجه بمنتجاتها إلى المدارس لاتزال جديدة، يتوقع المشارك في صندوق «كابور كابيتال» لرأس المال المغامر، ميتش كابور، أن تحتاج تكنولوجيا التعليم للمدارس إلى فترة تراوح بين سبعة و10 أعوام لتصير الأمور أكثر وضوحاً.