مخاوف من تعرضهم لمجازر بعيداً عن سلطة القانون

التنقيب غير الشرعي عن الذهب يهدّد قبائل برازيلية منعزلة

محاربون يدافعون عن القبيلة خوفاً من الإبادة على يد المنقبين عن الذهب. أرشيفية

كانت الطائرة ذات المحرك الواحد تحمل اثنين من المسؤولين بالمؤسسة الوطنية الهندية، عندما طارت، أخيراً، فوق قرية صغيرة في محمية يانومامي الهندية في غابات الأمازون البرازيلية، التي تعد موطن قبائل «موكسي هاتيتا»، وهي مجموعة من عائلات يانومامي التي تعيش منعزلة عن بقية العالم.

انتشار الأمراض

في عام 1987، وعندما كان يوجد نحو 20 ألف منقب عن الذهب في منطقة بابيو الصغيرة، تفشت أمراض عدة، منها الملاريا، والتهاب الرئة، وأمراض تنتقل عبر العلاقات الحميمة، بين سكان المنطقة. وعندما قررت الحكومة عام 1991 أن تضع قيوداً على دخول المنطقة، وأعلنتها منطقة محمية، قامت نساء تلك القرى بحرق الملابس التي كن قد حصلن عليها من المنقبين، حيث تلقى العديد من هؤلاء النسوة الملابس مقابل علاقات حميمة مع هؤلاء المنقبين.

وفي إحدى المراحل، أحصى موظفو المؤسسة الوطنية 80 شخصاً يعيشون هناك، ولكن في 18 ديسمبر الماضي لم يشاهد أي شخص منهم، وهذه إشارة تؤكد للمرة الثانية أن المؤسسة الوطنية الهندية، التي تقوم بمراقبة هذه المجموعة البشرية عن بعد منذ سبعينات القرن الماضي، وجدت أنه تم هجران المكان، وليس لدى المؤسسة أي فكرة عن مكان وجود تلك العائلات، إذ إنه ليس لدى قبائل الـ«موكسي هاتيتي» أي اتصالات مع قبائل الـ«يانومامي» في المنطقة. لكن المسؤولين يخشون أنهم ربما تعرضوا لمجزرة أودت بهم.

وشوهد رجلان على بعد 30 كيلومتراً، من المكان الذي كانت توجد به العائلات، وهما يستخدمان أنبوب ضغط عالياً بالقرب من وادٍ شديد الانحدار، وكانا ينقبان عن الذهب. وقال المنسق في «حماية البيئة العرقية» لقبائل «يانومامي» و«يي كوانا فرونت» التابعة للمؤسسة الوطنية الهندية، جاو كاتالانو: «ربما هرب الهنود الذين كانوا يعيشون هناك لسنوات، لكن الأمر الذي يثير قلقنا حقاً هو أن يكون المنقبون عن الذهب هم المسؤولون عن موتهم».

ويخشى كاتالانو أن تكون مأساة أخرى وقعت نتيجة التنقيب غير الشرعي، الذي عاد إلى منطقة الأمازون في شمال شرق ولاية «روريما» البرازيلية، وخلال التسعينات من القرن الماضي، تعرض المئات من السكان الأصليين في المنطقة للقتل إثر هجمات عنيفة، ومات كثيرون نتيجة الأمراض الناجمة عن نشاطات التنقيب.

وتشير تقديرات المؤسسة الوطنية الهندية إلى أنه يوجد نحو 3000 منقب عن الذهب على الأقل، يبحثون عن المعدن الأصفر في أراضي «يانومامي»، التي تبلغ مساحتها 9.6 ملايين هكتار مربع، أي أكبر من البرتغال، وهي أكبر المحميات الهندية في البرازيل، حيث يعيش فيها 300 من المجتمعات، و25 ألف نسمة من السكان الأصليين، الذين يتحدثون خمس لغات مختلفة.

ووصف رئيس اتحاد المنقبين عن الذهب، كرسنل فرانسيسكو رامالهو، منطقة الأمازون بأنها إحدى أكثر المناطق غنى بفلزات الذهب. وعلى الرغم من أن التنقيب الخاص يعتبر غير قانوني (لأنه لا توجد إمكانية إصدار ترخيص للتنقيب عن الذهب، حسب ما ذكرته الإدارة الوطنية لإنتاج الفلزات)، إلا أن التنقيب يعتبر نشاطاً مهماً في «روريما». ويوجد في عاصمة الولاية «بو فيستا»، بالقرب من الحدود مع فنزويلا، تمثال مكرس لمنقب عن الذهب في الساحة الرئيسة.

وخلال رحلة الطيران لمدة ثلاث ساعات، اكتشف كاتلانو أنه على الأقل ثمة 10 مؤشرات، بما فيها ثماني حاويات تم استخدامها لاستخلاص الذهب من قيعان الأنهار، إضافة إلى مهابط طائرات سرية، تدعم النظرية التي تقول إن المنقبين عن الذهب أصبحوا ناشطين في المنطقة من جديد.

وفي بداية ديسمبر الماضي، نفذت الشرطة عملية اعتقال واسعة، أسفرت عن اعتقال 98 شخصاً، ومصادرة 38 حاوية للذهب. ويمكن إنتاج نحو ثلاثة كيلوغرامات من الذهب لملء كل حاوية خلال شهر واحد، حسب ما ذكرته الشرطة. ونظراً إلى أن سعر الذهب في حينه 38 دولاراً للغرام الواحد، فإن ذلك يعني أن 38 حاوية يمكن أن تجلب نحو 4.3 ملايين دولار شهرياً. وتتجلى المشكلة الكبرى لحماية المنطقة في أنه توجد بها مناطق برية فسيحة جداً، لكن أمن الحكومة غير فعال، إذ إن الجيش لم ينفذ سوى عمليتين العام الماضي.

 

تويتر