خبير: وجود الحوسبة في وضع أقرب إلى جسم الإنسان يمكن أن يحسن الاتصال والانتباه

تطبيقات «غوغل غلاس» تُغير أسلوب تفاعلنا مع التكنولوجيا

استخدام «غوغل غلاس» يسهل دمج المستخدم في مختلف نواحي الحياة. غيتي

شيئاً فشيئاً تتحول الحوسبة وأجهزتها من معدات ضخمة تشغل غرفاً واسعة، إلى حواسيب مكتبية محدودة الإمكانات، وصولاً إلى حواسيب محمولة ولوحية وهواتف ذكية، وحتى الحوسبة القابلة للارتداء، على غرار الساعات الذكية ونظارة «غوغل غلاس»، ومع تطور الحجم والشكل، قد تصبح التقنية أسرع وأكثر كفاءة وتفاعلية، وتتيح خدمات جديدة.

ومنذ الكشف عن «غوغل غلاس» قبل ما يزيد على عام، لم تتوقف الأسئلة عن طبيعة استخدامها، وأنواع التطبيقات التي ستجذب المستخدمين إلى حاسب يمكن ارتداؤه، بالمعنى الحرفي، لكن السؤال عن التطبيقات لايزال بانتظار إجابة تفصيلية حين تُطرح النظارة في الأسواق في وقت لاحق من العام الجاري، بحسب العديد من التوقعات.

لكن «غوغل غلاس» وصلت بالفعل إلى أيدي أو رؤوس مجموعة مختارة من المطورين منذ أشهر عدة، بغرض تجربتها والعمل على تطوير تطبيقات ملائمة.

وإلى الآن، تحاول بعض التطبيقات أن تُوظف «غوغل غلاس» لجعل التكنولوجيا شيئاً أقل تشتيتاً لانتباه المستخدم أو من يرتدي النظارة، فيحتاج قدراً أقل من الوقت والتركيز لتنفيذ ما يريد، في حين تُوفر تطبيقات أخرى خدمات تراها تُلائم «غوغل غلاس» أفضل من الحاسب المحمول والهاتف الذكي.

مثلاً، طور كلٌ من ساتليش سامباث وكيني ستولتز تطبيق «مومنت كاميرا» للتصوير، ويستفيد من كاميرا «غوغل غلاس» بدقة خمسة ميغابيكسل، ليلتقط الصور كل بضع ثوانٍ حين يستشعر وجود وجوه، ويُحدد الوقت الملائم لالتقاط الصورة استناداً على أداة استشعار التسارع، والبوصلة، ومستشعر «جيروسكوب» لقياس التوجه، ثم يرسلها إلى خادم خارجي ليصنف أفضلها.

واعتبر ستولتز أن ذلك يُشير إلى امتلاك «غوغل غلاس» نوعاً من الوعي المدمج فيها ولا يتوافر في الهواتف، وأضاف أن «الفائدة من (مومنت كاميرا) ألا يضطر المستخدمون للتوقف عما يفعلونه لالتقاط الصور»، مضيفاً: «أردنا أن نعيد إلى الناس انتباههم مرة أخرى».

وهي الفكرة نفسها التي يدافع عنها الأستاذ في «معهد جورجيا للتكنولوجيا»، الرئيس التقني في مشروع «غوغل غلاس»، ثاد ستارنر، إذ يعتبر أن «من أهم مزايا الحوسبة القابلة للارتداء أنها تُتيح للمستخدمين استدعاء التكنولوجيا وقتما يريدون وتجنبها بقية الوقت، ما يساعدهم على متابعة حياتهم، والاندماج في الأنشطة الاجتماعية، وتُمكنهم من تبادل النظرات مباشرة مع الآخرين من دون وجود شاشات تعوقهم».

ويزعم ستارنر أن وجود الحوسبة في وضع أقرب إلى جسم الإنسان قد يحسن الاتصال والانتباه، بعكس الاعتقاد الشائع، كما أنه يُقلل من الوقت المطلوب لإنجاز المهام والاطلاع على التنبيهات الواردة، ويتيح تفاعلات مصغرة مع الأجهزة التكنولوجية، وحتى التعلم على فترات بالغة القصر، مثل فكرة تطبيق «سمارت سين» لتعليم جوانب من لغة الإشارة المستخدمة مع الصُم بشكل متقطع على غرار استغراق دقيقة خلال الانتظار.

وشارك ستارنر مع فريق في تطوير تطبيق «كابتشنينغ أون غلاس» لنظارة «غوغل غلاس»، الذي يُسهل على ضعاف السمع الاندماج في محادثات يومية عادية، ويُستخدم التطبيق مع آخر للهواتف العاملة بنظام تشغيل «أندرويد»، ويُحول الكلمات التي ينطقها شخص عبر مُكبر الصوت في الهاتف الذكي إلى نص يُعرض أمام من يرتدي «غوغل غلاس» ويواجه مشكلات في السمع.

