التجنيس الرياضي العربي.. «ميدالية رمادية»! ( 2-4 )

اتحادات رياضية: لم نتكاسـل مع الأجيال المحلية ..انتظرونا في طوكيو

صورة

رفض رؤساء اتحادات ومسؤولون في مناصب رياضية دولية النظرة السلبية السائدة عربياً نحو الرياضيين المجنسين والانتقادات الموجهة للمؤسسات الرياضية التي تسمح بضمهم إلى المنتخبات الوطنية، مشيرين إلى أن «التجنيس الرياضي» أصبح واقعاً عالمياً تلجأ إليه أغلب الدول من أجل الحصول على إنجازات في المحافل العالمية وتطوير القاعدة الرياضية والإسهام في بناء أجيال محلية قادرة على صعود منصات التتويج مستقبلاً، مؤكدين أن اللجوء للتجنيس ليس تقاعساً أو تكاسلاً من قبل الاتحادات الرياضية بهدف اختصار الزمن نحو الميداليات بعيداً عن التخطيط والعمل، مشددين على أهمية هذه العملية إذا تم استثمارها بالشكل المدروس ووفق الأطر القانونية.

وقالوا لـ«الإمارات اليوم» إن «التجنيس عملية ناجحة مئة بالمئة، خصوصاً أن الميداليات التي يحققها الرياضيون المجنسون تكتب بأسماء الدول وليس اللاعبين»، مطالبين المنتقدين للتجنيس بـ«التمعن في الفوائد الجلية المقدمة من الرياضيين المجنسين الذين يقدمون دروساً في الولاء والانتماء للدول التي تقوم بتجنيسهم على أساس احترافي وعلمي مبني على حسن الاختيار والمشاركات المدروسة».

وتتعرض اتحادات رياضية عربية للانتقادات بعد إسدال الستار على الأولمبياد، لتواضع النتائج والحصاد الضعيف من الميداليات، إذ شارك العرب في دورة الألعاب الأولمبية «ريو دي جانيرو 2016» بـ268 رياضياً، لكنهم حققوا 14 ميدالية (ذهبيتان و4 فضيات و8 برونزيات)، بينها ثلاث ميداليات فقط عبر رياضيين مجنسين هم: بطل الجودو الإماراتي (المولدوفي الأصل) سيرجيو توما صاحب برونزية وزن 81 كيلوغراماً، والعداءة البحرينية (الكينية الأصل) روث جيبيت المتوجة بذهبية سباق 3000 متر موانع، ومواطنتها (الكينية الأصل) أونيس كيروا صاحبة فضية سباق الماراثون.

وكانت البحرين أكثر الدول العربية المشاركة في أولمبياد ريو 2016 ضماً لرياضيين مجنسين، من خلال ستة عدائيين إثيوبيين، وخمسة كينيين، وثلاثة من أصل نيجيري ومغربي.


واقع رياضي

التجربة البحرينية

توقع نائب رئيس الاتحاد البحريني لألعاب القوى محمد بن جلال، أن يفوز العداء البحريني الأصل علي خميس بميدالية أولمبية في طوكيو 2020 بفضل التجنيس، مشيراً إلى أنه يحتل حالياً المركز السادس في التصنيف الدولي لسباق 400 متر، وذلك بفضل الخطط التي بدأتها البحرين منذ فترة بغرض تطوير الرياضة والرياضيين».

وقال بن جلال إن «التجنيس توجه عالمي، وتجربة البحرين نجحت بعد أن قمنا بتجنيس عداء نيجيري تدرب معه اللاعب البحريني الأصل علي خميس، ومع مرور الوقت تفوق خميس على اللاعب المجنس واحتل المركز السادس عالمياً، وأتحدى من الآن بأن ابن البلد سيحصل على ميدالية أولمبية في 2020».

وأضاف: «الهدف من التجنيس ليس الحصول على الميداليات الأولمبية وإنما تطوير اللاعبين المواطنين، إذ إن اللاعب المواطن لن يتطور مستواه إذا لم يتدرب مع مستويات تفوق إمكاناته فنياً، وأرفض نبرة أن اللاعب المواطن فاشل ومن أجل ذلك قمنا بالتجنيس، فأنا أتحدى أي لاعب في ألعاب قوى على سبيل المثال في منطقة الخليج بأن يتدرب في دولته من دون لاعبين مجنسين ويحقق ميدالية».

