مطورو «برمجيات بيئة العمل» يرون أنها تعتمد على المشاركة وتسهم في زيادة الشفافية

شركات تستعين بأدوات تقنية لتنظيم أوقات موظفيها

صورة

لا يعني وجود الموظفين في مكتب العمل إنجازهم لمهامهم طوال الوقت، إذ تواجه المؤسسات بمختلف تخصصاتها وأحجامها مشكلة إدارة الموارد البشرية بالشكل الأمثل للطرفين، ورفع مستوى الإنتاجية، وفي سبيل ذلك تستعين بتقنيات جديدة تتيح متابعة ذوي الياقات البيضاء أو أصحاب الوظائف المكتبية بسبل لم تكن متاحة قبل سنوات قليلة.

ويتزايد إقبال مصانع وجامعات ومؤسسات غير هادفة للربح وشركات تقنية ناشئة ومتاجر على أدوات لمتابعة أداء الموظفين ومساعدتهم على التركيز وتشجيعهم، والتأكد من انتظام مواعيد الحضور والانصراف. وتسهم هذه الأدوات في تعزيز الارتباط بين الموظفين وبعضهم بعضاً، ولاسيما مع عملهم من مناطق جغرافية متباينة أو من منازلهم، وقد تزيد معدل الإنتاجية.

وفي ظل التأثير القوي لآليات إدارة القوى العاملة في بيئات العمل اليوم، يثار الكثير من الأسئلة حول كيفية استفادة المديرين منها في زيادة اهتمام الموظفين، ودور القدر المتزايد من البيانات في تحديد أهمية كل موظف وقيمته للعمل، والتفرقة الدقيقة بين العمل الجاد والعمل لفترات تتجاوز القدر اللازم والمقبول.

وقال المدير المساعد في مركز الأعمال الرقمية بكلية سلون للإدارة التابعة لمعهد «ماساتشوستس» للتكنولوجيا في أميركا، أندرو مكافي، إن المؤثرات الضخمة للعولمة والتقدم التقني قللت الحاجة إلى النوع السابق من الموظفين ذوي الياقات البيضاء، مشيراً إلى وجود الكثير من المنافسة، والعمالة العالمية التي تتمتع بمستوى عالٍ من الجودة، والعمليات الآلية التي تدفع إلى رفع مستوى الإنتاجية، وتحويل الوظائف لتدوم 24 ساعة طوال أيام الأسبوع، في غياب عوامل للتهدئة.

وتتمثل أحد سبل دفع الموظفين للمزيد من العمل في ربطهم بمكاتب العمل والإدارة خارج ساعات العمل، هو ما يتيحه العديد من التطبيقات والبريد الإلكتروني وبرامج التراسل الفوري. ووفقاً لاستطلاع رأي أجرته مؤسسة «غالوب» العام الماضي، ذكر نحو ثلث المشاركين أنهم أخبروا بمراجعة البريد الإلكتروني والبقاء على اتصال بعد مغادرتهم العمل. واعتبر المحلل المتخصص في التكنولوجيا في «فورستر» للأبحاث، بول هامرمان، أن القياس المعتاد لأداء موظفي المبيعات انتقل إلى بقية القوى العاملة من ذوي الياقات البيضاء، وشدد في الوقت نفسه على أن إجراء ذلك بطريقة صحيحة سيزيد من المشاركة، بينما سيشعر الموظفون بالضغط وبخضوعهم لنوع من الإدارة التفصيلية والمراقبة الدقيقة حال جرى على نحو خاطئ.

وترى الشركات التي تطور برمجيات وأدوات لبيئة العمل أنها تعتمد على المشاركة أكثر منها على الإجبار، وتسهم في زيادة الشفافية والنزاهة. وقال الرئيس التنفيذي لشركة «بتر ووركس» BetterWorks الناشئة كريس دوجان: «في مكتب المستقبل ستعرف دائماً ما تفعله وسرعتك في إنجازه. لم أكن أتصور العيش في عالم مملوء بالاجتماعات والرسائل وغرف المؤتمرات، وفي نهاية اليوم لا أعرف إذا ما كنت قد أنجزت شيئاً ذا قيمة».

وتركز «بتر ووركس» على زيادة مشاركة الموظفين في العمل وتفاعلهم مع بعضهم بعضاً من خلال استعارة بعض سمات من مواقع الشبكات الاجتماعية وألعاب الفيديو، أكثر من اهتمامها بقياس تخصيصهم لأوقاتهم في العمل. وتتضمن قائمة المتعاملين معها شركة «كابكو» Capco لاستشارات الخدمات المالية.

