المرصد

الصحافة وموجات الحرارة

يتطور دور الصحافة البيئية يوماً بعد يوم، وينتقل من مجرد المعالجة العمومية إلى التفرعات الأكثر تخصصاً، ومن هنا أصبح محور «مواجهة موجات الحرارة الشديدة» التي بات يشهدها العالم أخيراً، مجالاً إعلامياً نوعياً يتم التركيز عليه، بقدر ما يخص الخبراء البيئيين يخص بالتبعية الصحافيين العلميين.

وفي هذا الخصوص شهدت لندن مطلع شهر مايو الماضي ورشة تحت مظلة شبكة «صحافيو أكسفورد المناخية» لنقاش «دور الصحافي في مواجهة الحرارة»، انتهت لمخرجات اعتبرتها الورشة النصائح المحدثة للصحافي البيئي تجاه الواقع الحراري الذي نشهده اليوم، بحسب ما نشر موقع «رويترز إنستيتيوت» في تقرير له في 21 مايو الماضي.

كان أبرز التوصيات التي انتهت إليها الورشة ضرورة تعامل الصحافي مع الطقس الحراري المتطرف بوصفه «قاتلاً صامتاً»، حيث إن هذا الطقس رغم أنه لا يقل خطورة عن الفيضانات والعواصف والحرائق الكبرى، ورغم أنه يُحدث القدر نفسه من الضحايا، فإنه يفعل تأثيره في صمت.

ويصدم التقرير قُرّاءه حين يكتشف أن أوروبا فقدت بسبب الموجة الحرارية التي شهدها العالم في عام 2022 نحو 63 ألف شخص، توفوا بتأثير مباشر أو غير مباشر من الموجة.

أما الخلاصة الثانية التي أشار إليها التقرير فهي أنه حتى في المجتمع الطبي مازال العالم «لا يعترف» بقدر كافٍ بتأثير الموجات الحرارية على الصحة.

وتشير التوصية الثالثة إلى شيء إيجابي هو ولادة مبادرات واسعة عالمية قامت وتقوم بها مدن ودول ومنظمات لمواجهة الموجات الحرارية، وتنتهي إلى رمي الكرة في ملعب الصحافيين ليتابعوها.

كذلك تمضي التوصيتان الرابعة والخامسة إلى ضرورة استفادة الصحافيين من تجربة متابعة الإعلام لـ«كوفيد-19»، وأن يكون في مقدمة هذه الاستفادة متابعة المداخل الإنسانية.

وتركز النصيحة السادسة على فكرة شبيهة بواقع الصحافي في الحروب، حيث تشير إلى أن الحرارة المتطرفة تؤذي الجميع بمن فيهم الصحافيون الذين يغطون تأثيراتها، لذا على الأخيرين اتباع دليل سلامة.

أما الاستخلاص الأخير للورشة والتقرير فيؤكد على أن الحرارة ستؤثر على شكل حياتنا المستقبلي، لذا على الصحافي أن يعكس ذلك في موضوعاته، مثل تأثير ذلك في المدارس والحقول وزيادة الطلب على الكهرباء والضغط على الخدمات الصحية.

وتعكس هذه الورشة اهتماماً سائداً في الغرب بمتغيرٍ نحن في الشرق أولى بالتركيز عليه، ومن ثم أصبح لزاماً على إعلامنا أن يُحدّث معالجاته لمواجهة المختلف بهذا الخصوص، وإدراك أن الأمر تعدى نشر صور جحافل الزاحفين إلى الشواطئ أو الأطفال اللاهين في النوافير في صفحة المنوعات. الموجات الحرارية أصبحت الآن قصة موت وحياة، تماماً كالحروب.

تويتر