عضو اتحاد ألعاب القوى الأميركي: التجنيس يطور ويبني

أما عضو مجلس إدارة اتحاد ألعاب القوى الأميركي لاري بارسلو، فقال إن «التجنيس في أميركا يكون من أجل تطوير اللاعبين الصغار وبناء جيل جديد من الموهوبين المحليين، ويكون في حدود ضيقة وطبقاً لشروط يتم اختيارها جيداً لكي نضمن أن يشكل اللاعب المجنس الإضافة والخبرة المطلوبة للاعبين الصغار، الذين بدورهم يتخذون هذا اللاعب قدوة لهم، وأعتقد أن تجنيس لاعب أو اثنين في كل لعبة أمر جيد، خصوصاً في دول الخليج نظراً لعوامل مختلفة منها قلة التعداد السكاني وعدم توافر الطقس الملائم للتفوق الرياضي».
وانتقد الأميركي بارسلو نظرة الجمهور العربي وبعض المسؤولين للرياضيين المجنسين على أنهم لا يمثلون الدولة، وقال: «العرب مخطئون، لولا التجنيس لا تستطيع أن تنافس عالمياً، فهو ضروري ولكن في حدود، إذ ليس منطقياً أن أقوم بتجنيس 20 لاعباً في كل لعبة».

- الميدالية تُسجل باسم الدولة وليس البطل الحاصل عليها في الدورات الأولمبية.
- معظم الميداليات المتحققة للرياضيين العرب في الدورات الأولمبية نتاج عمل فردي.
- البحرين من أنجح الدول العربية في تجنيس الرياضيين.. و«أولمبياد ريو» الدليل.


268

رياضياً عربياً شاركوا في أولمبياد البرازيل، لكنهم حققوا 14 ميدالية فقط.


للإطلاع على 8  دول صعدت منصة التتويج في أولمبياد ريو دي جانيرو 2016 ، يرجى الضغط على هذا الرابط.

وقال رئيس اتحاد الجودو ناصر التميمي، إن «التجنيس أصبح واقعاً رياضياً تعيشه كافة الدول في العالم وليس العربية فقط، فلا مانع من أن تقوم الاتحادات بالتجنيس من أجل حصد ميداليات للدولة، وفي الوقت نفسه تعطي نموذجاً لجيل الشاب الجديد بالسير وفق منهج محترف، وهي سياسة عالمية بدليل أن الميدالية الأولمبية تكتب باسم الدولة وليس باسم البطل في جدول الترتيب».

وأضاف: «كنت لاعب كرة سلة وكان فريقي يتعاقد مع لاعبين أجانب، وكنا نحن نبحث عن الوصول إلى مستواهم الفني أو تخطيهم في التدريبات والمباريات، ما يعني أن اللاعب الأجنبي في الفريق مهم من أجل تطوير بقية اللاعبين».

وعن عملية التجنيس لدى الاتحاد الدولي للجودو، قال إنها «خيار إيجابي 100% ولا سلبيات لها، كما أن شروطها ليست صعبة أو معقدة، إذ أصبحت الرياضة (احترافاً)، خصوصاً إذا كان هناك اتفاق بين دولة ولاعب من أجل أن يمثلها، ففي لعبة الجودو قد يمثل اللاعب المجنس دولة أخرى ثالثة حال وافقت الدولة المجنس لها، أو عليه الانتظار ثلاث سنوات من أجل ذلك، وهو أمر غير المسموح به في شروط اتحاد مثل الاتحاد الدولي لكرة القدم، الذي يكاد يكون الوحيد الذي لا يسمح للاعب المجنس بتمثيل دولة حال لعب باسم بلد معين».
وأكمل: «يجب ألا نبقى في مكاننا وتسبقنا كل دول العالم، والتجنيس هو الطريق الأمثل للوصول إلى العالمية من أجل حصد الميداليات وتعليم الناشئين، وبصراحة أنا مع تطبيق التجربة في كل الألعاب وبما يتناسب معها من قوانين».