وتطمح «كابكو» إلى النجاح في التعامل مع موظفيها الشباب من جيل الألفية، أي المولودين بين فترة الثمانينات من القرن الـ20 والعقد الأول من القرن الـ21. وأشار الرئيس التنفيذي للعمليات في الشركة، باتريك جورملي، إلى بحث هذا الجيل عن مهام مؤقتة وليس عن مسار مهني، كما لفت إلى اختفاء الأسباب التي دفعت الأشخاص في الماضي للارتباط بوظائفهم كقروض الرهن العقاري والسيارات، الأمر الذي يمثل تحدياً لتوفير بيئة عمل جيدة جداً تساعد في الحفاظ على أفضل الموظفين.

وينشر موظفو «كابكو»، البالغ عددهم 3000 موظف والموزعون على مناطق جغرافية مختلفة، الأهداف التي يودون تحقيقها خلال العام في منصة إلكترونية يطلع عليها زملاؤهم ومديروهم ليثنوا عليها أو العكس. وقال جورملي: «تعد الشفافية تغييراً ثقافياً صعباً، ولاسيما في الإدارة، لم نألف الاعتراف بأننا لسنا مثاليين».

وتدعم تطبيقات أخرى لبيئة العمل أسلوب تقييم أكثر تقليدية يجري بشكل سنوي، خلافاً للأسلوب العفوي الحالي. وتستخدم شركة «أمازون» للتجارة الإلكترونية أداة داخلية باسم «Anytime Feedback» ما يعني «رد الفعل في أي وقت»، وتتيح للموظفين الإشادة بالإدارة أو انتقادها، وتقول الشركة إن أغلب الملاحظات إيجابية، في حين يشكو بعض موظفي «أمازون» أن العملية قد تكون خفية وقاسية.

وطورت شركة «وورك داي» Workday أداة للشركات باسم «Collaborative Anytime Feedback» ما يعني التعليقات التعاونية، وتمكن الموظفين من تحية بعضهم بعضاً علناً. وقالت نائبة رئيس الشركة لمنتجات إدارة الموارد البشرية، إيمي ويلسون: «لا ينشر الأشخاص شيئاً سلبياً في منتدى عام لأنه سينعكس عليهم بشكل سلبي».

وتسمح أداة «وورك داي» للموظفين بإرسال تعليقات خاصة. وقالت ويلسون إنها تراوح بين الآراء الإيجابية والبناءة. كما توفر الشركة برنامجاً لمتابعة وقت الموظفين، وتروج لإسهامه في زيادة إنتاجية الموظفين وتقليل تكاليف العمل، والحد من المخاطر الناجمة عن امتثال الأوامر. وتستخدم «جامعة براون» أداة «وورك داي».

ويرى البعض أن استخدام أدوات متابعة وقت الموظفين بديل حديث للكشوف التقليدية المخصصة لمتابعة وقت حضور الموظفين وانصرافهم. وتوفر شركة «تايم شيتس» Timesheets.com برنامج لمتابعة الموظفين، تستخدمه 1400 شركة صغيرة.

وقال مؤسس الشركة، جويل سلاتيس، إن الهدف يكمن في تحقيق الكفاءة، ولا ينبغي للأشخاص التركيز على جانب «الأخ الأكبر» في الأمر، وذلك في إشارة إلى أجواء المراقبة الدائمة. وأضاف سلاتيس أنه في حال كتب موظف في بطاقة ورقية الحضور في الثامنة صباحاً في حين جاء بعدها بدقيقتين، فلن يمثل هذا مشكلة، لكن إن حدث ذلك عند المغادرة فسيعني حصول الموظف على بضعة أيام إضافية من العطلة كل عام.

وتستعين شركات يعمل موظفوها عن بعد ببرنامج «تايم شيتس» لمتابعة التزام الموظفين بوقت بدء العمل ونهايته.

وواجهت شركة «إنفو بينز» InfoBeans الهندية للبرمجيات، التي يوجد مركزها الرئيس في الولايات المتحدة، مشكلة استغراق مشروعاتها الكثير من الوقت، وبحسب رئيس الشركة، ميتش بوهرا، أحياناً ما يفترض أن تحتاج مهمة إلى 1000 ساعة، وينتهي الأمر باستغراقها 1500 ساعة.

وتخوف مديرو «إنفو بينز» من تسبب افتقار العاملين إلى الكفاءة في خسائر مالية للشركة وانصراف متعامليها، وبدأت باستخدام برنامج «بدي» Buddy الذي طورته شركة «سابينس» Sapience الهندية. وبعدها اندهش بهورا من النتائج التي توصل إليها.

وقال بهورا إنه في حين يذكر المهندسون في كشوف الحضور والانصراف عملهم على تطوير البرمجيات لثماني ساعات، اكتشف أنشطة أخرى تستهلك الوقت كالاجتماعات والوقت الشخصي والأوقات التي لا تخضع لتصنيف. وأضاف أن عمل شركته صار أكثر تركيزاً في الوقت الراهن، ما يعني فرق عمل أقل عدداً تتولى قدراً أكبر من المهام، والتخلص من عناصر تشتيت الانتباه ومنها الاجتماعات، وإتاحة المجال لمغادرة الموظفين مبكراً.

تويتر