«هيكيكوموري» ظاهرة تفاقمت بفعل الوباء

تزايد أعداد المنعزلين اليابانيين.. لا يغادرون منازلهم أبداً

صورة

إنهم منعزلون اجتماعيون يعيشون بمفردهم، ولا يتركون منازلهم، ولا يتعاملون مع العالم الخارجي. إنها شريحة من اليابانيين يُطلق عليهم «هيكيكوموري». ووفقاً لأول مسح واسع النطاق أجرته الحكومة اليابانية، يعيش حوالي مليون ونصف المليون من مواطنيها في هذه الحالة الدائمة من «الإغلاق» المفروض على أنفسهم.

وخلص الاستطلاع الذي أجراه مكتب مجلس الوزراء الياباني، وشمل 30 ألف شخص، إلى أن واحداً من كل 50، ممن تتراوح أعمارهم بين 15 و64 عاماً، لم يغادر منزله، أو نادراً ما غادرمنزله، لمدة ستة أشهر أو أكثر. وقال حوالي خُمس أولئك الذين استوفوا معايير «هيكيكوموري» إن عزلهم الذاتي كان بسبب الجائحة، على الرغم من أن هذا لم يكن السبب الأكبر، إذ قال 45% إن الانعزال بدأ عندما تركوا وظائفهم.

ظاهرة تعود لأواخر التسعينات

وأدرك علماء النفس اليابانيون ظاهرة الهيكيكوموري في أواخر التسعينيات. وفي ذلك الوقت، بدا الأمر وكأنه حالة متعلقة بصغار السن، وغالباً ما يكونون مراهقين مصابين بصدمات نفسية، بسبب التنمر في الفصول الدراسية. وبعد ربع قرن، أصبح معظم الهيكيكوموري في منتصف العمر وحتى كبار السن.

وتلقى الكثير من المنعزلين الرعاية من آبائهم الذين بدأوا الآن يموتون. ويُعرف هذا باسم مشكلة 80:50 - الآباء في الثمانينيات من عمرهم، يعتنون بالأطفال في الخمسينيات من العمر. ومع عدم وجود أي شخص يعتني بهم، وعدم وجود إرادة لرعاية أنفسهم، يواجه هيكيكوموري المسن احتمالين: إما العوز، أو الرعاية من قبل الخدمة الاجتماعية، التي تنهار بالفعل بسبب التزاماتها تجاه السكان المسنين.

ويتخلى الهيكيكوموري النموذجي عن العمل أو التعليم، ويرفض رؤية الأصدقاء، ويمكث في غرفة نومه. ويقضي الكثير منهم كل وقتهم بمفردهم، ويشغلون وقتهم بألعاب الكمبيوتر، ويتصفحون الإنترنت. وهذه التقلبات السلوكية مألوفة في جميع أنحاء العالم، لكن في اليابان يمكن أن تستمر مدى الحياة.

ويعتقد بعض علماء النفس أن إحجام بعض الأقارب عن تحديد أفراد عائلاتهم على أنهم هيكيكوموري يعني أنه حتى الرقم الجديد، البالغ 1.5 مليون، هو أقل من الواقع، والعدد الحقيقي يمكن أن يكون مليونين أو أكثر.

كانت المشكلة موجودة قبل انتشار الوباء، ولكن تفاقمت بسببه؛ ومن المفارقات أن اليابان لم تواجه أبداً عمليات الإغلاق الإلزامية المفروضة في العديد من البلدان. ولكن النصيحة التي قدمتها الحكومة بالبقاء في الداخل اتخذها الكثيرون ذريعة للحصول على قوة التفويض القانوني، وبعد انسحابهم إلى منازلهم، لم يظهر الكثير من الناس بعدها.

العيش على الهامش

وفي كل مجتمع، هناك نسبة من الشباب الذين يعيشون على هامش المجتمع، غير قادرين على التكيف مع متطلبات العمل والتعليم. وفي بريطانيا والولايات المتحدة، ينضم الكثير منهم إلى صفوف المشردين. ويبدو أن الهيكيكوموري، أو ما يعادله، موجود في الثقافات الغنية؛ حيث يشعر الآباء والأقارب الآخرون بأنهم ملزمون برعاية أطفالهم بعد السن الذي يتعين عليهم فيه مغادرة بيت العائلة.

وأشارت دراسة حديثة إلى أن كوريا الجنوبية لديها مشكلة مماثلة. ووجدت الأبحاث التي أجرتها السلطات المحلية في سيول أن 4.5% من سكان العاصمة معزولون اجتماعياً، أو لم يغادروا منازلهم لأكثر من ستة أشهر.

عوامل اجتماعية

من بين الأسباب الشائعة للعزلة الاجتماعية؛ الحمل، وفقدان الوظيفة، والمرض، والتقاعد، والعلاقات الشخصية السيئة، لكن السبب الرئيس كان الوباء. وأشار أكثر من 20% من المستجيبين، في استطلاع حديث، إلى أن الوباء كان العامل المهم في نمط حياتهم المنعزل. ولم يتم تقديم مزيد من التفاصيل حول تأثير الجائحة في المستجيبين.

وقال الخبراء إن ظاهرة الانعزال غالباً ما يُعتقد أنها تنبع من مشاكل نفسية مثل الاكتئاب والقلق، على الرغم من أن العوامل الاجتماعية تلعب دوراً، أيضاً، مثل المعايير الأبوية في اليابان، وثقافة العمل المتطلبة. ولكن الهيكيكوموري كان موجوداً قبل فترة طويلة من انتشار الوباء، ويرتبط بمشكلة اليابان الأخرى التي تلوح في الأفق، ألا وهي الأزمة السكانية، وقد أشارت السلطات إلى عوامل إضافية، أيضاً؛ مثل ارتفاع عدد البالغين غير المتزوجين مع تضاؤل جاذبية الزواج، وإضعاف الحياة الواقعية والروابط الاجتماعية، حيث نقل الناس مجتمعاتهم إلى الإنترنت.

• 1.5 مليون شخص في اليابان منعزلون عن العالم.

التقلبات السلوكية مألوفة في جميع أنحاء العالم، لكن في اليابان يمكن أن تستمر مدى الحياة.

واحد من كل 50، ممن تتراوح أعمارهم بين 15 و64 عاماً، لم يغادر منزله، أو نادراً ما غادره، لمدة ستة أشهر أو أكثر.

تويتر