المرصد

«منحازون وأحياناً عنصريون»

تتلقى بعض وسائل الإعلام العربية منذ الخمسينات انتقادات وأحياناً اتهامات بالتجاوز والتحول الى منصات بروباغندا، والسعي لطمس الحقائق أثناء الحروب. وهذا لا يخلو أحياناً من صحة، وأحياناً من «تسييس»، لكن هل الإعلام الغربي يمثل طول الوقت النموذج المحايد النزيه الملتزم بأخلاق المهنة، والذي يتصرف كما «الكتاب الدليل» في تغطياته؟

الصحافية الهندية، سيما جوها، تعتبر أن تغطية الحرب الدائرة في أوكرانيا، كشفت زيف هذه السردية تماماً. ففي مقال لها على موقع «آوت لوك» بعنوان «الحرب الأوكرانية، الإعلام الغربي غالباً خارج السياق، أحياناً عنصري»، قالت جوها «إن التغطية الإعلامية الغربية في حرب أوكرانيا اتسمت بالانفعال الحماسي والانحياز العاطفي تجاه الأوكرانيين»، و«تم تصوير الصراع دينياً بين داوود وجالوت»، و«قدم الإعلام الغربي المشهد بوصف أوكرانيا دولة صغيرة قليلة الحيلة حطمتها الجارة المفترسة»، متجاهلة الجانب الآخر من الصورة، إذ «إن هناك بين حلف شمال الاطلسي – أي (الناتو) - وبين الرئيس السابق لروسيا (الاتحاد السوفييتي) ميخائيل غورباتشوف اتفاقاً تم الاخلال به بأن لا يتمدد (الناتو) شرقاً، بينما هو تمدد إلى بولندا ورومانيا والمجر».

لكن جوها تطرقت بعد ذلك الى جانب أكثر خطورة في التغطية، وهو المتعلق بالعنصرية، فقالت إن مراسل سي بي سي نيوز، تشارلي داجانا، قال في رسالة له: «إن هناك كثيراً من اللاجئين الأوكرانيين يختبئون الآن في الخنادق، هذا لا يحدث في العراق وأفغانستان، هذا يحدث في مكان متحضر نسبياً، أوروبي نسبياً (يقصد أوكرانيا)، حيث لا يمكنك ان تتوقع شيئاً من هذا القبيل يمكن أن يحدث».

وأوردت جوما نموذجاً أكثر فجاجة، وهو تغطية كيلي كابيلا لـ «إن بي سي» التي قالت فيها: «لنقلها بصراحة، هؤلاء الفارون ليسوا لاجئين من سورية، هؤلاء لاجئون من الجارة أوكرانيا، إنهم بيض، إنهم يشبهون الناس الذين يعيشون في بولندا». كذلك أوردت جوما نموذجاً ثالثاً من «بي بي سي» هذه المرة، حيث مررت المحطة العالمية تصريحاً لنائب المدعي العام الأوكراني يقول فيه إنه «متأثر جداً أن يرى أوروبيين بعيون زرقاء وشعر أشقر يقتلون في المعارك». وختمت بنموذج لمراسل الجزيرة الإنجليزية، بيتر دوبي، الذي قال دون أدنى تحفظ «إنهم – اللاجئون الأوكران - يظهرون بشكل متأنق، أحوالهم مزدهرة، طبقة وسطى، وليسوا كاللاجئين من الشرق الأوسط أو الباحثين عن ملاذ من شمال إفريقيا، إنهم يبدون مثل عائلة أوروبية تسكن في المنزل المقابل لك».

هذه هي النماذج التي أوردتها جوها، صحيح أن معظمها اعتذر أصحابها بعد أن أثارت ضجيجاً، لكن مجرد صدورها في الأصل من أشخاص ووسائل تصحو وتنام لتعلّمنا في ورش واستوديوهات ما هو الإعلام، أمر يبعث على الإحباط وإعادة القراءة معاً.

تويتر