«الشركة» تواجه صعوبة محتملة بسبب خصوصية بيانات المرضى وضرورة حمايتها من الاختراق

تعاون «آبل» مع قطاع الرعاية الصحية يُحدّد نجاح ساعتها الذكية

صورة

تظهر ساعة «آبل» الذكية الجديدة «آي ووتش» المرتقبة محاولة الشركة الأميركية استنساخ تجربتها الناجحة مع مشغل الموسيقى «آي بود»، الذي قدمته قبل 13 عاماً، وحينها ساعد الجهاز بتصميمه البسيط المُميز وبتوافقه مع برنامج «آي تونز» على نقل الموسيقى الرقمية إلى تيار واسع من المستهلكين. وعلى الرغم من أنه لم يكن أول مُشغل للموسيقى الرقمية في السوق، فإنه أحدث تأثيراً واضحاً في القطاع بأكمله.

وإذا قدمت الشركة منتجاً جيداً فربما تنجح في إقناع الأشخاص العاديين باقتناء ساعة ذكية، وفق ما تناول تقرير لصحيفة «ذا نيويورك تايمز» الأميركية.

منتجات ذكية

وعموماً.. تحظى منتجات الحوسبة القابلة للارتداء، سواءً اتخذت شكل سوار للمعصم، أو ملابس، أو نظارة أو غيرها، باهتمام كبير من المتحمسين للأجهزة الإلكترونية والمهتمين بحسابات اللياقة البدنية، إذ نالت نظارة «غوغل غلاس» حظاً عظيماً من الاهتمام؛ ربما بسبب الجدل حول الخصوصية من ناحية، وبسبب ابتكارها التقني من ناحيةٍ أخرى.

وفي المقابل، لم تُحقق الساعات الذكية القدر نفسه من النجاح، وقدمت شركة «سامسونغ» الكورية الجنوبية، التي تُعد أبرز منافسي «آبل»، حتى الآن ستة طرازات للساعات الذكية، كان أولها عام 2013. وحينها عرضت «سامسونغ» إعلاناً يُبرز الساعات التي ظهرت في أفلام ومسلسلات الخيال العلمي، مثل «ذا جيتسونز»، و«ستار تريك».

وتبعتها قائمة طويلة من شركات تقنية، مثل «موتورولا»، و«إل جي» قدمت ساعات ذكية، وكذلك بعض الشركات الناشئة. ومع ذلك لم يُحقق أيٌّ منها الشعبية التي سعى إليها منتجوها. ويدفع ذلك إلى التساؤل عن احتمال أن يصب ذلك في مصلحة «آبل»، وساعتها المرتقبة.

ويرى محللون أن ذلك قد يحدث، في حال نجحت «آبل» في إقناع شركاء في مجالات أخرى، مثل الرعاية الصحية وتتبع الحالة الصحية، التي تُعتبر إحدى السمات الأساسية للساعة، بمنتجها وتطبيقاته، تماماً كما نجحت قبل أعوام في استمالة قطاع الموسيقى.

وأمضت شركة «آبل»، التي تتخذ من ولاية كاليفورنيا الأميركية مقراً لها، سنوات في التفاوض مع الشركات في قطاع الموسيقى، لتصل إلى حلٍ يُتيح لها بيع الموسيقى بشكل مشروع عبر «آي تونز»، وهو ما تحقق بالفعل بعد عامين على طرح «آي بود». وقال المُحلل في شركة «كريتيف استراتيجيز»، تيم باجارين: «أعتقد أنهم يقومون بذلك مع سوق الصحة».

ورغم شعبية منتجات «آبل» وتصميماتها، فإن مجرد إطلاقها ساعة ذكية لا يضمن تبني المستهلكين العاديين لها في حياتهم اليومية.

وأجرى المحلل المستقل المتخصص في التكنولوجيا بشركة «جاكدوا ريسيرش»، جان داوسون، استطلاعات للرأي شملت آلاف المستهلكين، وانتهت إلى وجود قدر قليل من الاهتمام ببعض ميزات الساعات الذكية، مثل تتبع حالة اللياقة البدنية، والدفع عبر المحمول.

وقال داوسون: «تحاول الساعات الذكية، في وضعها الراهن، تلبية متطلبات لا يمتلكها معظم الناس ببساطة».

وفي الواقع، لا يُعرف عن ساعة «آبل» الذكية سوى القليل من المعلومات، مثل إمكاناتها في متابعة حالة اللياقة البدنية، والمدفوعات اللاسلكية، فضلاً عن بعض المهام الأخرى مثل الخرائط.

فريق محترف

بدوره، أعرب المحلل في شركة «يانكي جروب» للأبحاث، كارل هاو، عن أمله أن تُشبه ساعة «آبل» واحدة من الساعات الراقية، بقوله: «شيء لن تشعر بالخجل لارتدائه في حفل للأوسكار».

ومما يُظهر اهتمام «آبل» بساعتها الذكية، تميز الفريق المسؤول عن تطويرها، بحسب وصف العديد من موظفي الشركة، الذين وصفوه بعبارة «فريق كل النجوم»؛ إذ يضم أفضل مصممي «آبل» ومهندسيها الذين عملوا سابقاً على تطوير هاتف «آي فون»، وكمبيوتر «آي باد» اللوحي، وأجهزة «ماك».

