المرصد

«مهمة الصحافيين الأخيرة»

تزحف برامج الذكاء الاصطناعي، مثل «شات جي بي تي» على الصحافة يوماً بعد يوم، لتسطو على كثير من مهامها مثل الحصول على المعلومة وتدقيقها وتحليلها والتقاط الصور وفرزها والقيام بالترجمة، لتطرح سؤالاً يؤرق أهل المهنة: هل يأتي يوم تسيطر فيه هذه البرامج على المهنة؟ وهل تشكل يوماً بديلاً للصحافيين (البشريين)؟

الكاتبة الصحافية ومدير مركز تاو للصحافة الرقمية بجامعة كولومبيا، إيميل بل، اعتبرت طرح السؤال بهذه الطريقة يتضمن اختزالاً، مشددة على أن برامج الذكاء الاصطناعي لا تشكل خطراً على الصحافيين بالدرجة الأولى، بل على المحتوى، واعتبرت أن سيطرة الصحافيين (البشريين لا البرامج والروبوتات) على مفاصل المهنة ضمانة لحماية هذا المحتوى.

وقالت بل في مقال نشرته في صحيفة «الغارديان» البريطانية في الثالث من مارس الجاري بعنوان «هيجان الأخبار الزائفة.. لماذا يدمر (شات جي بي تي) الحقيقة؟»، إن تطبيق «شات جي بي تي» أثر على الصحافة في وقت قصير جيداً، والخطورة الحقيقية لهذه البرامج هي أن معلوماتها لا تملك التزاماً بالحقيقة - تقصد الشبيه بالتزام البشر بالبحث في روح المعلومة - وإن كل ما تملكه هو محاكاة النثر الإنساني واستنتاج الكلمات الصحيحة لنسجها ضمن خيط، ومن خطورة هذه البرامج أيضاً أن ما تفعله يبدو كما لو كان «صناعة إنسانية». وتضيف بل أن علينا ألا ننسى أن هذه التطبيقات تم تغذيتها بمليارات المقالات وأرتال من المعلومات، وأنها تولد الإجابات من هذه القاعدة المعلوماتية.

ويؤكد المعنى نفسه مدير الذكاء الاصطناعي في «ستانفورد» كريستوفر ماننغ، فيقول إن «أخلاقيات الزحمة في برامج الذكاء الاصطناعي أنتجت نماذج (معلوماتية) شديدة التحيز، ولا يمكن الاعتماد عليها، لكن الناس أحبت أن ترى جديداً في مجال تحويل أعمالنا، وللحصول على معلومات والاستمتاع».

في الطرف المقابل يرى أستاذ الصحافة في جامعة كيبيك البروفيسور باتريك وايت، في مقال كتبه في دورية «ذي كونفرسيشن»، أن مستقبل الصحافة الآن بين يدي برامج الذكاء الاصطناعي، كما يرى مسؤول الصحافة الرقمية في «أسوشيتد برس» فرانسيسكو ماكروني، أن «الصحافة لم تعد قادرة على مواكبة خطو التكنولوجيا، لذا لا مناص من اعتماد غرف الأخبار على برامج الذكاء الاصطناعي»، ويرى أمثلة لذلك «ذي كانديان برس» التي تستخدمه في «الديسك»، ووكالة الأنباء الفرنسية التي تستخدمه في فرز الصور.

عموماً تظل هناك مساحة للجمع بين الوجهتين عبر التمسك بأن يكون للصحافي الكلمة الأخيرة في كل منتج، معلومة أو صورة أو ترجمة، بحيث يظل برنامج الذكاء الاصطناعي مجرد خادم مطيع عند الصحافي (البشري) صاحب الوعي والضمير والإحساس، والصفات التي من المستحيل حتى اللحظة تمليكها لروبوتات.

أستاذ صحافة في جامعة كيبيك يرى أن المستقبل الآن بين يدي برامج الذكاء الاصطناعي.

تويتر