سعدان رجل المهام الصعبة

سعدان يقود تدريبات الجزائر في سويسرا. رويترز

أثبت المدرب رابح سعدان، أنه «رجل المهام الصعبة» بكل ما في الكلمة من معنى، عندما نجح في قيادة منتخب الجزائر الى الدور نصف النهائي لنهائيات كأس الامم الافريقية الاخيرة في انغولا مطلع العام الجاري، والى نهائيات كأس العالم في جنوب إفريقيا الشهر المقبل.

فرض سعدان نفسه بطلاً قومياً بقيادته الجزائر للمرة الاولى الى المونديال منذ عام 1986في المكسيك، والثالثة في تاريخه بعد عام 1982 في اسبانيا، وذلك على حساب بطل القارة السمراء في النسخ الثلاث الاخيرة المنتخب المصري.

 المهجر صنع زياني فرخ مزرعة الجزائر

http://media.emaratalyoum.com/inline-images/246506.jpg 

تعد الجزائر خزاناً كبيراً للمواهب الكروية البارزة التي تركت بصمات واضحة في الملاعب العالمية والاوروبية، امثال رابح ماجر ولخضر بلومي وجمال بلماضي وجمال مناد وعبدالحفيظ تسفاوت، ولايخرج كريم زياني لاعب وسط فولفسبورغ الالماني عن هذه «المزرعة الكروية»، وصانع ملحمة تأهلها الى نهائيات كأس العالم لكرة القدم للمرة الثالثة في تاريخها.

وإذا كان اغلب نجوم المنتخب الجزائري تعلموا «أبجدية الكرة المستديرة» في الجزائر، فإن زياني نهل من «المهجر»، وتحديداً فرنسا التي تعج بجالية جزائرية كبيرة، ولاعبين جزائريين خطف المنتخب الفرنسي خدماتهم، وحقق معهم إنجازات كبيرة، أبرزها كأس العالم 1998 بقيادة زين الدين زيدان.

ولم يتأخر زياني عن فرض نفسه اساسياً في صفوف المنتخب الجزائري، فمنذ مباراته الدولية الاولى في 12 فبراير 2003 امام بلجيكا، بات زياني الذي اختير افضل لاعب في الجزائر عامي 2006 و،2007 عنصراً بارزاً في تشكيلة محاربي الصحراء وصانعاً لانجازاتها، خصوصا في العامين الاخيرين بعودته الى الساحتين القارية والعالمية. ويقول زياني في هذا الصدد «نحن جيل جديد من اللاعبين الجزائريين، اجتهدنا كثيراً في الاونة الاخيرة من اجل إعادة الهيبة الى المنتخب الجزائري. مواهب كثيرة تملكها الجزائر سواء في الداخل او في اوروبا، ومن العار ان تكون غائبة عن المحافل الدولية والقارية».

وأضاف «الدفاع عن ألوان المنتخب الجزائري حلم يتمنى أي لاعب تحقيقه، لكنه في الوقت ذاته مسؤولية كبيرة وجسيمة تتطلب كفاءة واحترافية كبيرة، لأن الامر يختلف عن الاندية، فالدفاع يكون عن ألوان بلد باكمله، وشعب يعشق كرة القدم حتى الجنون».

وتابع «سُررت كثيراً عندما استدعيت للمرة الاولى الى صفوف المنتخب، لم أصدق الامر في الوهلة الاولى، وكنت خائفا، لكن ذلك لم يستمر طويلا»، مشيرا الى ان «خبرتي في فرنسا علمتني الكثير وساعدتني كثيرا في مبارياتي الدولية». واردف قائلاً «حققنا مشواراً رائعاً في التصفيات، وحققنا حلم شعب باكمله».

وبدأ زياني المولود في 17 اغسطس 1982 في مدينة سيفر الفرنسية، مشواره مع شباب راسينغ باريس (1995-1998) ومنه الى تروا (1998-2001) ووقع اول عقد احترافي مع الفريق الاول للاخير (2001-2004) ومنه الى لوريان (2004-2006)، وأسهم في عودته الى الدرجة الاولى، حيث اختير افضل لاعب في الدرجة الثانية، ثم سوشو (2006-2007) واحرز معه كأس فرنسا على حساب مرسيليا، فما كان من الاخير إلا أن تعاقد معه في العام ذاته، لكنه فشل في فرض نفسه اساسياً في تشكيلته حتى عام 2009 عندما تعاقد معه فولفسبورغ بطل الدوري الالماني. ولعب زياني 46 مباراة دولية حتى الآن، وسجل أربعة اهداف.