كما أشرف على تطوير الساعة عدد من أصحاب المناصب التنفيذية المهمة في «آبل»، بحسب موظفي الشركة، منهم نائب رئيس «آبل» للعمليات، جيف ويليامز، ورئيس التصميم في الشركة، جوناثان إيف، فضلاً عن «كييف لينش» الذي شغل في السابق منصب الرئيس التنفيذي للمعلومات في «أدوبي»، وأشرف على الجانب البرمجي في الساعة، ومستشار اللياقة البدنية الذي عمل مع شركة «نايكي» في تطوير سوار «فيول باند»، جاي بلهنيك، وكذلك كبير المسؤولين الطبيين في شركة «ماسيمو» التي تُنتج أجهزة لمتابعة المرضى، مايكل أورايلي.

واعتبر المُحلل في شركة «كاناليس» للأبحاث، دانيل ماتي، أن تصميم «آبل» لكلٍ من العتاد والبرمجيات يمنحها درجة أكبر من التحكم تفوق منافسيها على عناصر مثل تصميم المعالج، وعمر البطارية، وأدوات الاستشعار الذكية لمتابعة من يرتديها.

ومع ذلك، رأى الشريك في مكتب «تافت ستيتينيوس آند هوليستر» للمحاماة، والذي يتعامل مع أطراف في مجال العلوم والصحة، مارك ماك أندرو، أن تصنيع المنتج ليس سوى خطوة أولى، لافتاً إلى حاجة «آبل» إلى دعم شركاء آخرين مثل مطوري تطبيقات وشركات الرعاية الصحية والتكنولوجيا الطبية التي ستساعد في توفير مزايا يُمكنها أولاً إقناع الناس بارتداء كمبيوتر حول معصمهم طيلة الوقت.

وبالعودة إلى مسيرة «آي بود»، يرى محللون أن من بين أسباب شعبية الجهاز، إبرام «آبل» الصفقات مع شركات الموسيقى، وإقناعهم بكلفة 99 سنتاً مقابل الأغنية. وفي حين كان الجهاز نفسه سهل الاستخدام، إلا أنه صار بمثابة دليل شامل للموسيقى لم يُتح لأي من مُنافسي «آبل» توفيره.

بيانات المرضى

لكن الأمر يختلف مع الساعة الذكية، ووظائفها في متابعة الحالة الصحية؛ نظراً لحساسية بيانات المرضى وخصوصيتهم التي يحميها «قانون المحاسبة ونقل التأمين الصحي»، ما يزيد صعوبة الأمر بالنسبة لشركة «آبل»، وفقاً لما قاله ماك أندرو.

ولفت إلى أنه سيتعين على «آبل» التحقق من التطبيقات المرتبطة بالصحة؛ لضمان أنه لا يُمكن للقراصنة بأية وسيلة الوصول إلى معلومات المرضى.

وقال إن «ذلك يُمثل منبع قضايا الخصوصية؛ بسبب خوف مُقدمي خدمات الرعاية الصحية البالغ من اختراق البيانات والمسائل المتعلقة بالخصوصية».

وانعكس هذا الخوف بالفعل في بعض الخطوات التي اتخذتها «آبل» أخيراً، للحفاظ على خصوصية البيانات الصحية؛ ففي الأسبوع الماضي حدّثت الشركة من توجيهاتها لمطوري التطبيقات، ومن بين الضواط الجديدة اشتراط ألا تُخزن التطبيقات التي تتعامل مع أدوات «هيلث كيت» لتتبع إحصاءات اللياقة البدنية والصحية، البيانات على الخدمة السحابية «آي كلاود».

ويعتقد باجرين من شركة «كريتيف استراتيجيز» أن «آبل» تعمل بهدوء مع العديد من الشركاء في مجال الصحة، للإعداد لساعتها المعنية بمتابعة الحالة الصحية للمرتدين. وحينما قدمت «آبل» مجموعة أدوات «هيلث كيت» خلال العام الجاري، أشارت إلى تعاونها مع كلٍ من مستشفى «مايو كلينك»، وشركة «إيبيك سيستمز» المتخصصة في برمجيات الرعاية الصحية.

وفي سياقٍ متصل، ربما يرجع اهتمام «آبل» بتقديم منتج يُحسن أدوات متابعة الحالة الصحية جزئياً إلى عامل يتصل بالرئيس التنفيذي الراحل للشركة، ستيف جوبز؛ ففي سيرته الذاتية التي كتبها والتر آيزاكسون، حكى عن كراهيته لتصميم بعض الأجهزة الصحية التي استخدمها خلال وجوده في المستشفى لتلقي العلاج لمرض السرطان مثل الأقنعة، وأدوات متابعة الأوكسجين عبر الأصبع.

وقال باجرين إن جوبز خلال سنواته الأخيرة، خاض علاقة صعبة على نحو مُثير للدهشة مع مجال الرعاية الصحية.

تويتر