جذبت استثمارات 4.45 مليارات دولار العام الجاري
شركات التكنولوجيا الناشئة في الهند تُواجه نقص الكفاءات في الهندسة وتطوير البرمجيات
شركة «فليبكارت» ضمت بونيت سوني قادماً من «موتورلا موبيليتي» التي كانت جزءاً من شركة «غوغل». الإمارات اليوم
تخوض الشركات الهندية الناشئة المُتخصصة في التكنولوجيا سباقاً لتوظيف المهارات اللازمة، في ظل تدفق الاستثمارات وتنامي مساعيها للتوسع والتفوق على مُنافسيها، لكنها تُعاني نقص الكفاءات في مجال الهندسة وتطوير البرمجيات، الأمر الذي أسهم في ارتفاع الأجور سريعاً خلال السنوات القليلة الماضية، وأضر بخطط التوسع لدى بعضها.
وخلال العام الجاري ضخت استثمارات رأس المال المغامر 4.45 مليارات دولار في الشركات الهندية الناشئة، ما يتجاوز استثمارات العام الماضي، التي بلغت أربعة مليارات دولار، بحسب بيانات شركة «فنتشر إنتيلجنس».
ولا تفتقر الهند إلى المتخصصين في تكنولوجيا المعلومات وتطوير البرمجيات، بل يعمل الكثير منهم في هذه المجالات في الشركات الأميركية وغيرها، وليس أقلهم الرئيس التنفيذي لشركة «غوغل»، سوندار بيتشاي، والرئيس التنفيذي لشركة «مايكروسوفت»، ساتيا ناديلا، بالإضافة إلى دورهم في مجال التعهيد الخارجي الضخم في الهند. لكن المسؤولين في قطاع التكنولوجيا يرون أن القليل منهم يتمتعون بالقدرات الفائقة التي تتلهف عليها الشركات الناشئة في مجالات، مثل التجارة الإلكترونية وتطبيقات الهواتف الذكية لطلب السيارات. وتُحاول الشركات الكبيرة اجتذاب الكفاءات الهندية المهاجرة من شركات التكنولوجيا الأميركية الكبرى للعمل في الهند. وفي شهر يونيو الماضي، أعلنت شركة «سناب ديل» للتجارة الإلكترونية عن توظيفها المسؤول التنفيذي السابق في «ياهو»، أناند تشاندراسكاران، ليتولى منصب الرئيس التنفيذي للمنتجات لديها، كما ضمت شركة «فليبكارت» للتجارة الإلكترونية، قبل أشهرعدة، بونيت سوني، الذي أشرف على هندسة البرمجيات في وحدة «موتورلا موبيليتي» التي كانت جزءاً من شركة «غوغل». وأعلنت الأسبوع الماضي عن توظيف المسؤول السابق في «غوغل»، وصاحب الخبرة الكبيرة في التطبيقات، سروجيت تشاترجي للعمل ضمن فريق «سوني».
وقال مُؤسسو الشركات الناشئة وعددٌ من المسؤولين التنفيذيين في قطاع التكنولوجيا إن رواتب مهندسي البرمجيات تصاعدت بشكلٍ كبير خلال الأعوام القليلة الماضية. وفي حين بلغ راتب مطور البرمجيات في المراحل الأولى من عمله 25 ألف دولار في عام 2012، فبمقدوره حالياً أن يطلب أكثر من 45 ألف دولار بحسب المؤسس المشارك في موقع «هاكر إيرث»، ساشين جوبتا، الذي تستعين به شركات التكنولوجيا الناشئة لتوظيف المطورين. وارتفعت رواتب المستويات العليا في الوظائف التقنية الذين يتولون الإشراف على فرق الموظفين من 100 ألف إلى 200 ألف دولار، وفقاً لما قاله جوبتا الذي عمل سابقاً في كلٍ من «غوغل» و«مايكروسوفت»، وأضاف: «هناك طلب مرتفع جداً على المواهب المُتخصصة».
وفي حين راوحت الزيادة السنوية في رواتب المهندسين من أصحاب المستويات المتفاوتة من الخبرة بين 10% و15% قبل سنوات قليلة، ارتفعت حالياً إلى زيادة تراوح بين 30% و40% سنوياً، في ظل تخصيص الشركات المزيد من الأموال للإبقاء على موظفيها الجيدين، وتجنب اتجاههم للعمل مع الشركات المُنافسة، بحسب ما يقول الكثير من مؤسسي الشركات الناشئة والمسؤولين في قطاع شركات التكنولوجيا في الهند.
