المرصد

مواجهة العنصرية بالكوميديا

تمكنت الأميركية من أصل لبناني، مريم صبح، من تقديم صورة إيجابية للمرأة العربية والمسلمة في الولايات المتحدة، عبر اللجوء إلى سلاح «السهل الممتنع»، الذي يدخل إلى الناس من قلوبهم قبل عقولهم، إنه سلاح الكوميديا.

بدأت رحلة مريم صبح في مواجهة الدعاية المتحيزة ضد العرب والمسلمين، أو ما يسمى «الإسلاموفوبيا»، عبر العمل في الإعلام، حيث عملت مراسلة ومذيعة أخبار في محطة «وبنيوز راديو» في شيكاغو، لكنها بعد فترة قررت أن تطوّر أداءها، فاختارت أن تقدم عرضاً مسرحياً كوميدياً من شخص واحد، تنتقد فيه في قالب ساخر كل الدعايات العنصرية والمتحيزة التي يبثها متطرفون يمينيون في «بلاد العم سام».

لم يكن هناك أوقع تأثيراً على المواطن الأميركي، بالمعنى الإيجابي للكلمة، من أن يرى «امرأة عربية مسلمة مرتدية الحجاب»، تقف على خشبة مسرح، تقدم أرقى أنواع الكوميديا التي تخاطب روحه، تنتقد النصف أو الربع غير الحلو في أميركا، الذي يبدأ من العنصرية ضد السكان الأصليين والأميركيين الأفارقة، والنزعة الفوقية والعنصرية البيضاء، والتي لا تنتهي عند «الإسلاموفوبيا»، التي تفشت في الشارع الأميركي بعد أحداث سبتمبر 2001.

يروي موقع «كريستيان ساينس مونيتور»، في تحقيق نوعي فريد أجراه بالاشتراك مع برنامج «ميديا حول العالم» - التابع لمؤسسة «إعلام المرأة العالمي» - يروي صورة لهذه التجربة الرائدة، حيث تزاحم الشباب في «نادي الكوميديا» في شيكاغو ليستمعوا إلى صبح وهي تتألق في عرضها الكوميدي، حيث تقول: «كنت ذات مرة أعبر الشارع في الحي الذي أقيم فيه، وأنا مرتدية الحجاب، فقال لي شخص بصوت خفيض (داعش)، فرددت عليه في اللحظة نفسها (الله أكبر)، كنت أقصد أقول له لو كنت تغيظني بأنني هكذا (بحجابي) إرهابية، فأنا أقول لك (لا تستفزني)».

ويكمل الموقع أن القاعة انفجرت بعدها بالتصفيق والضحك، محيية بالطبع سرعة بديهة صبح وذكاءها في الرد.

تروي صبح للموقع أن «طريقها كعربية مسلمة في عالم الكوميديا في أميركا كان شاقاً، وأنها حين حاولت وهي في جامعة إلينوي أن تقدم عرضاً مسرحياً عن المسلمين عقب أحداث سبتمبر 2001، جوبهت المحاولة بالرفض الشديد، كما تكرر الأمر نفسه عندما تخرجت وحاولت دخول عالم الإعلام بالسعي للعمل في محطة إلينوي الإذاعية العمومية، وحتى عندما اختلفت الصورة، وبدأت الأبواب تفتح أمامها، لم تبدأ عروضها بالدفاع عن الإسلام والمسلمين».

أما الممثلة الكوميدية الأميركية الجنسية العربية الأصل، ياسمين الهادي، التي تمثل حالياً في مسرحية «باتريوت أكت»، فتقول تعليقاً على تجربة صبح إن «الممثلات الكوميديات المسلمات مازلن على مسافة بعيدة خلف زملائهن الرجال في الولايات المتحدة، من أمثال الممثل الكوميدي حسن منيجاح»، لكن الهادي تستدرك فتقول: «على كل حال، فإن هذا هو الطريق الصحيح الآن. فلكي ننتزع مساحتنا كمسلمين في أميركا، ليس مطلوباً منا الآن أن نحتشد في تظاهرات، فالناس سواء داخل صناعة الكوميديا أو خارجها متفاعلون معنا جداً، ومرحبون جداً بظهور ممثلات كوميديات عربيات أو مسلمات في أميركا».

ويقدم «مونيتور» في نهاية تحقيقه شهادة تلخص التجربة، فتقول إن «مشاهدي صبح لا يغادرون مسرحها إلا بعد أن تكون قد تكونت لديهم فكرة إيجابية عن الإسلام والمسلمين»، كما أورد الموقع عبارة لأحد معجبي صبح، ويدعي جونا داجن، يقول فيها: «النكات ممتعة، لكنها في الوقت نفسه تنقل أسلوب حياة وثقافة مختلفة، العرض جعلها أكثر روعة»، أما صبح نفسها، فإنها تكتفي بما تعرضه، لتقول في تواضع: «لست أكثر من كوميدية أميركية تقول نكاتاً من أجل أن يضحك جمهورها».

تويتر