مصنّعة من مكونات زهيدة الثمن وتفتقر إلى العناصر المفيدة

المنتجات المصنعة تشكل نصف المواد الغذائية في بريطانيا

أطعمة فائقة المعالجة مصممة لجعل المستهلكين يتناولون منها الكثير. أرشيفية

يبدو أن نصف المواد الغذائية التي تشتريها العائلات في المملكة المتحدة الآن معالجة «بصورة فائقة»، أي مصنّعة في المعامل من مواد صناعية، وإضافات جرى ابتكارها من قبل خبراء تكنولوجيا الأطعمة، وهي تحمل بعض الشبه مع الفواكه والخضراوات، واللحوم والأسماك، التي تستخدم في المنازل لإعداد طعام طازج.

28.6 %

من الأغذية البريطانية غير معالجة.


آثار تراكمية

كانت القوانين والأنظمة التي تتحدث عن القلق من استخدام الإضافات والنكهات يرجع معظمها إلى القرن الماضي، وكان يتم التركيز على دراستها، لمعرفة ما إذا كانت مسرطنة أم لا. وثمة آثار تراكمية ناجمة عن تناول هذه الأطعمة المصنعة غير معروفة حتى الآن.

وكشفت الأبحاث، التي قام بها خبراء التغذية العالميون، عن مدى تطور الأغذية التي يتناولها الناس في هذه الأيام، بدءاً من المواد الطازجة المنتجة في المزارع، وصولاً إلى المواد المصنعة في المصانع. وتم استبدال «الطعام الحقيقي» بأطعمة وجبات سريعة مالحة، وحبوب مليئة بالسكريات، وخبز وحلويات منتجة صناعياً، ووجبات جاهزة، ولحوم أعيد تشكيلها، إلى جانب مشروبات غازية محلاة.

وتم نشر هذه الدراسة، التي شاركت فيها 19 دولة أوروبية، الشهر الجاري، في نسخة خاصة من مجلة «جورنال بابليك هيلث نتروشن»، وهي تظهر أن العائلات البريطانية تشتري من الأطعمة المصنعة أكثر من أي دولة أوروبية أخرى، بنسبة تصل إلى 50.7% من مجمل ما تشتريه من مواد غذائية. وتأتي ألمانيا في المرتبة الثانية، حيث تصل هذه النسبة إلى 46.2%، ومن ثم إيرلندا.

وتم الاستناد في دراسة الوضع في بريطانيا إلى معلومات تم الحصول عليها من إحصائية «تكاليف المعيشة والتغذية»، التي تعود إلى عام 2008، وهي أحدث إحصائية متوافرة من نوعها. وتم تصنيف الأغذية في أربع مجموعات، وكان نحو ربع المواد الغذائية، أي 28.6%، غير معالجة، و10.4% كانت معالجة، لتكون مواد طبخ مثل زيت الزيتون، و10.2% كانت معالجة بصورة طبيعية، مثل الجبنة أو اللحمة.

وعبّر البرفسور كارلوس مونتيرو، من جامعة ساو باولو في البرازيل، الذي قاد فريق البحث، لصحفية «الغارديان»، عن قلقه الشديد من العلاقة بين الأطعمة المعالجة بصورة فائقة وحالة السمنة والوضع الصحي السيئ الذي يعاني منه كثيرون. وربما تبدو الأطعمة المصنعة جذابة، وهي مصممة بنكهات مالحة أو حلوة تجعلنا ننجذب إليها أكثر، لكنها لا تحوي مواد مغذية، كما يقول مونتيرو. وأضافت مونتيرو «إذا أخذنا الحبوب المعدة للإفطار، فإننا نجد أنها مشكلة من 50% من السكر».

وهذه المواد المصنعة، أي المعالجة بصورة فائقة، هي منتوجات جديدة، قدمتها صناعة المواد الغذائية من مواد زهيدة التكاليف، لكن في أشكال جذابة. وقال مونتيرو إن الجبنة المعالجة بصورة فائقة مصنوعة من حليب جاف وإضافات، وحتى المعكرونة فإنها مصنوعة من الزيت والنشاء وإضافات أخرى، والأمر ذاته ينطبق على قطع الدجاج المعروفة باسم «ناغيت»، فهي معالجة بصورة فائقة، وعندما يتناولها المرء فإنه لا يأكل لحم دجاج حقيقياً.

وأوضح البرفسور مونتيرو أن ثمة مشكلتين في هذه الأطعمة، هما أن الناس لا يفتقرون إلى الفيتامينات والأملاح عندما يتناولونها، وإنما المُركبات البيولوجية النشطة الموجودة في الأغذية الطبيعية، مثل الألياف، وهرمون «الفيتوستروجين»، وله أهمية جنسية. والثانية كما يقول مونتيرو «عندما يتناول المرء الملح، والنشاء، والسكر، والدهون، وجميع الإضافات الأخرى، فإنه يكون قد استهلك يومياً كمية من المواد الجديدة الموجودة في هذه النكهات، والألوان، والمواد الأخرى التي تساعد على خلط مكونات هذه الأطعمة، فإنه ليس لدينا أي فكرة عما يمكن أن يحدث من مشكلات نتيجة هذه المواد».

من جهته، قال البرفسور في علم التغذية من جامعة مونتريال الكندية، جان كلود مبارك، الذي يعمل مع البرفسور مونتيرو، إنه وزميله اكتشفا أن الأطعمة المعالجة بصورة فائقة «لا تحمل الكثير من المكونات المغذية، وذلك نظراً إلى كميات السكر الكبيرة، إضافة إلى الصوديوم والدهون المشبعة، وهي عادة ما تكون فقيرة للبروتين، والأملاح المعدنية والفيتامينات، وهي تحوي الكثير من الحريرات». وأضاف البرفسور مبارك قائلاً «إننا نبتعد أكثر فأكثر عن الأطعمة المغذية لنا».

تويتر