مع كثرة تهديد المنافسين ودخول شركات مثل «غوغل» و«أبل» لصناعة السيارات

إقبال «تسلا» على التوظيف يزيد تنافس شركات السيارات على مهندسي البرمجيات

نشر الرئيس التنفيذي لشركة «تسلا موتورز» للسيارات الكهربائية، إيلون موسك، قبل أسابيع قليلة، عبر حسابه في «تويتر» تغريدات يُعلن فيها عن حاجة الشركة إلى مهندسين للبرمجيات للعمل في برنامجها لـ«السيارات ذاتية القيادة». وهو ما يكشف عن جانب من خطط «تسلا» لإضافة آلاف الموظفين الجدد في وقت تتغير فيه سريعاً صناعة السيارات. ويأتي ذلك في ظل تزايد تهديد المنافسين، وخوض شركات ناشئة مجال صناعة السيارات إلى جانب شركات التكنولوجيا الكبيرة، فضلاً عن الشركات المعروفة في مجال السيارات. وتُخطط «تسلا» لافتتاح مصنع للبطاريات قريباً في ولاية نيفادا الأميركية، كما تعتزم ضم آلاف الموظفين الجدد خلال السنوات المُقبلة مع اشتعال المنافسة بين شركات السيارات لجذب المواهب المتخصصة في التكنولوجيا.

وتتنافس «تسلا»، التي تأسست في عام 2003، مع عدد متزايد من شركات صناعة السيارات التي تُسارع إلى وادي السيليكون في ولاية كاليفورنيا، من أجل البحث عن متخصصين في تطوير البرمجيات وغيرها من المكونات اللازمة لعمل السيارات الكهربائية أو «ذاتية القيادة» في المستقبل. ومن بين الشركات الناشئة «فارادي فيوتشر» Faraday Future التي تحظى بدعمٍ صيني، و«كارما أوتوموتيف» Karma Automotive، و«أتيفا» Atieva. وتسعى هذه الشركات لاجتذاب موظفين من «تسلا» لمتابعة مشروعاتها لإنتاج سيارات كهربائية.

وفي الوقت نفسه، تُوسع الشركات الراسخة في صناعة السيارات حضورها في وادي السيليكون، وتزيد استثماراتها في مشروعات جديدة، بهدف تحسين قدرتها على مواجهة «غوغل» و«أبل» مع اتجاه الشركتين إلى تطوير السيارات.

وشهدت شركة «تسلا» زيادة لافتة في أعداد موظفيها من نحو 899 موظفاً في نهاية عام 2010 إلى 14 ألف موظف في الوقت الراهن. وتُخطط لضم 4500 موظف في ولاية كاليفورنيا وحدها خلال الأعوام الأربعة المقبلة، بحسب ما كشفت عنه بنود إعفاء ضريبي بقيمة 15 مليون دولار العام الجاري. ولدى الشركة حالياً 1600 وظيفة متاحة، وتتطلع إلى توظيف مهندسين لدعم مساعيها في برنامج «أوتو بايلوت» Autopilot لـ«السيارات ذاتية القيادة». ونظراً لاعتماد نموذج عمل «تسلا» على توقعات بنمو هائل بنهاية العقد الحالي، يحتاج الرئيس التنفيذي للشركة، إيلون موسك إلى ضم موظفين بوتيرة أسرع تفوق شركات السيارات العادية ذات الإنتاج الأقل. وفي تغريدات موسك لما يقرب من 3.1 ملايين مُتابع للإعلان عن طلب مهندسي البرمجيات أكد أنه «لا تُشترط خبرة سابقة مع السيارات، من فضلك ارفق عينة من التعليمات البرمجية أو رابطاً لأعمالك». ولفت موسك إلى عزمه إجراء مُقابلات شخصية مع المُتقدمين، مُشيراً إلى ما يُمثله برنامج «أوتو بايلوت» من أهمية قصوى للشركة وإطلاعه شخصياً على تقارير البرنامج.