 

ويعتبر ما حققه «الشيخ» سعدان انجازاً، لان اشد المتفائلين حتى وسائل الاعلام المحلية لم يكن ينتظر ان يحقق «مقاتلو الصحراء» ذلك، بل انه عزز إنجازاته بقيادة منتخب بلاده الى كأس الامم الافريقية التي استهلها بخسارة مذلة امام مالاوي صفر/3 في الجولة الاولى، قبل ان يستعيد توازنه ويتغلب على مالي ويتعادل مع انغولا، قبل أن يطيح بساحل العاج في ربع النهائي، علماً بان سعدان نفسه كان صانعاً لملحمة التأهل الى الدور ربع النهائي للكأس القارية للمرة الاخيرة في تونس عام 2004 عندما سقطت الجزائر امام الجار المغرب 1/3 بعد التمديد.

ومنذ ذلك التاريخ الذي استقال على اثره سعدان من منصبه، لم تطأ اقدام الجزائريين العرس القاري، فغابوا عن نسختي مصر 2006 وغانا ،2008 حتى اعادهم إليه الشيخ عن جدارة واستحقاق قبل ان ينهوه بخسارة مذلة امام الفراعنة صفر/4 في دور الاربعة.

يذكر انها المرة الخامسة التي يشرف فيها سعدان على تدريب منتخب بلاده بعد ،1982 عندما كان مساعداً لمحيي الدين خالف، ثم اعوام 1986 و1999 و.2004

ويلجأ الاتحاد الجزائري دائماً إلى سعدان لقيادة المنتخب في أصعب الفترات، وتحديداً بعد فشل المدربين الاجانب في مهامهم على رأس الادارة الفنية «للخضر».

ويعد سعدان من أفضل المدربين العرب، وسيصبح اول مدرب عربي وافريقي يقود منتخب بلاده في ثلاث نسخ من نهائيات كأس العالم، علماً بانه كان صانع تأهل منتخب الشباب الى مونديال 1979 في الارجنتين، وقاده الى الدور ربع النهائي قبل أن يخسر أمام الأرجنتين المضيفة واسطورتها دييغو أرماندو مارادونا. ولفت سعدان الانظار مع الجزائر في مونديال 1982 في إسبانيا عندما تغلب الخضر على المانيا الغربية 2/،1 وتشيلي 3/،2 وخسر امام النمسا صفر/،2 ولولا المؤامرة الشهيرة للاخيرة مع المانيا لكان اول منتخب عربي وافريقي يبلغ الدور الثاني.

تسلم سعدان مهامه مدرباً عام ،1985 وقاد الجزائر الى مونديال 1986 في المكسيك، وقدم فريقه مستوى جيداً لايقل عن المستوى المشرف الذي قدمه عام ،1982 حيث تعادل مع إيرلندا الشمالية وخسر امام البرازيل بصعوبة صفر/،1 لكنه انهار أمام اسبانيا.

وعاد سعدان للاشراف على الجزائر عام ،1999 لكن لفترة قصيرة، لخلافات مع المسؤولين، قبل ان يعول عليه مرة أخرى في يوليو ،2003 ونجح في قيادة الجزائر الى امم افريقيا في تونس، حيث بلغ ربع النهائي.

ولجأ الاتحاد الجزائري للمرة الخامسة الى سعدان في اكتوبر ،2007 خلفا للفرنسي جان ميشال كافالي الذي كان يتولى هذه المهمة منذ مايو عام ،2006 واقيل من منصبه بعد فشله في قيادة الجزائر الى نهائيات كأس الامم الافريقية في غانا ،2008 فكان المدرب المحلي عند حسن ظن المسؤولين، وحقق اهدافهم حتى المستحيل منها وهو التأهل الى المونديال، بعدما كانت مصر مرشحة بقوة لخطف البطاقة، بالنظر الى عروضها الرائعة في الاعوام الاخيرة واسقاطها اعتى المنتخبات الافريقية، خصوصاً ساحل العاج والكاميرون.

وشكل سعدان منتخباً شاباً وواعداً يضم عموده الفقري الحالي كريم زياني ونادر بلحاج وعنتر يحيى ومجيد بوقرة وعبدالقادر غزال ورفيق صايفي وغيرهم.

ولقي سعدان نجاحاً كبيراً مع الاندية التي اشرف على تدريبها، خصوصا الرجاء البيضاوي المغربي عندما قاده إلى اول القابه المحلية عام ،1980 واول القابه القارية عندما توج بلقب مسابقة دوري ابطال افريقيا على حساب مولودية وهران الجزائري عام ،1989 ثم وفاق سطيف الذي قاده الى لقب دوري ابطال العرب الموسم الماضي.

ولد سعدان في منزل متواضع مجاور لملعب «سفوحي» بحي السطا في 3 مايو 1946 من عائلة تنحدر من منطقة «العنصر» بالميلية ولاية جيجل، ونظراً لقربه من الملعب تعلم فنون اللعبة على ارضيته، واستطاع التوفيق بين معشوقته «المستديرة» ومساره الدراسي.

 

تويتر