وفر لهم فرصاً للعيش.. ووضعته السلطات تحت الإقامة الجبرية في منزله

مهاجرون في إيطاليا يكافحون لتحرير عمدة «مدينة الضيافة»

صورة

يكافح مهاجرون في إيطاليا لإطلاق سراح عمدة مدينة رياس، المعتقل تحت الإقامة الجبرية في منزله، بعد أن ظل يستقبلهم ويسمح لهم بالإقامة في مدينته. فقد درج دومينكو لوكانو على استقطاب المهاجرين، لضخ دماء جديدة في عروق اقتصاد المدينة، التي ظل يتناقص سكانها باستمرار. في عام 2009، بعد فترة وجيزة من إعادة انتخابه عمدة للمدينة، وبعد سنوات عدة من تبنيه سياسة الترحيب بالمهاجرين، كوسيلة للتعويض عن أعداد سكان مدينته المتناقصة، تعرض لوكانو لإطلاق النار، من خلال نافذة مطعم كان يتناول فيه الطعام مع أصدقائه، كما سممت المافيا المحلية اثنين من كلابه. وعلى الرغم من ذلك، وضع لوكانو لوحة على مدخل مدينته، كتب عليها: «رياس.. مدينة الضيافة». ولاتزال هذه اللوحة موجودة حتى اليوم على بوابة المدينة الرئيسة، كما توجد أيضاً في الميدان الرئيس لوحة مدرجة عليها الدول الـ20 التي وفد منها لاجئون إلى هذه المدينة، ومن بينها (إريتريا، والصومال، ونيجيريا، وباكستان).

وأصبحت رياس مشهورة بنموذج الدمج الاجتماعي الذي أشاد به الكثير من الإيطاليين. لكن الأسبوع الماضي وضعت السلطات الايطالية لوكانو تحت الإقامة الجبرية في منزله، بتهمة التحريض على الهجرة غير القانونية. ويوم السبت، قدم المئات من الأشخاص لدعم الرجل، الذي وصفه السياسي اليميني المتطرف، ماتيو سالفيني، بأنه «لا قيمة له»، والذي يعتقد مؤيدوه أنه يتمتع بالأمانة والعمل لصالح البلاد، ويتساءلون: كيف أن رجلاً مثله يتم تجريده من حريته، في حين أن أشخاصاً ينتمون إلى المافيا يتجولون بحرية. الاتهام الرئيس ضد لوكانو هو أنه نظم «زيجات مصلحة». وتبين أنه ساعد في ترتيب زواج بين امرأة نيجيرية ورجل إيطالي، كي تستطيع هذه المرأة العيش والعمل في إيطاليا بشكل قانوني. ويقول شقيقه، جوزيبي: «لقد اعتقلوه بسبب أعمال إنسانية، لقد فعل ذلك لينقذ تلك المرأة»، ويمضي قائلاً:

«استجوبه المدعي العام لساعات عدة، وليس لديه ما يخفيه على الإطلاق، إنه يشعر بالثقة والروح القتالية، لكنه غاضب مما جرى له».

لوكانو أيضاً متهم بالتلاعب بمناقصة عامة لجمع النفايات، بعد أن منح عقدها لمؤسستين أنشئتا لمساعدة المهاجرين في بحثهم عن عمل. وبدأ التحقيق بشأنه منذ أكثر من عام، على الرغم من إسقاط التهم الأكثر خطورة مثل الاختلاس والاحتيال.

وذكر لوكانو في بيان له، الأسبوع الماضي، أنه «لم يحصل على أي أموال من أي شخص، ولم يستخدم الأموال العامة في رياس إلا في المشروعات المتعلقة بالمهاجرين ولتخفيف معاناتهم، وتوفير فرص العمل، والدمج، وتوفير حياة أفضل لطالبي اللجوء». وساعدت استراتيجية الدمج، التي تبناها لوكانو، في إعادة إنعاش الاقتصاد في منطقة فقيرة ظلت تهملها الحكومة منذ فترة طويلة. وساعدت سياسة لوكانو في توفير فرص عمل للسكان المحليين، كالمعلمين والمترجمين والوسطاء الثقافيين. وتحولت المنازل في «القرية العالمية» إلى متاجر للحرف اليدوية، حيث يعمل المهاجرون إلى جانب السكان المحليين في صناعة وبيع المنتجات، بما في ذلك السيراميك والقبعات والشوكولاتة.

وكان من المفترض أن يستمر هذا النموذج من خلال نظام التمويل الحكومي، إلا أن التمويل تراجع منذ عام 2016، ما أثار العديد من الاحتجاجات من قبل لوكانو، كان آخرها إضرابه عن الطعام في أغسطس. وقال في ذلك الوقت: «لقد وصلنا إلى نقطة اللاعودة». ومضى يقول «إذا لم تأتِ الأموال، فسوف ينتهي المطاف بـ165 لاجئاً في الشارع، وسيفقد 80 عاملاً وظائفهم، وسوف ينهار كل شيء تحت كومة من الأنقاض».

إلا أن تحديه الذي تضمن دعوة ضد «كل أشكال العنصرية والفاشية والتمييز» أثار غضب سالفيني، الذي أصبح وزيراً للداخلية أوائل يونيو كجزء من حكومة ائتلافية مع المعارضة. وجاء اعتقال لوكانو بعد أسبوع من كشف سالفيني عن سلسلة من إجراءات مكافحة الهجرة، شملت خفض الأموال لاستقبال المهاجرين، ما دفع الكثيرين إلى الشك في وجود دافع سياسي وراء الاعتقال، الذي جاء أيضاً بعد تعليق محطة الإذاعة العامة (راي)، على برنامج تلفزيوني حول نموذج التكامل المثالي لمدينة ريس.

ورحب سالفيني بخبر اعتقال لوكانو، وكتب على «تويتر»: «لا أدري ماذا سيقول كل من يريد أن يملأ إيطاليا بالمهاجرين». وهناك مخاوف من أن تقوم الحكومة بقمع عشرات من المدن الأخرى، التي تبنت مبادرات مماثلة.


«رياس» أصبحت مشهورة بنموذج الدمج الاجتماعي، الذي أشاد به الكثير من الإيطاليين.

لوكانو درج على استقطاب المهاجرين لضخ دماء جديدة في عروق اقتصاد المدينة.

تويتر