المرصد

الموضوعية والحياد هاجس العمل الإعلامي

ما من حديث فردي أو بين اثنين أو أكثر عن الاعلام إلا ويستدعي ضرورة التطرق الى الموضوعية والحياد، أهم مقومات العمل الإعلامي الناجح.

وإذا ألقينا نظرة عامة وسريعة على مجريات العمل الاعلامي العربي، فإننا نلاحظ أن القارئ والمشاهد العربي، الذي لا تنقصه الفطنة والذكاء ومنذ بدء ما سمي ثورات الربيع العربي، يوظف ملكاته في تمييز التزام هذه الصحيفة أو تلك، وهذه المحطة التلفزيونية أو الاذاعية بأخلاقيات العمل الاعلامي وقيمه، في الحكم على أداء الاعلام العربي.

ويقول خبراء إعلاميون اننا حينما نتحدث عن الموضوعية والحيادية في نقل الاخبار وتغطية الاحداث لا نعني ولا نطلب الالتزام بها بالمطلق، لأن العملية نسبية، وعليها يتوقف منح المواطن العربي ثقته بهذه الصحيفة، او محطة التلفزيون أو الاذاعة، أو موقع اخباري على الإنترنت. ويضيف هؤلاء أن الوصول الى الحقيقة كاملة وتغطية الاحداث كما هي وكما وقعت من غير تدخل أو رقابة او تجميل يجب ان تكون هاجس كل مراسل أو محرر أو مذيع، لأن كل تغطية مجتزأة أو مبتورة وناقصة للأحداث والاخبار سيأخذ من رصيد وسائل الإعلام من الشعبية.

وتقول نيكول تنوري أبرز وأقدم مذيعات الاخبار في مجموعة «إم بي سي» إن «الموضوعية قيمة راسخة ومبدأ صلب وليست مسألة مرنة أو متغيرة، فالحياد ليس مطاطيا أو موسميا، كما انه حين يصبح امرا اختياريا فإن ذلك حتما سيعود بالضرر على العملية الاعلامية بالكامل واطرافها، فالقارئ أو المستمع أو المشاهد سيفقد ثقته بوسيلة الإعلام التي قدمت له التغطية»، وهذه الوسيلة ستخسر صدقيتها وقاعدة جمهورها، لأن الموضوعية والحياد تعني الصدق بكل بساطة. وهذا يناقض ما يقوم به كثير من القائمين على الاعلام، من تدخلات ورقابة وحذف وتعديل وتشويه في مضمون الاخبار والمعلومات، وكذلك الصور والمشاهد. ويرى الاعلامي أوتو غراث أن الاعلام هو التعبير الموضوعي عن ميول الجماهير واتجاهاتها وعقليتها، وبما أن الحياد والموضوعية في النشاط الاعلامي هو الوجه الآخر للصدق والنزاهة، فإن هذا يعني بالضرورة احترام عقل المتلقي الراغب في الوصول إلى الحقائق، بعيدا عن الاثارة والتهويل والمبالغة

وفي عام 1996 أسقطت نقابة الصحافيين الأميركيين كلمة «موضوعية» من ميثاق أخلاقيات المهنة الذي كانت قد وضعته، معتبرة أن الصحافيين هم بشر قبل أي شيء آخر، وحريصون على ألا يفقدوا وظائفهم، لهم آراؤهم الخاصة التي يرغبون في التعبير عنها. وجدير بنا ان نتذكر ان الاعلام الاميركي خاصة والغربي عامة فقد موضوعيته وحياده طوال عقد التسعينات، والتزم سياسة البيت الابيض وتوجيهاته فيما يتعلق بموضوع العراق وقضايا الشرق الاوسط بشكل عام.

تويتر