ويحقق «كابتشنينغ أون غلاس» من خلال الحديث في مكبر الصوت ميزة تجنب بعض الضوضاء المحيطة، كما أن الكثير من ضعاف السمع يفهمون جوانب كثيرة من المحادثات عبر حركة الشفاه والسياق العام، وسيساعدهم النص المكتوب على إكمال ما يلزمهم لفهم الحديث، والاسترسال في محادثات مباشرة.

وفي حين أن العديد من التطبيقات طورت حديثاً وبشكل مخصص لنظارة «غوغل غلاس»، رأى فيها الكثير من المطورين الجهاز الأنسب لتقديم تطبيقاتهم المتاحة للهواتف الذكية، بالنظر إلى ما يميزها كشاشة العرض عالية الوضوح بمساحة 25 بوصة، وعدم حاجتها إلى استخدام اليدين.

ومن هؤلاء شركة «كويست فيجوال» التي تُطور تطبيق «وورد لنس» المتاح لنظاميّ «آي أو إس» و«أندرويد»، ويترجم الإشارات والكلمات المكتوبة في الوقت الحقيقي من خلال توجيه كاميرا الهاتف، ومن دون الحاجة إلى الاتصال بالإنترنت.

ورأت الشركة في «غوغل غلاس» فرصة لتتيح «رؤية العالم بلغتك» من دون حتى الحاجة إلى إخراج الهاتف من الجيب.

وأشار المسؤول عن تطوير «أندرويد» في الشركة، بريان لين، إلى أن «غوغل غلاس» بدت لهم الجهاز المثالي لاستخدام تطبيق «وورد لنس» بسبب الكاميرا المتاحة حيثما نظر المستخدم.

وعملت «كويست فيجوال» على تطوير التطبيق على مدار شهرين، ويتسم بواجهة استخدام مختلفة تُتيح لمن يرتدي النظارة القول: «أوكيه غلاس، ترانزليت ذيس» أثناء النظر إلى عبارة أو لافتة يرغب في فهمها، ويمكن لتطبيق «وورد لنس» الحصول على الصور من كاميرا النظارة، وتشغيل برمجيات التعرف إلى الصور لتظهر الترجمة على شاشة العرض.

وعموماً، ربما يكون من الأسهل نسبياً على مطوري تطبيقات نظام «أندرويد» التعامل وتطوير تطبيقات لنظارة «غوغل غلاس» باعتبارها تعتمد على النظام نفسه، لكن لم يصل المطورون إلا إلى القليل من إمكانات النظارة، لاسيما ما يتعلق بمجال التعرف إلى الوجوه.

وبوجود تطبيقات تستفيد من إمكانات التعرف إلى الوجوه، يمكن لمستخدم النظارة أن يطلب معلومات عن الأشخاص الذين يراهم في اللحظة نفسها، وقد يُذكر تطبيق ما بأسماء وتاريخ العلاقة مع صديق قديم لم يلتقيه المستخدم قبل سنوات.

ويتخوف كثيرون من أن يُمثل تصرف كهذا نوعاً من التعدي المبالغ فيه على الخصوصية، ولفتت «غوغل» سابقاً إلى أنها لن تجلب هذه الميزة إلى منتجات مثل «غوغل غلاس» من دون توافر إجراءات قوية لحماية الخصوصية في موضعها الصحيح، كما لن تُجيز تطبيقات تتضمن هذه الخاصية.

لكن مع طريقة التفاعل المختلفة التي توفرها «غوغل غلاس» مقارنة بأشكال الحوسبة الأخرى، لايزال المطورون يكافحون لمواجهة مشكلة مألوفة؛ وهي التوصل لتطبيقات تتسم بالكفاءة والتوفير في استهلاك الطاقة قدر الإمكان.

وبحسب المواصفات الخاصة بنظارة «غوغل»، فإن بطاريتها تصمد يوماً كاملاً من الاستخدام القياسي أو العادي، لكن استخدام وظائف مثل إجراء مكالمات الفيديو أو تسجيل مقاطع فيديو يستهلك قدراً أكبر من الطاقة، ما يعني أنه يمكن لبضع تطبيقات استنزاف البطارية خلال فترة وجيزة، وهو ما يسعى المطورون إلى علاجه قدر المستطاع.

لكن حتى بوجود مثل هذه العقبة التقليدية، لايزال أمام المطورين فرص كثيرة لتطبيقات ولمحاولة اكتشاف حلول تستفيد من إمكانات «غوغل غلاس»، وغيرها من أشكال التكنولوجيا القابلة للارتداء، التي ستغير من أساليب استخدامنا للتكنولوجيا والتفاعل معها.

 

تويتر