السحر والشعوذة.. ظاهرة ملازمة لكؤوس إفريقيا

المنتخبات الإفريقية عُرفت باستخدام السحرة والمشعوذين في ملاعب الكرة. أرشيفية

تعلن إفريقيا اليوم انطلاق عرسها الكروي الذي يقام كل سنتين، ويجمع كبار عمالقة القارة السمراء، في صراع على اللقب السابع والعشرين في أنغولا. ومع كل بطولة على هذا المستوى يعود الحديث ليبرز بقوة عن ظاهرة قديمة حديثة، ارتبطت ارتباطاً وثيقاً بالكرة السمراء، ألا وهي السحر والشعوذة، حيث كثيراً ما لجأت إليها بعض الفرق طوال تاريخ البطولة للتأثير في خصومها وتعبيد الطريق للفوز باللقب القاري، فمن غانا إلى نيجيريا وجنوب إفريقيا والتوغو وساحل العاج تسيطر معتقدات تشبع بها الأفارقة بأن الكرة وحدها لا تأتي بالنتائج، بل لابد من أن ترافقها طقوس من السحر والشعوذة لتحقيق الفوز وإلحاق الهزيمة بالخصم. ويتجدد اليوم الحديث عن السحر مع انطلاق مباراة مالي وأنغولا في افتتاح البطولة التي يستضيفها الأخير، فعلى الرغم من التقدم العلمي والثقافي الحاصل في العالم، لايزال الأفارقة أوفياء لمعتقداتهم بأن الفوز بأرجل اللاعبين لايمكن أن يتم إلا بتدخل المشعوذين والسحرة.

وينتشر في غانا حرز يسمى «الكوتي» تستخدم فيه خيوط وقراءة نصوص لإنهاك الخصم وشل قدرات لاعبيه، فيما تقوم مقاطعات أخرى بدفن خروف حي في حفرة مع وصفة سحرية أخرى تجعل المنافس بعيداً عن مستواه، وتقوي في الوقت نفسه الفريق المستخدم للسحر. يذكر أنه في النسخة الماضية بغانا في 2008 انتشرت لدى المحال التجارية في المدن الغانية المستضيفة للبطولة، وعلى رأسها العاصمة أكرا، قمصان وأساور وقبعات نقشت عليها تعويذات سحرية تسهم- حسب اعتقاداتهم- في فوز المنتخب في كل مبارياته. وأرجع الكثيرون تفوق غانا في الفترة الأخيرة وبلوغها نهائيات كأس العالم مرتين متتاليتين إلى أعمال السحر والتعويذات التي يقوم بها السحرة الغانيون.

سحرة ساحل العاج
وفي ساحل العاج يحظى السحرة والمشعوذون بنفوذ وسلطة روحية كبيرة جداً، ففي نسخة 92 التي فاز بها المنتخب العاجي، بعد رحلة شاقة ومباراة ماراثونية على غانا في النهائي، ادعى السحرة في ساحل العاج أنهم هم من حال دون خسارة المنتخب وأوصلوه إلى اللقب بفضل تمتماتهم وتعويذاتهم. لكنهم فوجئوا بعد ذلك بتلكؤ وزير الرياضة في الوفاء بعهده لهم قبل البطولة بمنحهم مكافآت سخية في حال حقق المنتخب البطولة التي كانت الوحيدة في تاريخه.

لكن السحر في حال اكتشافه، كما يقول الأفارقة، ينقلب على أصحابه، فقد حصل هذا الأمر بحسب اعتقاد النيجيريين حين اكتشفوا خلال مباراتهم أمام السنغال في نسخة 2002 تعويذات غريبة موضوعة بجانب مرمى الحارس توني سيلفا، وكانت وقتها السنغال متقدمة بهدف، وبعد أن تم التخلص من السحر انقلبت الأمور وفازت نيجيريا في تلك المباراة. ويعد المنتخب الغيني أشهر من عرف بقيامه باستخدام السحر والشعوذة، عندما استعان مدرب المنتخب الغيني الفرنسي روبير نوزاريه بطفل عمره 10 سنوات اسمه «أمادو أوريباري»، ويلازم هذا الطفل «الأمهق» الفريق بصورة دائمة في التدريبات ويشاهد المباريات عن قرب. ويتفاءل كل فرد في المنتخب الغيني بهذا الطفل.

ومن شواهد هذه البطولة القارية أنه في نسخة عام 2002 وقبيل انطلاق مباراة نصف النهائي بين الكاميرون ومالي بقليل، قام مدرب الأسود وقتها الألماني ويفنرد شايفر، المدرب السابق للأهلي والعين، بالمشي جيئةً وذهاباً في الملعب، ما أثار شكوك المنظمين وحراس الأمن فألقوا عليه القبض ومعه الحارس الكاميروني السابق توماس نكونو بتهمة ممارسة الشعوذة والسحر، وتم تقييدهما أمام الملأ ووسائل الإعلام، فنشب على إثرها توتر سياسي وإعلامي كبير بين مالي والكاميرون، قبل أن يطلق سراحهما لاحقاً.

ذبح العجول
لكن هناك ممارسات تدخل من باب التبرك والفأل الحسن، وهذه عادة توجد لدى المصريين، الذين اعتادوا منذ بطولة الأمم الإفريقية التي استضافوها عام 2006 أن ينحروا عجلاً، عقب كل مباراة، ويتولى قائد الفراعنة أحمد حسن بنفسه عملية الذبح، ويقوم الجهاز الفني بتوزيع اللحم على الفقراء والمحتاجين. وقد لوحظ هذا خلال البطولة الماضية، عندما أقدم المصريون على الفعل نفسه من باب التفاؤل.

كما كان مدافع المنتخب المصري إبراهيم سعيد، يضع يديه في دماء الذبيحة، لطلب فك النحس الذي كان يلازمه، وهو ما أثار اهتمام صحافيين غربيين وأفارقة، واعتبروا مثل هذه المواقف من أعمال السحر التي يمارسها المصريون. ورفض مدرب المنتخب حسن شحاتة عرضاً من أحد الأطباء الأفارقة لعلاج محمد أبوتريكة ادعى انه يستخدم السحر في علاج اللاعبين قبل الاستحقاقات المهمة، وهو ما عارضه اللاعب أيضاً. اللافت أن هذه الاعتقادات لاتزال حاضرة اليوم، حيث يعتقد في مصر أنه حين يشتد الهجوم على المدرب حسن شحاتة قبيل أيام من انطلاق البطولة القارية فهذا فأل حسن بتحقيق اللقب، كما أن الفوز على مالي في مباراة ودية في الإمارات وبهدف لصفر هو كذلك فأل حسن، لأن الأمرين حصلا قبيل البطولة الماضية.
تويتر