المرصد

«حرب الكلير فيو»

لكل حرب عناوينها التكنولوجية والمعلوماتية، والعنوان التكنولوجي رقم 2 للحرب في أوكرانيا بعد القمر الاصطناعي ماكسنار، هو «كلير فيو»: الشركة العالمية الرائدة في التعرف إلى وجوه البشر.

اللعبة بدأها شاب أسترالي مغامر اسمه، هوان تون ثات، هاجر إلى سان فرانسيسكو عام 2007، ودوخ الشرطة الأميركية عام 2009 حين ارتبط اسمه بـ«دودة الكومبيوتر»، ليستقر بعدها في مانهاتن ويؤسس أول شركة تعرّف إلى هوية الأشخاص عبر بصمات وجوههم.

صحيفة «بيزفيلد» الإلكترونية قالت في تقرير لها في 10 أبريل 2021، إن هناك 2000 وكالة، و7000 خبير يستخدمون هذه التقنية حالياً، وإن الاستخدام داخل الولايات المتحدة يراوح ما بين التعرف إلى «المجرمين الجنائيين» والتعرف إلى أعضاء حركة «حياة السود مهمة»، كما قالت الصحيفة في تقرير آخر لها في 16 أبريل 2021، بعنوان «قسم الشرطة الذي تتبع له يستخدم تقنية التعرف إلى الوجوه»، إن استخدام التقنية يتعلق بموضوعات «ليست بالضرورة تخص تحقيقات قضائية».

مع اندلاع حرب روسيا-أوكرانيا، تولدت رغبة لدى تون ثات، عازف الغيتار، وعارض الأزياء السابق، ولاعب الشطرنج الموهوب الحالي، أن يصبح وتقنيته جزءاً من الحرب، فاتصل بالسلطات الأوكرانية عارضاً استخدام التقنية، والقيام بنفسه بالتدريب.

وطبقاً لما أعلنته «كلير فيو» وآخرون، يمكّن التطبيق الأوكرانيين من أشياء عدة، أبرزها كشف القتلة الروس بالأسماء أثناء الحرب، كشف الأكاذيب الميدانية الخاصة بسير المعارك، تعزيز إمكانات نقاط التفتيش في كشف المشتبه فيهم، إعادة جمع شمل اللاجئين مع عائلاتهم، والأهم من هذا كله التعرف إلى القتلى الروس، وإعلان أسمائهم وإبلاغ أهاليهم بعد وقوعها مباشرة، بما يمثل ذلك ضربة قوية لمعنويات الخصم المحارب.

في لقطة جمعت التباهي إلى التلويح بالقدرات، قالت «كلير فيو» إن لديها قاعدة معلومات تضم أكثر من 10 مليارات صورة، منها مليارا صورة من شبكة التواصل الروسية «فكونتاكتسي» يمكن أن يستخدمها مراقبون كثيرون شككوا في التصريحات «العنترية» من قبل «كلير فيو»، من بينهم مدير «سيرفايلانس أوفر سايت»، ألبرت فوكس، الذي شكك في قيمة استخدام التطبيق «منفرداً»، وآخرون أشاروا إلى قيود تقترب من تحريمه دولياً، لتعارضه مع مواثيق جنيف، خصوصاً أن هناك قضايا مرفوعة ضده، وحظره من قبل كل من بريطانيا وأستراليا، وفريق ثالث أشار إلى واقع الصراع الذي تعيشه الشركة مع المنافسة «فيس بوك» التي أصبح اسمها «ميتا»، بشأن استخدام الأولى صور الأخيرة.

أياً ما كان الأمر فإن سلاحاً معلوماتياً جديداً نزل أرض المعركة ولن يعود، منضماً إلى زملائه، ومجدداً النقاش التاريخي عن السكين التي تستخدم في القتل وفي المطبخ، والذي عادة ما نكرره باطّراد في مثل هذه الوقائع.

تويتر