طقوس دينية تقلق الفيفا

لاعبو مصر يسجدون لله شكراً على أحد انتصاراتهم في كأس القارات.  أ.ف.ب

بات لاعبون بحجم وأخلاق المصري محمد أبوتريكة والبرازيلي ريكاردو كاكا مهددين بـ«العقوبة التأديبية» في حال عبروا عن شكرهم لله لدى تسجيل الأهداف في ملاعب كرة القدم من خلال سجود المسلمين وتثليث المسيحيين، وذلك بعدما انصاع الاتحاد الدولي لكرة القدم لاحتجاج نظيره الدنماركي، محذراً من ممارسة أي طقوس دينية داخل المستطيل الأخضر.

ولعب الإعلام الغربي دوراً رئيساً في تشكيل ضغوط على «الفيفا» لإصدار قرار التحذير بعد انتهاء كأس القارات الأخيرة في جنوب إفريقيا، والتي تخللت مبارياتها مشاهد كثيرة دلت على عمق ارتباط أغلبية لاعبي الجيل الكروي الحالي بالوازع الديني، الأمر الذي بدا جلياً في منتخبي البرازيل ومصر، ما أثر في بقية لاعبي العالم الذين انتهجوا الأسلوب ذاته في التعبير عن الأفراح.

ومن المعروف عن اللاعبين العرب والمسلمين قيامهم بالسجود في لحظات النصر، كما يفعل نجوم المنتخب المصري في كل مرة، أما الأوروبيون واللاتينيون فيشكرون الرب بالتثـليث أو على طـريقة أبناء السامبا الذين شكلوا دائرة كبيرة على أرضية ملعب «إيليس بارك» في جوهانسبورغ، بعد فوزهم على أميركا في المباراة النهائية لبطولة القارات، وجلسوا على ركبهم وتوجهوا بالصلاة للرب شكراً على فوزهم باللقب مرتدين قمصاناً كتب عليها «أحب المسيح».

ولم يسبق لـ«الفيفا» التعليق على ممارسة اللاعبين طقوسهم الدينية، رغم حظر قوانين اللعبة الترويج للشعارات السياسية والدينية والعرقية في ملاعب الكرة، حيث لوّح سابقاً بمعاقبة أبوتريكة لإعلانه عن مناصرته أهل غزة بعد تسجيله هدفاً في بطولة أمم افريقيا الأخيرة حين كشف عن قميصه الداخلي الشهير الذي حمل جملة «تعاطفاً مع غزة».

جدل فقهي
من الناحية الدينية، أثارت قضية السجود خلال المباريات جدلاً فقهياً لم يتوقف بعد أن برزت أخيراً فتوى سعودية تفيد بعدم جواز سجود اللاعبين في الملاعب باعتباره «إساءة للإسلام».

ولكن البعض رفض الفتوى، معتبراً أن السجود عقب تسجيل الأهداف بمثابة الدعوة إلى الله التي ربما قد يتأثر بها أي شخص من المشاهدين ويعتنق الاسلام، خصوصاً أن مشهد سجود اللاعبين يترك أثراً روحانياً عميقاً في نفوس جمهور المسلمين لمتابعتهم أبناء دينهم يفرحون بمكاسبهم أمام العالم أجمع، كما أنه يترك مساحات كبيرة من التفكير بالنسبة لمعتنقي بقية الديانات.

وكشفت التقارير أن أعداداً كبيرة اعتنقت الاسلام بسبب السجدة التي أداها اللاعبون المصريون في الملاعب الافريقية، وأعرب مفتي دولة الكونغو الشيخ عبدالله منجالا لوابا عن سعادته البالغة بسجدة الشكر التي أداها النجم محمد أبوتريكة بعد تسجيله هدف الفوز في مرمى الكونغو في المباراة التي جمعتهما في كنشاسا خلال سبتمبر الماضي ضمن المرحلة الأولى من التصفيات المؤهلة الى كأس العالم 2010.

