المرصد

إسرائيل لم تقتل أطفالاً

أراد الإعلامي البريطاني، اندرو مار، أن يختم برنامجه «اندرومار - شو» على قناة «بي.بي.سي» في الحلقة المخصصة لاستخدام الكيماوي في سورية، في الثامن من أبريل الماضي، بشيء من الربط والجاذبية، والمعلومة الإضافية، فقال «على أية حال، هذا هو الشرق الأوسط يواصل الاشتعال من جديد، فهناك أيضاً، علاوة على ما يجري لأطفال سورية، كثير من الأطفال الفلسطينيين ممن لقوا حتفهم أيضاً على يد القوات الإسرائيلية في غزة»، منهياً بذلك الحلقة التلفزيونية، ومتوجهاً إلى منزله، متخيلاً أنه أدى واجبه المهني، كما توسم.

لم يكد مار يستيقظ صباح اليوم التالي حتى وجد بريطانيا مقلوبة رأساً على عقب، ووجد رأسه معلقاً فوقها بتهمة «المعاداة للسامية».

فقد تقدم الإعلامي والناشط البريطاني في «حملة مواجهة العداء للسامية»، جوناثان سكريدوتي، بشكوى إلى «هيئة الإذاعة البريطانية»، قال فيها «بينما كانت الحلقة التلفزيونية عن الأسلحة الكيماوية في سورية، قرر اندرو مار، لسبب ما، أن يتطرق في حديثه بالحلقة لإسرائيل، التي لم تكن لها أي صلة بالموضوع، وقال إن إسرائيل قتلت الكثير من الأطفال في الجنوب (يقصد غزة)، وهذا غير صحيح بالمرة، ومفبرك، كما أنه موضوع غير مرتبط بسورية، فضلاً عن أنه زائف».

حاول منتجو البرنامج في «بي.بي.سي»، كما ذكرت صحف بريطانية، الدفاع عن اندرو، بالإشارة إلى أن «خمسة أطفال فلسطينيين قتلوا على يد القوات الإسرائيلية منذ مطلع العام حتى بث البرنامج»، كما حاولوا أيضاً الإشارة إلى «قتل إسرائيل أطفالاً عديدين في التظاهرات الأخيرة»، لكن هذا الدفاع ووجه بعدم تقبل من إدارة الشكاوى في الـ«بي.بي.سي»، وانتهى الأمر بقبول اتهام سكريدوتي بأن معلومة قتل إسرائيل لكثير من الأطفال الفلسطينيين «لا تستند إلى دليل قوي»، وهو الأمر الذي يتنافى مع الـ«ستايل بوك» الخاص بالـ«بي.بي.سي»، وتم توجيه توبيخ إلى اندرومار.

تمثل الحالة السابقة نموذجاً للتقاعس العربي الإعلامي في الدفاع عن عدالة القضية الفلسطينية، وفي حالة شديدة الوضوح، وهي قتل الآلة العسكرية الإسرائيلية للمدنيين الأبرياء، وفي القلب منهم الأطفال، وهي حالة لا تحتاج تقريباً إلى كلام أو تفنيد، لأن الصورة وحدها، خصوصاً كل يوم جمعة، تتحدث.

وباستثناء أصوات قليلة محدودة التأثير والقدرات، بينها «منتدى الإعلاميين الفلسطينيين»، لم تتبن أية جهة أو هيئة شعبية أو مجتمع مدني، الدفاع عن الوجه الآخر من القضية، غير مثمنين الدور الذي تلعبه الـ«بي.بي.سي» في توجيه الرأي العام العالمي، والدور السلبي الذي يمكن أن تحدثه جهود إسكات الدفاع عن القضية الفلسطينية في الإعلام العالمي.

لقد كان يكفي لحملة عربية حقوقية فعالة في هذا الموضوع، أن تذكر بأن لـ«جوناثان سكريدوتي» وجهاً آخر غير الإعلامي كصحافي في «ديلي تلغراف»، والعمل منتجاً في القناتين الرابعة والخامسة البريطانيتين، وجه آخر سياسي هو «ترؤسه للعلاقات العامة بالاتحاد الصهيوني» عام 2010، وحصوله على «جائزة هرتزل» من «المنظمة الصهيونية العالمية» عام 2010، وهي حيثيات دفعت بالـ«بي بي سي» ذاتها إلى التحقيق في واقعة تقديم «سكريدوتي» نفسه كمدير «معهد ديمقراطية الشرق الأوسط»، بما لا يوضح آراؤه الموالية لإسرائيل.

الإعلام العربي مغيب، أو لربما تآكلت قدراته، فأصبحت واقعة قتل إسرائيل لأطفال فلسطين، التي تتم كل يوم جمعة، وتنقلها تلفزيونات العالم، أعجز من أن يكتب تحتها أربع كلمات كتعليق توضيحي.

تويتر