المرصد

«اكتب تغريدة.. تصبح وزيراً»

استيقظ شاب مصري من نومه ذات صباح هادئ، فقرر أن يتسلى، فدخل على صفحته على «تويتر»، وكتب أنه «تم تعيين فلان الفلاني وزيراً للنقل في مصر»، وأن فلان الفلاني هذا هو «صاحب إنشاء جميع محطات وأنفاق السكك الحديدية المطورة في فرنسا، وصاحب الطفرة التي حدثت في السكك الحديدية في السويد علي مدار الـ18 سنة الماضية، وحاصل على أعلى الأوسمة»، فانتقل الخبر إلى مواقع إلكترونية، ثم وكالات الأنباء، ومانشيتات الصحف، وعندما أصبح ما كتبه خبراً مستقراً، فاجأ المواطن المصري الجميع بأن الخبر «مفبرك»، وأن «فلان الفلاني لم يكن سوى والده».

انقلب العالم رأساً علي عقب، وخرج الشاب صاحب التغريدة، واسمه خالد وجيه، يدافع عن نفسه، وقال إنه «رجل وطني يحب بلده ويكره الشائعات، وقد جاءته هذه الفكرة بسبب انتشار الشائعات السريع حتى في أوساط الإعلام المؤيد للدولة للمصرية، وإنه استطاع من خلال تلك الحيلة أن يسيطر على الإعلام المصري والعربي، ووصل تأثيره للإعلام الدولي». وقال وجيه، أيضاً، إن «(التغريدة) كان يقصد بها حدود الجروب (المجموعة)، التي تخصه، ولم يقصد أن تصل إلى التداول العام، لكنه وجد كارثة وهي نشر الخبر على مواقع رسمية وغير رسمية، وبرامج إعلامية معروفة، وهذا مثل صدمة لي». وأكد وجيه أنه «نجح في التجربة، من خلال نشر شائعة على أنها حقيقة»، مشيراً إلى أن «علاقة والده المتوفى الوحيدة بالسكك الحديدية، هي أنه كان يستقل القطار كوسيلة مواصلات».

لم يكن ما فعله المصري خالد وجيه فريداً في مفاجآت «تويتر»، الذي أصبح كالخاتم السحري في الأساطير القديمة، فقد شهد «تويتر»، منذ تأسيسه عام 2006 على يد جاك دروبس، عشرات المواقف المثيرة، كان أولها إرسال جيمس باك، أثناء مقدمات تظاهرات «الربيع العربي» في مصر تغريدة من كلمة واحدة، تقول «مقبوض عليَّ»، لتقيم الدنيا ولا تقعدها، ثم زادتها، أي زادت هذه التغريدة شهرة، تغريدة تالية بعد يومين تقول «إفراج»، لتنقل عنها وكالات أنباء العالم خبري اعتقال وإطلاق جيمس.

وتنافس هذه التغريدة، وإن كان على نطاق محلي، إطلاق جانيس كوينز سقوط طائرة أميركية في نهر هدسون بنيويورك، وهو خبر انفرد به، أيضاً، «تويتر» عن وسائل الإعلام، أما الأبرز من هذه وتلك، فهو نقل «فيس بوك» خبر مقتل أسامة بن لادن، عبر تغريدات صهيب، أظهر في 2 مايو 2011. أما رواد «تويتر» الأشهر فعديدون، بدءاً من أوبرا وينفري بمتابعيها الـ22 مليوناً، إلى رائد الفضاء مايك، الذي أرسل أول تغريدة من الفضاء، إلى باراك أوباما، الذي بث خبر فوزه بالرئاسة من البيت الأبيض وهو يحتضن زوجته، وليس نهاية بدونالد ترامب، الذي اعتبر «تويتر» وسيلته الأثيرة، واستغنى به عن الصحافة والإعلام.

إن خطورة تغريدة «والدي أصبح وزيراً»، ليس في أنها واحدة جديدة من مفاجآت «تويتر»، وإنما في دخولها، وفي منطقتنا العربية، عالم صناعة الأخبار المفبركة، صحيح أن هذه التغريدة سبقتها عالمياً تغريدة وهمية عن «انفجار البيت الأبيض وإصابة أوباما»، لكنها أي تلك التغريدة قبرت في وقتها، كون البيت الأبيض ليس حانوتاً يبيع سكراً وشاياً في قرية إفريقية، كما أن أخطبوط الإعلام الأميركي وكشافاته الدائرة على مدار الثانية، قادرة على تبخير الأكاذيب بمهنية.. إذا أراد.

لقد اتخذت الجهات القانونية والجهات الإعلامية إجراءتها المختلفة، تجاه تغريدة «والدي أصبح وزيراً»، لكن لايزال هناك فتيل خطر باقٍ لا يتعلق بالقانوني، وإنما بمجتمعاتنا التي ينقصها الشفافية.

• إن خطورة تغريدة «والدي أصبح وزيراً» ليست في أنها واحدة جديدة من مفاجآت «تويتر»، وإنما في دخولها، وفي منطقتنا العربية، عالم صناعة الأخبار المفبركة.

تويتر