أبناؤهم يرفضون استعادتهم من المستشفيات ويستولون على ممتلكاتهم

معاناة قاسية يتعرض لها المسنون في جزر الكناري

صورة

أصبح المستشفى العام في لابالما بجزر الكناري مكاناً للتخلص من كبار السن، فقد درجت بعض الأسر على نقل مسنيها إلى هذا المستشفى، بحجة علاجهم، لكنها تتركهم هناك، بحجة أن المنزل صغير جداً ولا يسع كل الأسرة، والبعض الآخر يتحجج بأن لديه الكثير من العمل، ووقته غير كافٍ لرعاية المسنين، ثم هناك الذين لا يأتون بأي مبرر، وهم ببساطة لا يستجيبون لاتصالات إدارة المستشفى بأن يأتوا لنقل مسنيهم إلى المنزل. ويستخدم الأهالي هذا المستشفى كمنطقة لـ«رمي» المسنين المزعجين، ويوجد حالياً أربعة من كبار السن المهجورين في المستشفى، على الرغم من أن المستشفى يستقبل عادة ما بين 10 و20 مسناً.

«العديد من المرضى كبار السن تتدهور حالاتهم عقلياً أو جسدياً في المستشفى، ولو تعافوا من المرض الأصلي أو الإصابة التي جاءت بهم إليه».

في البداية، يجلب الأبناء والديهم المسنين أو أحدهما، بسبب مشكلة صحية حادة، تراوح بين السكتة الدماغية والفشل القلبي، ويتم إدخال المريض ومعالجة الحالة، لكن سرعان ما يدرك مسؤولو المستشفى أن الزيارات العائلية للمرضى أصبحت قليلة ومتباعدة، ثم تنقطع تماماً، ولا يظهر أحد لرؤية المريض.

يقول مدير المستشفى، خوسيه إيزكويردو، الذي أصبح مستشفاه يحتل عناوين الصحف في عدد المرضى المسنين المهجورين هناك: «بعض الأشخاص لا يستطيعون تحمل المسؤولية عن مسنيهم، لأنهم هم أنفسهم يعتمدون على أشخاص آخرين، لكن هناك حالات أخرى مروعة». ويمضي قائلاً «إنها ليست مشكلة غريبة هنا، فهي تحدث في جميع المستشفيات في جزر الكناري، وعبر إسبانيا، بسبب ازدياد أعداد المسنين».

ووفقاً لإيزكويردو، فإن الإبلاغ عن أسوأ هذه الحالات إلى السلطات لم ينجح إلا قليلاً، ويبرر ذلك بأن «جناية الهجران لا تخضع للقانون بشكل واضح، وأيضاً لأن المريض لم يتم التخلي عنه من الناحية الفنية، طالما يخضع للعلاج في المستشفى». ثم يبدأ المستشفى في البحث عن مكان شاغر في دور رعاية المسنين، ولكن مع تزايد عدد السكان المسنين في الجزيرة، لا يوجد سوى نحو 300 مكان فقط، وقد يستغرق الأمر عاماً للعثور على مكان شاغر.

وفي هذه الأثناء، تستولي العائلات التي تركت أقاربها على راتب تقاعد المسن أو المسنة المهملة في المستشفى، وعلى ممتلكاته، بينما يتحمل دافع الضرائب فاتورة تبلغ نحو 3000 يورو شهرياً لرعاية هؤلاء المسنين في منازل تديرها الدولة. ويطالب إيزكويردو بقوانين أفضل من شأنها أن تمنع الاستيلاء على ممتلكات كبار السن في حال هجرانهم.

ويؤثر هذا الوضع في عامة الناس بطرق أخرى، مثل التأخير في العمليات الجراحية المجدولة، بسبب نقص الأسرّة، وبالتالي تطول قوائم الانتظار. ويقول إيزكويردو: «إننا نحاول باستمرار تحقيق الأولويات».

ويقيم في هذا المستشفى منذ مايو 2017 رجل يبلغ من العمر 87 عاماً، وهو شخص مستقل، يحتاج ببساطة إلى شخص ما ليذكّره بتناول الدواء في الوقت المناسب، ومساعدته على إعداد وجبات الطعام، ولا يعرف لماذا لا يأتي أبناؤه من أجله. ويقول أحد الموظفين بالمستشفى: «هو لا يفهم ما يحدث، لقد عمل طوال حياته، ولديه منزل خاص به، ويبكي كثيراً، ويقول إن كل ما يطلبه هو أن يتم أخذه من المستشفى إلى بيته، لأن المستشفى مكان بشع، وأنه يرى الكثير من الناس الذين يمرضون ويموتون».

الأمَرّ من ذلك، هو أن العديد من المرضى كبار السن تتدهور حالاتهم عقلياً أو جسدياً في المستشفى، حتى لو تعافوا من المرض الأصلي، أو الإصابة التي جاءت بهم إليه. وتبيّن الأبحاث أن نحو ثلث المرضى الذين تزيد أعمارهم على 70 سنة، يمثلون أكثر من نصف المرضى الذين تجاوزت أعمارهم الـ84 عاماً، ويغادرون المستشفى وهم أكثر وهناً مما كانت عليه حالهم قبل دخول المستشفى. ونتيجة لذلك، فإن العديد من كبار السن يصبح غير قادر على رعاية نفسه بعد الخروج، ويحتاج إلى المساعدة في الأنشطة اليومية، مثل الاستحمام، وارتداء الملابس، وحتى المشي، وهذا من شأنه أن يمثل ضغطاً كبيراً على دور المسنين.

تويتر