السكان يضطرون إلى استخدام الماء الملوّث في الشرب

أزمة المياه في تنزانيا ترفع معدلات العنف

المياه الجوفية في تنزانيا باتت مصدراً رئيساً للمياه رغم أنها ليست نظيفة دائماً. أرشيفية

تواجه تنزانيا مشكلات حقيقية في ما يخص المياه، حيث ثلث مساحتها يراوح بين قاحلة وشبه قاحلة، ولذا من الصعب على الناس الحصول على المياه النظيفة والصرف الصحي، خصوصاً إذا كانوا لا يعيشون قرب واحدة من البحيرات الرئيسة الثلاث التي تقع على الحدود.

ونتيجة لذلك فإن المياه الجوفية في تنزانيا باتت مصدراً رئيساً للمياه، رغم أنها ليست نظيفة دائماً، حيث تقع آبار عدة قرب أو جانب شبكات الصرف الصحي التي تسرب مواد سامة إلى المياه الجوفية العذبة وتلوثها، وبالتالي اتجه التنزانيون إلى المياه السطحية التي تحوي هي الأخرى شوائب، مثل: البكتيريا والفضلات البشرية، وليس هناك خيار أمام الناس سوى أن يعتمدوا عليها في الشرب أوالاستحمام أو غسل ملابسهم في هذه المناطق الملوثة.

ووفقاً لموقع تنزانيا الوطني فإن الأمراض التي تنقلها المياه، مثل الملاريا والكوليرا، تقدر بأكثر من نصف الأمراض التي تصيب السكان.

الأمراض الناجمة عن المياه الملوثة ليست المشكلة الوحيدة التي يعانيها المجتمع التنزاني، ففي الأسر الفقيرة تقضي البنات والأمهات ساعات عدة يومياً في المشي للحصول على المياه من المضخات، وهن عرضة للعنف أو الاغتصاب.

ووجدت دراسة لأوضاع الأسر الفقيرة في تنزانيا، أجراها برنامج محلي، أن عدم وجود مياه صالحة للشرب وكافية وبأسعار معقولة زاد من معدلات العنف القائم على نوع الجنس، ومن تسرب عدد من الفتيات من المدرسة، كما أن الأسر التي ليس لديها خيار سوى إرسال بناتها لجلب المياه، ربما أدى ذلك إلى وقوعهن ضحايا للعنف، للأسف خيارات هذه الأسر محدودة، فهي تحتاج إلى الماء من أجل البقاء.

وحاولت حكومة تنزانيا مرات عدة إصلاح الوضع المتأزم لكن من دون جدوى، وأدركت الحاجة الماسة إلى المياه في المناطق الفقيرة من البلاد، وذلك في عام 1971، إذ وضعت برنامجاً لإمدادات المياه في المناطق الريفية على مدى 20 سنة، يهدف إلى توفير مياه كافية وصحية، وإمدادات يمكن الاعتماد عليها، على مسافة قريبة لا تبعد أكثر من 400 متر عن منازل السكان.

ورغم إيجابية هذا البرنامج، الذي أراد توفير المياه مجاناً للسكان، فإنه فشل في تحقيق ذلك بسبب مشكلات مع المستفيدين، وأخرى تتعلق بالتقنيات المستخدمة.

وفي عام 1991، حاولت الحكومة تنفيذ سياسة وطنية للمياه، التي احتاجت أيضاً إلى مراجعة، وفي نهاية المطاف فشلت.

وفي عام 2003، عندما حاولت تنزانيا ولم توفق في حل مشكلاتها المتعلقة بالمياه، تعرضت لضغوط من قبل البنك الدولي لخصخصة هذا القطاع الحيوي، وتلقت تهديداً بقطع التمويل والمساعدات الدولية، وجاءت شركة بريطانية تدعى «باي ووتر» إلى البلاد، وتولت زمام إدارة نظام المياه، لكن المشكلات ازدادت سوءاً، ولاتزال المرأة تتعرض للعنف عند جلبها الماء، لأنها تضطر إلى السير مسافات طويلة للوصول إلى أقرب مضخة من منزلها، إضافة إلى أن الناس مازلوا عرضة للأمراض القاتلة التي تنقلها المياه، كما أن المدن بقيت محرومة من المياه النظيفة. ورفعت الحكومة التنزانية، في عام 2005، دعوى ضد الشركة البريطانية، لخرق العقد المبرم بينهما، وكسبت تنزانيا القضية وأجبرت الشركة على دفع سبعة ملايين دولار تعويضاً عن الأضرار التي لحقت بالبلاد. وعلى الرغم من أن تنزانيا، اليوم، لم تتغلب على مشكلة نقص المياه إلا أن الحكومة والشعب التنزاني يدركان جيداً أهمية توفير موارد مائية صالحة للشرب وسهلة الوصول، وضرورة العمل سوية لتحقيق هذا الهدف الاستراتيجي والحيوي.

تويتر