وقالت مُتحدثة باسم شركة «تسلا»: «نحن وجهة مهنية لمهندسي البرمجيات المتحمسين وأصحاب الموهبة الكبيرة». وفتحت تغريدة موسك الباب أمام موجة جديدة من المرشحين الاستثنائيين. وقال الرئيس التنفيذي لشركة «ستيفن ستيب برو» Seven Step RPO للتوظيف، باول هارتي، إن «اعتماد (تسلا) على شهرة موسك لجذب مهندسين جدد ربما تكون استراتيجية أكثر كفاءة من ناحية التكلفة بما يفوق الاستعانة بشركات التوظيف». وحالياً ارتفعت الرسوم التي تحصل عليها شركات التوظيف في منطقة خليج سان فرانسيسكو مُقابل جذب مهندسي البرمجيات، وتراوح ما بين 30 و40 ألف دولار نظير كل مهندس.

وفي ما يتعلق بشركة «تسلا»، تعكس القيمة السوقية لها التي تبلغ 30 مليار دولار تفاؤل سوق الأوراق المالية والمستثمرين بآفاق نموها في المستقبل، لكن الشركة تخوض مساراً مالياً عسيراً في ظل مواصلتها إنفاق المال دون الاهتمام بتحقيق الأرباح في عددٍ من المشروعات المستقبلية. ولا تتجاوز «تسلا» رصيدها المالي فقط، بل تتخطى إمكانات مقرها ما يدفعها إلى التوسع في وادي السيليكون بسبب تنامي أعداد موظفيها ومقرها الصغير في مدينة بالو ألتو في ولاية كاليفورنيا. ودائماً ما تُسند الشركة إلى شخص مهمة العثور على مكان لإيقاف سيارات الموظفين بسبب انشغال مساحة انتظار في مقرها باستمرار. كما أن «تسلا» نقلت الكثير من الأعمال الهندسية والمكتبية إلى مصنعها في مدينة فيرمونت في كاليفورنيا، وتشغل المكاتب مساحات كبيرة من المصنع، كما تمتلئ تماماً المساحة المُخصصة لانتظار السيارات التي شاركت «جنرال موتورز» و«تويوتا» في ملكيتها سابقاً.

وكان موسك قد تحدث في شهر سبتمبر الماضي عن تخطيط «تسلا» لإنشاء مقر جديد، وقال: «أعتقد أننا سنُشيد مقراً شاملاً في مرحلة ما في المستقبل». وأضاف أن المقر الجديد سيكون في كاليفورنيا دون أن يتحدد موقعه بعد.

وفي الوقت الراهن، تعمل شركة «تسلا» في ثماني بنايات في منطقة خليج سان فرانسيسكو، وانتقلت أخيراً لتشغل مركزاً سابقاً لتصنيع الألواح الشمسية لشركة «سوليندرا» التي أفلست في عام 2011. وشهد المبنى حفلة كشفها عن سيارتها الرياضية متعددة الأغراض «موديل إكس» في وقتٍ سابق من عام 2015.

ويُعتبر مستوى التوظيف في «تسلا» بالنسبة لإنتاجها من السيارات مُرتفعاً نسبياً مُقارنةً بالشركات الأخرى المُصنعة للسيارات. وعلى سبيل المثال، تُقدر مبيعات «جاجوار لاند روفر» التي تمتلكها شركة «تاتا موتورز» بـ500 ألف سيارة خلال 2015، ويعمل بها 36 ألف موظف ما يعني إنتاجها 13.8 سيارة لكل موظف. وفي المُقابل، تصل مبيعات «تسلا» إلى 52 ألف سيارة، ويعمل فيها 14 ألف موظف، ما يُساوي 3.7 سيارات تقريباً لكل عامل. ويرجع ذلك جزئياً إلى خوض «تسلا» مرحلة من التوسع وتخطيطها لزيادة المبيعات مُستقبلاً، كما تُنجز مزيداً من المهام وتُنتج المزيد من أجزاء سياراتها، مثلما استبدلت أخيراً الشركة المزودة للمقاعد لسيارة «موديل إكس» بفريق إنتاج داخلي، وهو أمر يندر حدوثه للغاية في مجال صناعة السيارات.

تويتر