وقال في تصريح نقله موقع مفكرة الإسلام الالكتروني إن «هذه السجدة كانت سببًا في اعتناق العديد من الكونغوليين دين الإسلام، حيث أثار سجود أبوتريكة وزملائه كلما أحرزوا هدفا، فضول عدد كبير من مشجعي كرة القدم في بلادنا، ما دفعهم الى القدوم إلينا وسؤالنا عن سبب ما قام به الفريق المصري ودلالته، فأجبناهم بأن تلك سجدة شكر لله على ما أنعم به على اللاعبين من نعمة، وأن الدين الحنيف يحث على ذلك، فأخذوا يسألون عن الإسلام وشريعته ونجيبهم حتى أسلم عدد كبير منهم».

الوازع الديني
هناك تخوف غربي من التعبيرات الدينية أمام الشاشات الصغيرة، خصوصاً تلك الصادرة من اللاعبين المسلمين، فلم ينس العالم مشهد لاعبي المنتخب الايراني الذي شارك في مونديال الأرجنتين عام 1978 تزامناً مع اشتعال الثورة الإسلامية في طهران، عندما دخلوا الملعب مطأطئي الرؤوس تحت المصحف الشريف، ما قوبل باستهجان إعلامي لم يتوقف منذ ذلك الوقت وظل ينتقد مثل هذه المشاهد، حتى أنه اتهم لاعبي منتخب تركيا بـ«الأصولية» لدى مشاركتهم في مونديال كوريا الجنوبية واليابان عام 2002 ،ووضع قبلها أكثر من علامة استفهام على تعبيرات اللاعبين السعوديين خلال المناسبات المونديالية الأربع المتتالية التي وجدوا فيها.

الصحف الإيطالية
تساءلت صحف أوروبية، في أعدادها الصادرة قبل نحو شهر، عن دور السجدة في التقرب إلى الله وانعكاسها إيجاباً على مستوى اللاعبين في الملعب تمهيداً لتحقيق الانتصارات. ما دفعها لتشغيل محركات البحث، بعد الخسارة التاريخية التي تعرض لها الطليان «أبطال العالم» على يد المصريين بهدف نظيف سجله النجم محمد حمص ضمن الدور الأول من بطولة كأس القارات. وقالت صحيفة «لاريبابليكا»: «جميع لاعبي المنتخب المصري يسجدون نحو مكة بعد كل هدف، ودائما يرددون كلمة «إن شاء الله»، فهل كانت السجدة سر فوز منتخب مصر بكأس الأمم الإفريقية عامي 2006 و2008 على التوالي، والأداء الرائع أمام البرازيل في كأس القارات، الذي لم يكن مصادفة، ومن ثم الفوز على إيطاليا بطلة العالم؟».

 لقطات

--صحيفة «كوبنهاغن بوست» الدنماركية كانت الأكثر اعتراضاً على إظهار الشعارات الدينية في الملاعب، ودعت الى معاقبة اللاعبين، معوّلة على وجود بند في لوائح الاتحاد الدولي لكرة القدم ينص على أن من يظهر شعاراً من هذا النوع في الملعب يجب أن يوقع عليه العقاب من قبل منظمي البطولة أو من جانب «الفيفا» نفسه.

--أصبح سجود اللاعبين عند تسجيل الأهداف ينافس الشعارات المسيحية التي يلجأ إليها النجوم الأوروبيون واللاتينيون عموماً، لاسيما أن بطولات القارة العجوز تعج بمحترفين مسلمين ولاعبين من أصول عربية وافريقية يجدون صعوبة في أداء الصلاة وحتى الصيام.

--عبر عدد من اللاعبين الأوروبيين عن انزعاجهم من تحذير «الفيفا»، وقال لاعب المنتخب الإيطالي نيكولا ليجروتاليي المعروف بالتزامه بالمسيحية «إذا كانت الصلاة للرب خطأ، فما الأنشطة المقبولة إذن؟ على الاتحاد الدولي لكرة القدم أن يقلق من التصرفات الأكثر عنفاً، وأن يعطي الجميع فرصة شكر الرب وقتما شاؤوا».

نجوم البرازيل بقمصان «أحب المسيح» يؤدون صلاة الشكر بعد الفوز بكأس القارات. ا.ف.ب

 

 

 

تويتر