2019 نقطة البداية في تنفيذها

تحدي العقد المقبل.. رؤية أسترالية لنشر «الزراعة بإنترنت الأشياء»

استراليا تطبق نظام «آجتيك» لتعقب حركة الماشية بالمراعي وتتبع حالتها الصحية والغذائية. من المصدر

يسعى عدد من دول العالم لنشر نظم «إنترنت الأشياء» بالمجالات الخدمية والصناعية، بينما اختارت أستراليا أن يكون عام 2019 هو نقطة البداية في تنفيذ رؤية ترى أنها تحدي العقد المقبل (2020 ـ 2030)، وتستهدف تحويل قطاع الزراعة لديها إلى قطاع يعمل بنظم «إنترنت الأشياء»، ليخدم دورة الإنتاج الزراعي كاملة، بداية من استصلاح الأرض، وانتهاء بجمع المحاصيل والوصول بها طازجة للأسواق بجودة غذائية عالية، خالية من الملوثات، وبها أقل قدر من المخصبات، والفاقد أثناء الحصد والنقل والتخزين والتوزيع، مع إنتاجية عالية، واستهلاك أقل للماء، وقدرة أعلى على مقاومة التقلبات والظروف الجوية السيئة.

ونقل موقع «تيك ريببليك» techrepublic.com، المتخصص في التقنية عن مسؤولين أستراليين رسميين ومديرين تنفيذيين في شركات تعمل بمجال نظم المعلومات الزراعية، جانباً من التفاصيل الخاصة بهذه الرؤية أو «تحدي العقد» كما يطلق عليها البعض في أستراليا، باعتبارها طريقاً جديداً تمضي فيه الزراعة الأسترالية التي عرفت تاريخياً بتعرضها لفترات جفاف طويلة وأمطار غير منتظمة، وبيئة قاسية، تترك هوامش صغيرة للخطأ، وتتطلب عملاً مرهقاً هائلاً، لترويض هذه الظروف التي تترجم بالضرورة في صورة محاصيل قوية.

زراعة مستقرة

وبحسب ما أوضحه المسؤولون الرسميون، فإنه يتعين على المزارع الحديث أن يفعل ما هو أكثر من زراعة المحاصيل وتربية الماشية، مثل إثبات جودة المنتج الزراعي، وتشغيل عملية زراعية فعالة ومستقرة، يضاف إلى ذلك أن المستهلكين باتوا يعيشون في عصر وسائل التواصل الاجتماعي، ويهتمون بالمزيد من المعلومات عن مصدر طعامهم، ويطلبون من المزارعين أكثر من أي وقت مضى إثبات أن منتجاتهم تم إنتاجها بطريقة أخلاقية وذات جودة عالية.

ومن هنا، كان الاتجاه المتنامي في الزراعة الأسترالية هو نشر «أجهزة استشعار إنترنت الأشياء» عبر المناطق النائية، حتى يتمكن المزارعون من القيام بمهام مثل تعقب قطعان الماشية بكفاءة أكبر، وكذلك قضاء المزيد من الوقت في تحسين الجودة.

والقناعة التي وصل إليها المسؤولون والمزارعون هي أن نظم «إنترنت الأشياء» تمثل الطريقة الأفضل للتعامل مع الظروف البيئية القاسية، حيث توفر فرصاً أفضل لضبط عمليات الري والحفاظ على الماء، وتحسين طرق التسميد ومكافحة الآفات لرفع السلامة الصحية للغذاء، مع زيادة الإنتاجية وخفض الفاقد في المحاصيل وسرعة توصيل المحاصيل الطازجة للأسواق.

لكن المشكلة، تمثلت في الكُلفة المطلوبة لتبني هذه التقنيات، وهذا الأمر تمت معالجته عبر تنشيط نظم «إنترنت الأشياء» سريعة العائد، كما أعلن مدير الأبحاث بشبكة «دانتا 61» العاملة بالقطاع الزراعي في أستراليا، رجا جورداك، حيث جرى مثلاً استخدام نظم «إنترنت الأشياء» في مقاومة الآفات والكشف عن الكائنات الفقارية والفيروسات التي تهاجم المزروعات، وهي مشكلة تكلف المزارعين الأستراليين ما يقرب من مليار دولار سنوياً، في صورة فاقد بالمحاصيل، ومواد مكافحة كالمبيدات.

أجهزة استشعار

وعند تطبيق نظم «إنترنت الأشياء» بما توفره من أجهزة استشعار ومعلومات فورية عن مناطق ظهور الآفة، وحجمها ومدى خطورتها، ومعدلات انتشارها لحظياً، أتيح للمزارعين التصرف بسرعة وتركيز جهود المكافحة على أماكن الإصابة في التوقيتات المناسبة، ما حقق وفراً كبيراً في المحاصيل.

