فلورنتينو بيريس ... النافذ المحنّك في السياسة والاقتصاد وكرة القدم

سياسة، إقتصاد، كرة قدم... يلعب الرئيس النافذ لنادي ريال مدريد الإسباني فلورنتينو بيريس على كافة حلبات الرياضة، ويحمل شارة قائد الدوري السوبر الأوروبي لكرة القدم، الانفصالي عن دوري الأبطال وفتيل بداية حرب مع الاتحاد القاري ويفا. وقال الرئيس الأوّل لهذه المسابقة المنشقة والتي أنشأها 12 من كبار أندية القارة العجوز، في بيان "سنساعد كرة القدم على جميع المستويات لنرفعها إلى المكان الذي تستحقه".

وفي حديث مع برنامج "إل تشيرينغيتو" التلفزيوني ليل أمس اعتبر الإسباني أن "النظام الجديد لدوري الابطال سيبدأ في العام 2024"، إلى حينها "ستكون الاندية قد ماتت". وأضاف الرجل البالغ 74 عامًا "على كرة القدم أن تتغيّر"، مضيفًا أنه "من المستحيل" أن تُطرد الاندية من البطولات الاوروبية المنضوية تحت "ويفا". وجهٌ جادٌ وأخلاقٌ حميدةٌ، الشخص الذي غالبًا ما ينادونه باسمه الأول "فلورنتينو" هو أحد أكثر الرجال نفوذًا في البلاد.

ويرأس "البيت الابيض" في ريال مدريد حيث أعيد انتخابه رئيسًا الاسبوع الماضي بالتزكية، وحقق النادي في حقبته لقب الدوري المحلي في خمس مناسبات ودوري الأبطال ست مرات مكرسًا نفسه زعيمًا لأوروبا، وهو يتولى منذ العام 1997 منصب رئاسة شركة "بي تي بي" و"ايه سي أس" المختصة بأعمال البناء، وهي مجموعة يبلغ حجم مبيعاتها حوالي 35 مليار يورو. وتحت قيادته، احتشدت النخبة السياسية والاقتصادية قبل جائحة فيروس كورونا في مقاعد كبار الشخصيات في ملعب سانتياغو برنابيو في العاصمة الاسبانية، حيث يُنظر إليهم على أنهم يبرمون صفقات تجارية. دافع عن نفسه في مقابلة تلفزيونية عام 2014 معتبرًا "إنها مجرد كليشيهات"، مضيفًا "نتحدث عن كرة القدم ...".

صفقات قياسية
وصل الى الرئاسة أول مرة في يوليو من العام 2000 وأقسم حينها على جعل ريال مدريد علامة تجارية عالمية وإنعاش اقتصاد النادي. بدأت حينها حقبة الـ"غالاكتيكوس" التي ضمت أبرز نجوم عالم المستديرة: في الصيف الذي وصل فيه، تعاقد مع البرتغالي لويس فيغو من الغريم التقليدي برشلونة مقابل 58 مليون يورو، وهو رقم خيالي في تلك الفترة.
في العام التالي، ضم الفرنسي زين الدين زيدان، المدرب الحالي للفريق، البرازيلي رونالدو أفضل لاعب في العالم عام 2002 ومن ثم الانكليزي ديفيد بيكهام في 2003. أبرم بيريس الذي اشتهر بأنه مبذر للأموال، بعض أغلى الصفقات في تاريخ كرة القدم ولكنه تمكّن في كثير من الأحيان من جعلها مربحة بفضل حنكة وذكاء في التسويق.
استقال في العام 2006 بعد انتقادات لطريقة إدارته للنادي التي ركزت بشكل كبير على التسويق في ظل غياب لقب كبير عن خزائنه بين 2003 و2007، قبل أن يعود الى منصبه في العام 2009. وأنفق في غضون أسابيع قليلة أكثر من 240 مليون يورو لتعزيز صفوف الفريق من خلال التعاقد مع البرتغالي كريستيانو رونالدو من مانشستر يونايتد الانكليزي والبرازيلي كاكا من ميلان الايطالي، آخر لاعبَين متوَجين بجائزة الكرة الذهبية في حينها.

وعلى الرغم من ثروة تقدرها مجلة فوربس بـ2,3 مليار دولار، يؤكد فلورنتينو بيريس عدم تمسّكه بالمال، حيث يعتبر الابن الذي نشأ برعاية والدٍ عمل في صناعة العطور أن القيم تكمن في "الحياة الطبيعية" و"العمل".

الدمج والاستحواذ
تخرّج المهندس الشاب من جامعة العلوم التطبيقية في مدريد وسرعان ما ذاق طعم النفوذ. وبين عامي 1976 و1982، كان ناشطًا في حزب اتحاد الوسط الديمقراطي التابع لرئيس الحكومة أدولفو سواريس، تعرف على مجال إدارة الاعمال عندما شغل منصب نائب عمدة مدريد ثم مدير البنية التحتية في وزارة النقل. لكن عندما لم يفز الحزب الليبرالي والوسطي الجديد الذي كان أحد مسؤوليه، بأي مقعد في البرلمان عام 1986، ترك السياسة. وفي العام 1983، اشترى مع أصدقائه بسعر منخفض شركة بناء تواجه صعوبات مالية.

وبعد العديد من عمليات الدمج والاستحواذ، وُلدت شركة "ايه سي أس" العملاقة في عام 1997 حيث تولى بيريس منصب الرئيس الاول فيها، حين كانت إسبانيا تستثمر المليارات في مشاريع البناء بفضل الأموال الأوروبية بشكل خاص. وغالبًا ما لعب بيريس دورًا وسطيًا في التعاون بين القطاعين العام والخاص. وقام في العام 2001 بـ"ضربة معلّم" عندما كان رئيسًا لريال مدريد، إذ باع الملاعب في المركز التدريبي الخاص للنادي الى المدينة مقابل 480 مليون يورو، وحصلت شركته في المقابل على حق بناء ثلاثة من اربع ناطحات سحاب لمركز أعمال في هذا الموقع.

 

تويتر