المرصد

تحيّز الصحافة البريطانية زاد المشهد السياسي تعقيداً

بدت آمال ليز تراس في أن تصبح رئيسة للوزراء ضعيفة في أوائل يوليو. وكانت وزيرة الخارجية، آنذاك، في المركز الثالث في انتخابات قيادة حزب المحافظين، وكان ريشي سوناك وبيني موردونت على المسار الصحيح.

لم يكن أنصار بوريس جونسون سعداء، وكانوا يعتقدون أن هذه النتيجة ستمهد الطريق لتتويج سوناك، وهو الرجل نفسه الذي قضى على جونسون من خلال استقالته من منصب وزير المالية. وفي هذه المرحلة، أطلقت صحيفة «ديلي ميل» أسابيع من القصص المؤيدة لتراس، والمقابلات الإيجابية، والهجمات على منافسيها. وعندما جاءت تراس في المركز الثالث، في الجولة الأولى من التصويت، قالت الصحيفة اليمينية إن «المحافظين اليمينيين» بحاجة إلى توحيد الصف أو السماح لسوناك بأن يكون رئيس الوزراء.

ونشرت الصحيفة مقالاً بعنوان «حلفاء تراس يحذرون: لا توجد صفقات قذرة في الخلفية»، وبدا وكأنه تعليمات مباشرة لأعضاء حزب المحافظين الذين يصوتون للمرشحين الأخيرين، بدلاً من قصة تستهدف مئات الآلاف من الأشخاص الذين شاركوا في الانتخابات.

كما دعمت «الديلي تلغراف» تراس بحماس، معلنة أنها المرشحة «المختصة والبارعة»، وهي «مستعدة لتولي أعلى منصب سياسي في البلاد».

وذهبت صحيفة «ديلي إكسبريس» إلى أبعد من ذلك قائلة: «بفضل مشاركتها الطويلة في مؤسسات يمين الوسط، لا أحد في قمة حزبها لديه فهم أفضل لتطوير السياسات، أو معرفة أعمق بالدولة البريطانية وإخفاقاتها».

ولم تتراجع تلك الصحف عن موقفها بعد الضجة التي أثيرت حول السياسة الضريبية التي تبنتها الحكومة. ونشرت صحيفة «ديلي ميل» في صفحتها الأولى «أخيراً! ميزانية حزب المحافظين الحقيقية»، واحتفلت بالتخفيض الضريبي الذي تم التخلي عنه الآن. وذهبت «الصنداي تلغراف» إلى أبعد من ذلك وأعلنت أن الميزانية المصغرة لوزير المالية، كواسي كوارتنغ، هي «لحظة تاريخية من شأنها أن تحوّل بريطانيا بشكل جذري!».

في المقابل، كانت مجموعة قوية من الصحف، يمتلكها روبرت مردوخ، أكثر حذراً؛ إذ يفضل موقع «نيوز يوكاي» دعم الفائزين السياسيين. بينما حدث خطأ نادر في سباق قيادة حزب المحافظين، هذا الصيف، عندما أيدت «التايمز»، ريشي سوناك؛ فيما اختارت «ذا صن» عدم دعم أي من المرشحين. وتبين أن مجموعة مردوخ كانت أكثر ذكاءً.

اندمجت الصحافة البريطانية في السياسة منذ زمن بعيد، وطالما سعت بعض وسائل الإعلام اليمينية أو اليسارية، للنيل من الخصوم، لكن المملكة المتحدة تعيش حالياً ظروفاً غير مسبوقة. وإضافة إلى مساندتها لأوكرانيا والكلفة المترتبة على ذلك، فالاقتصاد يعاني مشكلات كبيرة يتعين إصلاحها بسرعة. لذا، كان يتعين على الصحف البريطانية أن تتخلى عن ولائها الأيديولوجي، ولو مؤقتاً، وتركز على مصالح البلاد العليا.

• دعمت «الديلي تلغراف» تراس بحماس، معلنة أنها المرشحة «المختصة والبارعة.

تويتر