المرصد

استقالات «نيويورك تايمز»

استقالة محرر صفحة في أي جريدة شأن داخلي لا يستحق أكثر من «تورته» وحفل وداع، لكن استقالة محررة صفحة الرأي في «نيويورك تايمز» باري وايسر أخذت مساحات أكثر من ذلك بكثير،فقد جاءت استقالة وايسر بعد استقالة اثنين من زملائها: أولهما مسؤول صفحة الرأي السابق بـ«نيويورك تايمز» جيمس بنت، بسبب تمريره مقالاً يطالب صاحبه بقيام القوات الفيدرالية الأميركية بالقمع العسكري للتظاهرات ضد مقتل جورج فلويد، وكذلك استقالة الكاتب الصحافي بالجريدة أندريه سوليفان بعد كتابته مقالاً بعنوان «هل هناك مسافة للجدل؟»، يهاجم فيه ما أسماه بالأرثوذكسية الجديدة، التي تمنع من وجهة نظره أي دفاع عن «عدم وجود عنصرية في أميركا».

استقالة وايسر اختلفت عن زميليها في إرفاقها بديباجة سياسية كانت أقرب لمنشور سياسي، قالت فيها إنها «كانت ضحية للتنمر من زملائها لاختلافها معهم في الرأي»، وكانت عرضة للاتهام بالعنصرية والنازية، وأنه تمت إهانة شخصها وآرائها، وأن بعض المحررين جاهروا بضرورة استئصالها، وأنها هوجمت من قبل غوغاء السوشيال ميديا، كما أنه وضع أمام اسمها الرمز التعبيري للفأس.

وقد أثارت الاستقالات الثلاث أجواء من المخاوف على حرية الصحافة في أميركا، وهذا طبيعي ومشروع وإيجابي بالتأكيد، لكنها أيضاً طرحت سؤالاً موازياً عن المناخ السياسي والدلالات السياسية لهذه الاستقالات.

فالمسكوت عنه في القصة أن الثلاثي المستقيل توالياً: بنت وسوليفان ووايسر، تجمعهم أفكار تتعارض مع خط «نيويورك تايمز» المتقدم في قضية حساسة هي قضية العنصرية التي تحرص الصحيفة على أن تتمسك بأعلى سقف معارض فيها.

والمربك أيضاً أن الاستقالات تأتي في وقت احتل فيه «منكرو العنصرية» و«المؤمنون بالتفوق الأبيض» و«دعاة الهوية الأوروبية لأميركا» مساحات واسعة في الإعلام الجديد، والفضاء الإلكتروني في الولايات المتحدة، وامتلكوا مواقع مؤثرة مثل «يوجلي» و«أميركان رينسانس»، وقد ظهر هذا جلياً في أحداث جورج فلويد. كل هذه الملابسات جعلت من قراءة معركة وايسر وزميليها بالنسبة للكثيرين أعقد من قراءتها في إطارها البسيط. 


المسكوت عنه في القصة أن الثلاثي المستقيل توالياً: بنت وسوليفان ووايسر، تجمعهم أفكار تتعارض مع خط «نيويورك تايمز» المتقدم في قضية حساسة هي قضية العنصرية التي تحرص الصحيفة على أن تتمسك بأعلى سقف معارض فيها.

تويتر