ورفض التميمي اعتبار التجنيس نتيجة كسل بعض المؤسسات والاتحادات في صناعة بطل أولمبي، وقال إن «الاتحادات تقوم بواجبها في العمل، ولكن يجب أن يكون هناك سياسة واحدة ومتكاملة في طريقة الإعداد، وأمور كثيرة تتعلق بالميزانيات وطرق التدريب».
وأوضح: «عندما ننظر إلى الميداليات الأولمبية التي تحققت للإمارات نجد أنها حدثت نتيجة مجهود فردي من البطل الذهبي الشيخ أحمد بن حشر آل مكتوم الذي أعد نفسه سنوات من أجل تحقيق هذا الانجاز، إضافة إلى ميدالية الجودو في أولمبياد البرازيل الأخيرة، فهي أيضاً نتيجة مجهود فردي من الاتحاد، وذلك بسبب عدم وجود خطط أولمبية طويلة المدى وميزانيات تسمح بذلك».

وأشار التميمي إلى أن «البطل الأولمبي عليه أن يتدرب 300 يوم في السنة، ولا تقل المعسكرات الخارجية عن 150 يوماً في السنة، والمشاركة في أربع أو خمس بطولات عالمية في العام، لذا أرى أن اعتماد الاتحادات على معسكرات طويلة لمدة أربعة أشهر قبل البطولة الأولمبية غير كافٍ، ويجب الإعداد ثماني سنوات على الأقل».
وأضاف: «يجب أن يكون هناك رؤية واضحة وتفريغ للاعبين المشاركين في الإعداد وانتقائهم بعناية، وأن يكون هناك منظومة احترافية بين اللاعب والنادي والاتحاد والهيئة العامة واللجنة الأولمبية، وهو أمر صعب في البداية، لكن يجب أن يكون الهدف الأساسي تحقيق ميدالية أولمبية».

وطلب رئيس اتحاد الجودو التفريق بين الهوية والولاء، وقال «الوطنية موجودة لدى الشباب والولاء موجود أيضاً للاعب المجنس، فعندما يساعدني لاعب مجنس على خلق والتزام في حصد ميدالية فما المانع من ذلك؟ كما أن حب الوطن والولاء موجود لدى الشباب، ولكن أين المنظومة التي يسيرون عليها من أجل الوصول إلى تحقيق ميدالية أولمبية؟».

وأوضح التميمي أن «هناك من انتقدوا إنجاز اتحاد الجودو بالحصول على ميدالية أولمبية في البرازيل عبر اللاعب المجنس توما سيرجيو، فيما كل من ينتمي للرياضة قام بتفسير الميدالية بالشكل الصحيح، وعلموا أنها ميدالية كتبت باسم الإمارات وليس باسم اللاعب، فالوطن باقٍ والأشخاص زائلون، أما النقد فهو أمر طبيعي لأي مؤسسة ناجحة يجب أن تنتقد».

وختم التميمي أن «التجنيس ليس اعترافاً بفشل الرياضيين المواطنين بل على العكس هناك رياضات عمرها قصير في الدولة مثل الجودو لا يتخطى 16 عاماً، وبالتالي فإن الأجيال الشابة في حاجة لنماذج وأبطال لكي يسيروا على المستوى العالمي نفسه للاعب المجنس».

لا تكاسل

من جهته، شدد عضو الاتحاد الدولي رئيس اتحاد ألعاب القوى المستشار أحمد الكمالي، على رفضه لمن يتساءلون عن عدد السنوات المفترض أن يتم خلالها صناعة بطل أولمبي محلي، وقال إن «الأمر مرتبط بمقومات كثيرة هي: العنصر البشري، والعاملان المادي والفني، فقد تتحقق الميدالية الأولمبية كل أربع سنوات وقد تصل إلى 100 عام بناء على هذه المقومات التي يجب أن تتوافر».