واستخدم المزارعون نظاماً لمكافحة هذه النوعية من الآفات معتمداً على «إنترنت الأشياء» يطلق عليه «في بي ديه أيه دي»، يتضمن اثنتين من التقنيات الأساسية، القائمة على الحركة والأضواء والأصوات وأجهزة الاستشعار الحرارية والكاميرات، لردع الآفات والتأثير فيها، ورصد حركتها بصورة لحظية، ويقوم بمعالجة المعلومات في الوقت الحقيقي، ويرسل المعلومات إلى مديري النظام، ليتمكنوا من معرفة ما إذا كان الكائن الذي يقترب هو آفة أم لا، ومن ثم يستخدم أداة الردع المناسبة إذا كانت مطلوبة.

تتبع الماشية

وفي مجال الثروة الحيوانية، يجري نشر نظام يطلق عليه «آجتيك»، يستخدم في تعقب حركة الماشية بالمراعي وتتبع حالتها الصحية والغذائية، ويكلف نحو 50 دولاراً لرأس الماشية الواحدة خلال عام 2019، الذي يخصص له جهاز استشعار خاص به، يسمى علامة الأذن الذكية، يتم تركيبه على أذن الحيوان، لينقل بيانات عن حركة الحيوان وموقعه ودرجة حرارته، ومستوى نشاطه وغيرها.

وبعد ذلك يجري تسجيل وإدارة البيانات الخاصة بكل حيوان أو رأس ماشية عبر نظم تعمل بتقنية «سلاسل الكتل»، التي يصعب فيها التغيير أو التلاعب بالبيانات الخاصة بكل رأس ماشية أو تزويرها، وفي الوقت نفسه يتيحها بكل شفافية وبصورة كاملة للجميع، الأمر الذي يجعل المستهلكين وتجار التجزئة واثقين بأن المزارعين يتمتعون بالشفافية عند مشاركة المعلومات حول منتجاتهم.

وتسعى أستراليا إلى التوسع والمسارعة في رؤية «الزراعة بإنترنت الأشياء» من أجل بناء علامة تجارية قوية موثوق بها للمنتج الزراعي الأسترالي، من المحاصيل والخضر والفاكهة والمنتجات الحيوانية من لحوم وألبان وخلافه، لتحقق تنافسية أعلى بأسواق التصدير، استناداً للشفافية الكاملة في إتاحة المعلومات الخاصة بالمنتج في كامل دورته، وهو أمر بدأ يؤتي ثماره، فعلياً، حيث بدأت المنتجات الزراعية الأسترالية تحقق اعترافاً قوياً بالعلامة التجارية في جميع أنحاء منطقة آسيا والمحيط الهادئ، بفضل تكامل البيانات المجمعة في ممارسات الشراء، التي تحقق هدفين في وقت واحد، بناء الثقة وتأكيد الجودة، وفي الوقت نفسه مكافحة محاولات التزييف التي تتعرض لها المنتجات الأسترالية بهذه الأسواق، التي تكلف قطاع الزراعة الأسترالي ما يقرب من ملياري دولار سنوياً، كأرباح ضائعة.


من المزرعة إلى المائدة

تتبنّى رؤية الزراعة بإنترنت الأشياء، بعض الجوانب ذات القيمة المضافة، ومنها توسيع نطاق المشاركة في البيانات عن المنتج الزراعي والحيواني بين المستهلكين، بحيث يكون المستهلك على علم بتفاصيل ما يتناوله من محاصيل وخضر وفاكهة ولحوم، منذ بداية زراعتها أو تربيتها بالمزرعة وحتى وصولها إلى المائدة، عبر سلسلة النقل والتخزين والمعالجة والتصنيع الزراعي وخلافه، وهو ما يسمى «المعلومات من المزرعة إلى المائدة»، والتي تتيح للمستهلك معرفة واسعة بكل ما يخص الأغذية والأطعمة من معلومات، جرى تسجيلها عبر تقنية «سلاسل الكتل» المرتبطة بنظم «إنترنت الأشياء»، والتي تسجل كل ما يخص المنتج طوال دورة حياته، وتتيحها بصورة شفافة، يصعب حجبها أو تزويرها أو التلاعب فيها.

استخدام نظم «إنترنت الأشياء» لمقاومة الآفات وكشف الكائنات الفقارية والفيروسات التي تهاجم المزروعات.

تويتر