المرصد

اختفاء صفحة «بريد القرّاء»

اختفت صفحات «بريد القرّاء» أو انزوت إلى حد كبير في الصحافة العربية، تاركة مساحة إعلامية خالية، لا يمكن ملؤها بأي مادة إعلامية أخرى، بحسب خبراء ومتابعين. وبلغة اليوم، كانت صفحة «بريد القرّاء» أول صفحة تفاعلية تَحولُ دون تَحولِ القارئ إلى متلقٍ سلبي، وقد ظهر في صفحات هذا البريد في العالم العربي نجوم لامعة، شأنهم شأن كتّاب ورؤساء ومديري تحرير.

ويذكر تحقيق صحافي أجرته صحيفة «الأهرام» في مايو 2021، اسم «القارئ-الكاتب» عيسى متولي، الذي كان يراسل الصحف بانتظام، وأصبحت رسائله ضمن موادها المنشورة الأبرز، حيث واصل الكتابة عن بُعد وعبر البريد مع 150 رئيس تحرير، وتميّز بكتابات معينة، الأمر الذي جعل الصحافي الشهير مصطفى أمين يرسل له بنفسه خطاب شكر على كتاباته ومتابعاته، وأن يكتب عنه الصحافي أحد الصاوي مقالاً يقول فيه: إن «الكاتب لا يصبح كاتباً إلا إذا وصلته رسالة من عيسى متولي»، كما يذكر الكاتب والمؤرخ الصحافي أحمد الصاوي أن متولي، الذي زامل الروائي الكبير نجيب محفوظ والسياسي سيد مرعي، بعد أن كتب مقالاً عن الأزمة الاقتصادية في عصره اجتُذبت إليه الأنظار، رفض عرض «الأهرام» له بتعيينه كصحافي لديها براتب قدره أربعة جنيهات، مصراً على الاستمرار في وضعه «البريدي»، بما يعكس قيمة هذه الصفحات في وقتها.

وعلى الرغم من أن رئيس تحرير صحيفة «سان بول بيونير برس» وصف «صفحة بريد القرّاء» في زمن سيادة الصحافة الورقية، بأنها «مقياس التفاعل بين الصحيفة وجمهورها، كلما زاد البريد كانت الصحيفة ناجحة في التفاعل مع جمهورها، وكلما تراجع أضحت الصحيفة خاملة ولا تثير قراءها»، فإن ظهور وسائل الاتصال الاجتماعي والإعلام الرقمي وجه ضربة قاصمة لهذه الصفحات بلاشك، في سياق توجيهه لضربة لكل الإعلام القديم.

ويشير الخبير الإعلامي، الأستاذ بكلية الآداب جامعة القاهرة، الدكتور سامي عبدالعزيز، إلى أن «باب بريد القرّاء من الأبواب التي كانت تبيع الجريدة، وأن الهدف الأساسي منها زيادة التوزيع، لكن تتحقق منها أهداف أخرى، حيث إن كثيرين وجدوا حلولاً لأزماتهم من خلال هذا الباب أو من خلال التواصل مع الجريدة أو المحرر».

ويرى خبراء آخرون أن أهمية هذه الصفحات تتخطى إرضاء رغبة البعض في الكتابة أو التسلية أو تقديم الحلول المباشرة، حيث إنها تقدم ذخيرة هائلة من اقتراحات الموضوعات الصحافية للجريدة إذا ما اهتمت بها.

يظل السؤال المحير بعد هذا مطروحاً: هل يمكن لهذه الصفحات، في ظل الإعلام الرقمي، أن تأخذ شكلاً جدياً في المستقبل؟

• ظهور وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام الرقمي وجه ضربة قاصمة لهذه الصفحات.  

تويتر