المرصد

اليمين المتطرف يهدِّد حرية التعبير في بريطانيا

إنها مهنة المتاعب.. العمل بالمجال الإعلامي ليس أمراً سهلاً، حتى في البلدان الغربية التي تتميز بقدر عالٍ من احترام الصحافيين وتسهيل عملهم. في بريطانيا، تعرض صحافيون وفرق تصوير للهجوم بشكل متزايد، في الآونة الأخيرة، وكانوا هدفاً للنشطاء اليمينيين المتطرفين. وتتعالى أصوات إعلامية وسياسية، مطالبة الشرطة باتباع نهج واضح للتعامل مع المشكلة المتفاقمة.

حرية التعبير في خطر، الأمر الذي حذا بنقابة الصحافيين البريطانيين للتحرك، وحث وكالات إنفاذ القانون على بذل المزيد من الجهد، لمعالجة ما وصفته بـ«الطفرة المنسقة في التطرف العنيف، ضد الصحافيين والعاملين بوسائل الإعلام»؛ في وقت أصبحت فيه السياسة البريطانية أكثر استقطاباً، منذ استفتاء الاتحاد الأوروبي قبل ثلاث سنوات.

وكانت هناك دعوة لعناصر الشرطة، قبل أشهر، للتدخل بشكل أكثر استباقية، عندما يتعرض الصحافيون للمضايقة أو الاعتداء في التظاهرات والمناسبات العامة الأخرى. ويسود اعتقاد لدى العاملين بمجال الإعلام أن هناك تحسناً طفيفاً.

وتعرض كاتب عمود لهجوم من قبل مجموعة من الشباب، وسط لندن، ويُعتقد أنه كان مستهدفاً لوجهات نظره اليسارية البارزة. وكانت هناك سلسلة من الحوادث الأخرى في الأشهر الأخيرة. وأدين ناشط متطرف، في يونيو، بتهمة الاعتداء على مصور صحافي في مانشستر، بداية العام.

وأصبحت إساءة استخدام الإنترنت أمراً شائعاً، لكن استهداف بعض الإعلاميين بات أكثر شيوعاً في الأوساط اليمينية المتطرفة. وعلى الرغم من أن اليمينيين ينشطون في وضح النهار على مواقع التواصل المعروفة، فإن الجهود التي تبذلها الشرطة قد أدت إلى لجوء المتطرفين إلى أماكن أخرى لإثارة نقاشات مسيئة.

وكان هناك تغير في المزاج بالأشهر الأخيرة، مع احتدام النقاش حول خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وارتفع عدد الأشخاص المستعدين للغضب أو العدوانية. في البداية، كان الحديث عن الأخبار المزيفة، وازداد الأمر سوءاً مع استمرار عملية خروج بريطانيا.

وأصبحت وكالات إنفاذ القانون تدريجياً أكثر قلقاً، بشأن أنشطة اليمين المتطرف، مع تولي جهاز الأمن الداخلي زمام المبادرة في مكافحة الإرهاب اليميني المتطرف، منذ نحو عام. وقالت مصادر أمنية إن مؤامرات إرهابية ضد إعلاميين، من قبل شخصيات متطرفة، في المملكة المتحدة، تم إفشالها منذ 2017.

واضطرت مؤسسات إعلامية رائدة إلى الاستعانة بشركات أمنية خاصة، لتأمين صحافييها وفرق عملها، أثناء تغطياتها للمحاكمات. وقد أثارت هذه القضية قلقاً أكبر حول السلامة والأمن في المحاكم، خلال هذه المحاكمات.

في الواقع، تتغير نظرة شرائح من المجتمعات الغربية للعمل الإعلامي، وفقاً للمتغيرات السياسية؛ فالعديد من اليمينيين المتشددين يرون في منصات إعلامية، تخالفهم التوجه، عدواً يجب كبح جماحه. والخلاف في الرأي قد يؤدي أحياناً إلى صِدام، لا يخدم أحداً. والديمقراطية الغربية تأسست على حرية التعبير والرأي، فعندما يرفض أحدهم رأي الآخر، ويحاول النيل منه بطرق غير أخلاقية أو شرعية، فإن الأمور ربما تدخل منعرجاً خطيراً.

في أوروبا، بات الصحافيون هدفاً للاعتداءات، بسبب ما يكتبون على صفحات الجرائد، أو ما يقولون في البرامج التلفزيونية. إنهم يُعبرون عن آراء مختلفة وحسب، ولا يقررون في أي مسألة. لكنَّ الكثيرين يرون في الإعلام أداة لتوجيه الرأي العام. وبين هذا وذاك، يبقى أصحاب المهنة في وضع يزداد صعوبة يوماً بعد يوم.


مؤسسات إعلامية اضطرت إلى الاستعانة بشركات خاصة، لتأمين صحافييها وفرق عملها أثناء التغطيات.

تويتر