وأشار الكمالي إلى أن «عدد الدول في العالم التي تشارك في الأولمبياد 215 دولة، ومن حقق فيها ميداليات أولمبية يراوح بين 65 و70 دولة، فهل نعتبر بقية الدول فاشلة؟ بالطبع لا، إذ إن هناك اجتهادات ودول تعمل وفقاً لرؤى معينة، ولكن يبقى أهم شيء وهو الاختيار الصحيح للاعبين، والبرامج الصحيحة والأجهزة الفنية القادرة على صناعة البطل».

وأعطى الكمالي مثالاً على مستوى ألعاب القوى، قائلاً: «كان سقف الطموح سابقاً هو الحصول على ذهبية الخليج، والآن أصبح السقف ميدالية أولمبية عقب تحقيق ذهبية آسيا، وأنا كرئيس اتحاد ألعاب قوى أعمل 26 ساعة في اليوم، ويوجد لدينا طموح كبير، وأعلنت منذ فترة قريبة عن برنامج إعداد اللاعبين إلى أولمبياد طوكيو 2020، أي قبل البطولة بأربع سنوات، ونأمل التوفيق في مهمتنا».

وعن تجنيس الرياضيين، قال الكمالي إن «قرار التجنيس ليس في يد المسؤولين الرياضيين وإنما هو قرار سيادي يأتي من قيادة كل دولة، أما الاتحادات الدولية فلديها اللوائح الخاصة بالتجنيس، واتحاد ألعاب القوى الدولي كغيره لديه اللوائح الخاصة به التي تسمح بالتجنيس طبقاً لشروط معينة، فإذا كانت القوانين الدولية تسمح بذلك فلماذا أرفض أنا التجنيس؟».

وأوضح: «هنا لا أتحدث عن ألعاب القوى فقط وإنما أي رياضة أخرى، فإذا وجد لاعب يخدم أهداف دولة معينة رياضياً وحصل على موافقة من جهات أمنية فلا مانع من ذلك لما يقدمه من فوائد، ويعد اتحاد ألعاب القوى من أوائل الاتحادات التي اتجهت إلى التجنيس، وكانت ولاتزال تجربة ناجحة وأعطت الكثير من النتائج ولاتزال تعطي».

وعن اتهام الاتحادات التي تلجأ للتجنيس بأنها متكاسلة تجاه صناعة بطل محلي، قال: «لا يوجد شيء اسمه تكاسل، ولكن الكل يجتهد ويعمل طبقاً لرؤية معينة، وهذا بعيد كل البعد عن الكسل عندما تعمل الاتحادات وفق لوائح وأنظمة وأطر قانونية، وكل دولة عربية تحكمها لوائح معينة وتختلف كل دولة عن الأخرى في الاعتماد على التجنيس بعدد معين طبقاً لقوانين تلك الدول التي تسمح بذلك».

وتابع الكمالي: «هناك مفهوم خاطئ أيضاً لدى البعض بأنني إذا جنست فيجب أن أحقق ميدالية، فنحن نعمل وغيرنا كذلك يعملون، ويبقى الحصول على ميدالية أولمبية مسألة توفيق وعمل وإصرار، وأرى أن من يشكك في ميدالية اللاعب المجنس فهو لا يعرف في الرياضة، إذ إن الميدالية الأولمبية تكتب باسم الدولة وليس باسم اللاعب».

وتطرق الكمالي للاعبين المواطنين، قائلاً: «لا يوجد لاعب مواطن فاشل بل على العكس فهم يتدربون بجد ولديهم ظروفهم الخاصة، ويحاولون دائماً تقديم أفضل ما لديهم، ويجب هنا ألا أخص أي لاعب بالفشل، كما علينا أن نفرق بين الولاء والرياضة، فالولاء موجود 200% ولا مزايدة في حب الوطن، وأقسم أن عداءة ألعاب القوى المجنسة علياء محمد بكت طوال اليوم الذي حققت فيه ذهبية آسيا ورفعت علم دولة الإمارات، فمن عاش معنا وأكل من خيرات البلد يعرف جيداً معنى الولاء».

للإطلاع على الموضوع كاملا يرجى الضغط على هذا الرابط.

تويتر