الحكومة تقدم حوافز لتشجيع الشباب على الزواج
تدهور الاقتصاد يدفع الإيرانيين إلى العزوف عن الإنجاب
معدل الإنجاب في إيران تراجع بشكل لافت إلى 1٪ في 2011. أرشيفية
يشعر كثير من العائلات الإيرانية بالقلق إزاء الغلاء المتصاعد، وبات إيرانيون يترددون في إنجاب الأطفال نظراً إلى الظروف الاقتصادية المتقلبة. وتراجع معدل الإنجاب في إيران بشكل لافت وصل إلى 1٪ في 2011، ما دعا القيادة السياسية إلى دق ناقوس الخطر وإطلاق حملة لإقناع الشباب بضرورة الإنجاب، وتخشى السلطات من شبح الشيخوخة الذي يرهق الخدمات الصحية، ويؤثر سلباً في اقتصاد البلاد، حال استمر إحجام الإيرانيين عن الإنجاب.
وإذا استمر الوضع على ما هو عليه سيرتفع معدل عمر الزواج من 27 إلى 40 عاماً بحلول عام 2030.
ويعد إنجاب طفل جديد عبئاً مالياً إضافياً بالنسبة للعائلة الإيرانية «وتملي القيم الاجتماعية الجديدة أن تكون الزوجة موظفة وليست ربة بيت أو أمّاً» كما تقول الباحثة مهناز مهجوري، مضيفة «لا يستطيع كثير من العائلات أن يعول طفلاً أو طفلين على الأكثر، لذا فإن النظرة إلى الأمومة آخذة في التغيير». وتتحمل العائلة أعباء كثيرة منها مصروفات الدراسة في المدارس الخاصة، ويعزف الناس عن إرسال أبنائهم إلى المدارس الحكومية، على الرغم من انخفاض رسومها، بسبب سمعتها السيئة.
يقول رضا علي محمدي (37 عاماً)، ويعمل طباعاً في أحد مكاتب الطباعة في طهران، إن تكاليف الدراسة غالية جداً و«تكاليف الروضة 150 دولاراً للطفل الواحد شهرياً، في حين يتقاضى الموظف البسيط أقل من 500 دولار»، متسائلاً «إذن كيف يمكنني أن أعول ثلاثة أطفال؟».
وفضلاً عن غلاء المعيشة، يفكر الكثير من الشباب الإيراني في الهجرة، الأمر الذي جعل الكثيرين منهم يؤجل مسألة الإنجاب. كما أن الفتيات لم تعد لديهن الأفكار نفسها التي كانت سائدة في الماضي، فهن يطمحن إلى تحقيق أحلامهن في الحياة وتطوير مهاراتهن، تماماً مثل الشباب.
ويقول أستاذ علم الاجتماع في جامعة طهران، ناصر فقوهي، إن «الرجال أكثر ميلاً لنمط الحياة الفردي، واتجاه الهجرة لديهم قوي»، ويضيف «كما تريد النساء اللحاق بالرجال في مجالات مختلفة، لذا فهن لا يصغين إلى نصائح الحكومة (التي تدعوهن إلى بناء أسر وإنجاب أطفال)».
أما علي (32 عاماً) وهو أحد سكان العاصمة الإيرانية، وطلب عدم ذكر اسمه بالكامل، فيرى هو وزوجته أن إنجاب أطفال يعد بمثابة فخ محتمل، ويقول «زوجتي تريد الالتحاق بدروس للغة الإنجليزية لأننا نعتزم الهجرة إلى أستراليا، عوضاً عن أن تكون حاملاً بطفل ثانٍ».
ويواجه الزوجان ضغوطاً من قبل عائلتيهما، وتطلبان منهما إنجاب مزيد من الأطفال، ويضيف علي «لا يهم ما تقوله عائلتانا، فلن ننجب طفلاً آخر، ولا يمكنني أن أتحمل ذلك مالياً ولا ذهنياً».
وفي غضون ذلك، أعطت الحكومة حوافز عدة للعائلات التي تنجب عدداً كبيراً من الأطفال، في إطار برنامج يسعى لتشجيع الشباب بين 20 و30 عاماً، على الزواج وزيادة معدلات الإنجاب. وتتضمن خطة التنظيم العائلي دعماً مالياً للعائلات عند شراء المنازل، وتخفيض نسبة الأرباح، إضافة إلى حصول الأمهات العاملات على إجازة أمومة مجزية، ناهيك عن قطعة ذهبية يهديها المستشفى للأم بعد الولادة. ولم يقتصر التشجيع على الشباب من الفئة العمرية المذكورة، بل وجّه مسؤولون الدعوة إلى المراهقين للتفكير في الزواج وإنجاب الأطفال. وتطمح إيران التي يبلغ عدد سكانها حالياً 75 مليوناً، إلى زيادة عدد سكانها ليصل إلى 150 مليون نسمة.
وتمثل الخطة تحولاً جذرياً عن سياسة سابقة، تهدف إلى خفض كبير في معدلات المواليد. بدأ هذا النهج قبل أكثر من عقدين من الزمان بعد حرب إيران مع العراق، عندما أبدت الحكومة الإيرانية القلق بشأن الانفجار السكاني المحتمل التي يمكن أن يستنزف موارد البلاد، وشجعت الدولة الأسر على ألا يزيد عدد أطفالهم على اثنين، وعرضت تعقيم الذكور مجاناً.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news