المرصد

حرب «التويتات» المندسة!

تابع المشاهدون للتظاهرات الأميركية اللقطة الطريفة التي تم فيها القبض على قيادي في المباحث الفيدرالية، وهو متنكر في هيئة ناشط سياسي وسط التظاهرات، وحين وضعت القيود في يديه، وتم انتزاع هويته انقلب المشهد، حيث أمر المقبوض عليه رجال الشرطة بإخراج هوياتهم ثم صادرها، وطلب منهم التوجه الى أقرب نقطة شرطة لمعاقبتهم على «خيبتهم».

كانت هذه اللقطة معبرة عن تلك الفوضى غير الخلاقة التي غمرت أميركا، حيث يتقاطع عمل أكثر من 35 جهازاً أمنياً مع حراك شارع عنيف في أصعب تظاهرات تشهدها الولايات المتحدة منذ زمن.

في الأثناء ذاتها كان هناك «اندساس» أصعب يتم في العالم الافتراضي، المتوازي والموجه تقريباً للتظاهرات على الأرض، حيث يتقمص شرطيون وعملاء وجماعات بيضاء عبر حسابات مزيفة أدواراً مفبركة لاختراق التظاهرات الرافضة للعنصرية.

كانت الواقعة الأبرز في هذا السياق، والتي تستحق التوقف، هي قيام عناصر من منظمة «ايدنتيتي ايفروبا» بإطلاق دعوة عبر صفحة مزوّرة، تقمصت فيها اسم منظمة «انتيفا» المتصدرة للتظاهرات، والتي اشتهرت بعد أن اتهمها الرئيس دونالد ترامب علناً بذلك، حرضت فيها الأولى باسم الأخيرة الجماهير السود، على القيام بسلسلة أحداث عنف وتخريب ممنهج ضد البيض.

«ايدنتيتي ايفروبا» هي منظمة عنصرية بيضاء تؤمن بأن أميركا بلد المهاجرين الأوروبيين وحدهم، ويجب أن لا يكون فيها مكان للآخرين، كما يجب وقف الهجرة فوراً وإعلان الهوية الأوروبية صراحة، ورفع شعار أميركا اولاً فوق كل الأمم.

وكانت الدعوة التي زوّرتها «ايدنتيتي ايفوربا» مريبة، لذا استوقفت الكثيرين. فأولاً الدعوة طالبت المتظاهرين السود بالتوجه لحرق ونهب أحياء البيض الأميركيين، وهذا تطوّر لم تعرفه أو تشهده تظاهرات السود، حيث أن أعلى سقف في شعاراتها هو الاشتباك مع الشرطة، وثانياً ان الدعوة أشارت الى متظاهري «حياة السود تهم» كشركاء، والقاصي والداني يعرف أنه إذا كانت «انتيفا» لا تنكر عن نفسها ميلها للعنف بحجة أنه دفاعي، فإن منظمة «حياة السود تهم» لا علاقة لها من قريب أو بعيد بالعنف، وقد أصدرت أربعة بيانات لنفي ذلك، وهي حريصة على اعتبار نفسها وريثة لتقاليد مارتن لوثر كنغ، وحركة الحقوق المدنية السلمية، وغير مستعدة للتفريط فيها.

التشكيك في صحة البيان المدسوس، انتقل من الشارع الى إدارة «تويتر»، فأوقفت فوراً الحساب المزوّر «ايدنتيتي»، وحذّر الناطق الرسمي باسم «تويتر» منظمة «ايدنتيتي ايفروبا» من تكرار الواقعة، مشيراً الى أنها ليست الأولى.الحراك مستمر في أميركا، وجديده أن الحرب الافتراضية أصبحت سلاحاً معتمداً، والتغريدات والهاشتاقات هي القوة الكامنة وليست الناعمة فقط.

تويتر