ومثلاً تعيّن على رائد الأعمال أمولمت شادها، الذي أسس شركة تُوفر تطبيقاً لحجز السيارات عبر الهواتف الذكية، زيادة ميزانية الرواتب في شركته بنسبة 30% خلال الأشهر الأربعة الأخيرة، كي يتمكن من الحفاظ على موظفيه.
وبينما تلفت معدلات زيادة الرواتب في الهند الأنظار عند مُقارنتها بالناتج المحلي الإجمالي للفرد الذي يبلغ نحو 1500 دولار سنوياً بحسب تقديرات «البنك الدولي»، إلا أنها تظل أقل من رواتب الوظائف نفسها في شركات وادي السيليكون في الولايات المتحدة.
وفي شهر أغسطس الماضي، ذكرت شركة «ريفيرا بارتنرز» للتوظيف في مدينة سان فرانسيسكو الأميركية أن رواتب مهندسي البرمجيات في شركات منطقة خليج سان فرانسيسكو تراوح بين 127 ألفاً و154 ألف دولار في العام، ويحصل المطورون من ذوي المستويات الوظيفية الأعلى على رواتب أكثر ارتفاعاً.
وفي العام الماضي، ضمت الولايات المتحدة نحو 2.4 مليون مطور للبرمجيات، ما يتجاوز مختلف بلدان العالم، ويُساوي تقريباً ضعف عددهم في الهند الذي يبلغ 1.3 مليون مطور، بحسب شركة «آي دي سي» للأبحاث. وفي ما يتعلق بعدد الشركات الناشئة في الهند، فيتجاوز عددها في الوقت الراهن 4000 شركة، ما يقل كثيراً عن عددها في الولايات المتحدة، ويتجاوز الصين، ويُساوي عدد الشركات الناشئة في المملكة المتحدة، وفقاً لبيانات شركة «ناسكوم» الهندية المُتخصصة في قطاع التكنولوجيا.
ويعمل الكثير من مطوري البرمجيات والمتخصصين في تكنولوجيا المعلومات من الهند في الولايات المتحدة، لكن القليل منهم يقبل بالتخلي عن عمله هناك للحصول على فرص للتوظيف في الهند، على الرغم من انخفاض تكاليف المعيشة وتوافر الروابط العائلية، بحسب ما يرى مسؤولون في شركات التكنولوجيا.
ويسعى مطورو البرمجيات الهنود للاستفادة من تعطش الشركات الناشئة على المهارات، وتنامي مُعدلات الطلب على المتخصصين. وقال مُطور برمجيات، أبهيراج سينج، الذي يبلغ من العمر 25 عاماً، ويعمل في منصة «هاوسينج.كوم» المتخصصة للبحث عن العقارات، إن بعض الشركات الناشئة تُوفر مزايا إضافية لموظفيها، مثل العضوية المجانية في نوادي اللياقة البدنية، ودفع مقابل المواصلات إلى العمل عبر تطبيق «أوبر»، بالإضافة إلى ما وصفه بالميزة الأفضل بالنسبة له، ويحصل عليها فعلياً، وهي تناول السلطة في وجبة الغداء في مكتبه. أما مهندس البرمجيات، أنشول جويل، فقد تخرج في الجامعة في عام 2013. ومنذ ذلك الحين غيّر الشاب، الذي يبلغ من العمر 24 عاماً، وظيفته ثلاث مرات، وتنقل من شركة هندية للتكنولوجيا إلى أخرى، وتضاعف راتبه. ويتخصص جويل في كتابة التعليمات البرمجية التي تستخدمها شركات التجارة الإلكترونية للتنبؤ بسلوكيات المستهلكين. وقال جويل إنه «يتلقى فيضاً من رسائل مسؤولي التوظيف الباحثين عن الكفاءات في مجال البرمجيات، وهو أمر لا يقتصر عليه وحده». ويعمل حالياً في شركة ناشئة تتخصص في مُشاركة الموسيقى، ويتولى الإشراف على فريقٍ صغير من المهندسين، ما يصفه بأمر لا يُمكن تصوره تقريباً بالنسبة لشخص في مثل عمره.
وقال جويل: «أحياناً نتلقى عروضاً مُربحة، ونُفكر أنه ربما في مرحلة لاحقة بعد عام ستنفجر الفقاعة». ومع ذلك، لايزال جويل مُتفائلاً بتواصل إقبال استثمارات رأس المال المُغامر على الشركات الهندية، حتى أنه يُفكر شخصياً في إطلاق مشروعه الخاص خلال عام أو عامين.