المرصد

شاشة بشار الأسد

منذ الأيام الأولى لبدء انتفاضة التغيير في سورية قبل اكثر من عامين ونصف العام حرص نظام الرئيس السوري بشار الاسد على الزج بالإعلام ضمن اسلحته، لكسب المعركة ضد معارضيه وخصومه، الذين ردوا بتوظيف الاعلام لخدمتهم من خارج سورية. وتتجلى أحدث المعارك الاعلامية لنظام الاسد في الفيلم الوثائقي «شاشة للرئيس»، الذي قامت بإنتاجه وانجازه هيئة الاذاعة البريطانية وتلفزيونها «بي بي سي»، حيث تحاول من خلاله تسليط الضوء على ما يجري في كواليس الاعلام الرسمي السوري، الذي اخذ على عاتقه التصدي لهذه الحرب الاعلامية، التي يقول النظام انها مفروضة عليه.

جاء فيلم «شاشة للرئيس» بعد أشهر من المفاوضات الشاقة بين «بي بي سي» عربي ووزارة الإعلام السورية، تم تتويجها بفتح ابواب كانت موصدة دون الإعلام العالمي، فلم يسبق لمصور او فريق صحافي أو كاميرا أن حصل على فرصة الوقوف مباشرة على طبيعة عمل الإعلاميين السوريين.

وشخصيات فيلم «شاشة للرئيس» هم مدير عام قناة الإخبارية، عماد سارة، الذي عُين فيها بعد عمله في قناة أخرى مملوكة لرجل أعمال له صلات بماهر الأسد شقيق الرئيس السوري، وربى الحجلي، إحدى أبرز وجوه شاشة الإخبارية، والصحافية يارا صالح التي رافقت جنوداً حكوميين خلال عمليات ميدانية، والمصور الإخباري فادي يعقوب، وجميع هؤلاء لا يلقون بالاً لمن يعتبرهم أدوات للنظام أو أبواقاً له، فالعمل الإعلامي بالنسبة لهم رسالة وطنية لتسليط الضوء على ان ما يحدث في سورية «لم يعد حركة احتجاجية تطالب بالتغيير والاصلاح السياسي والديمقراطية، بل تحول الى حرب يشنها عليها الاميركيون والغربيون وبعض العرب، ومعهم ارهابيون وتكفيريون، في ما يوصف بأنه مؤامرة عالمية على سورية».

ويحاول الفيلم الوثائقي تقديم اجابات وتوضيحات رسمية محسوبة طبعاً على كثير من التساؤلات حول طبيعة عمل الاعلاميين التابعين للدولة السورية، وما يواجهونه من صعوبات، ومواقفهم المؤيدة للنظام، والاسباب التي استندوا إليها في قناعتهم لتأييده في مهاجمة معارضيه، ولا يخفى على أحد ان الدولة السورية ظلت تهيمن على الإعلام نحو نصف قرن من حكم حزب البعث في فيها، ولم ينفرج المشهد الإعلامي السوري رغم الآمال التي انتعشت في ربيع دمشق مع وصول بشار الأسد إلى السلطة، غير أن دور الإعلام الغربي والعربي في ما يسمى «الربيع العربي» شكل صدمة للحكومة السورية ولشرائح الرأي العام التي تؤيدها في الذهاب الى ان سورية تتعرض «لمؤامرة اجنبية ولحرب إعلامية ضارية تشنها عليها وسائل إعلام ارهابية». بقي ان نقول إن فيلم «شاشة للرئيس» محاولة للفهم ليس إلا.

تويتر