سنغافورة تعاني قلة الإنجاب

سياسات الحكومة أسهمت في تفاقم الظاهرة. أرشيفية

تسعى السلطات في سنغافورة لإقناع مواطنيها بالإنجاب، في الوقت الذي تراجعت نسبة المواليد بشكل مقلق. وأطلقت الحكومة من خلال وسائل الإعلام المختلفة إعلانات تدعو فيها الشباب والفتيات لاختيار الوقت المناسب للبدء في شهر العسل، وذلك بعد الإجازة الرسمية التي يطلق عليها اسم «ليلة الوطن». وتعتبر سنغافورة من بين أفضل البلدان من حيث مستوى المعيشة، إلا أنها تواجه انخفاضاً حاداً في المواليد الجدد. وسجل أدنى مستوى إنجاب في العالم في هذا البلد الآسيوي، العام الماضي، ما جعل الحكومة تقرع أجراس الخطر وتتخذ إجراءات خاصة للتحفيز على الإنجاب.

ونظراً لتبني سياسة الطفل الواحد «الطوعية» منذ نحو 25 عاما، انخفض عدد السكان إلى النصف. ويرى المراقبون أن تحسن مستوى المعيشة في هذا البلد، الذي كان من أسوأ الدول في جنوب آسيا قبل ثلاثة عقود، لم يسهم في زيادة عدد السكان.

ويركز أغلب الموظفين في سنغافورة على المستوى المادي للعائلة الصغيرة، ويسهم في الصندوق الوطني بـ20٪ من مدخوله، ليستفيد منه عندما يتقاعد من العمل، وبالتالي لا توجد معوقات مادية تحول دون الإنجاب. ويتميز هذا البلد بتدني مستوى الجريمة والفساد، ولا تتسامح السلطات مع أبسط المخالفات، إذ يتعرض الأشخاص الذين يخلون بالنظام العام لغرامات مرتفعة تصل إلى 1000 دولار.

على سبيل المثال، يعتبر الأكل في مكان عام أو رمي المخلفات، مخالفة تستحق التغريم. كما أن تناول العلك في الأماكن العامة قد يكلف الشخص الكثير. ويذكر أن سنغافورة كانت قد منعت تداول العلك في الفترة بين 1992 و،2004 وبضغوط أميركية عادت لتسمح بتسويق هذا المنتج، لكن حصريا في الصيدليات، ويتعين على من يريد أن يشتري العلك إظهار بطاقة الهوية.

ويتعرض من يرتكب جنحاً معينة للضرب على اخمصي رجليه بالعصا، على ألا يتعدى عددها 24 ضربة، ويقولون ان 12 قد تكون مؤذية.

وفي السياق ذاته، سجلت سنغافورة أعلى مستويات الإعدام عالمياً، وفي المقابل، أثرت هذه الصرامة إيجابا في الوضع الأمني والاجتماعي في هذا البلد الصغير، وبات يتمتع بأفضل المستويات المعيشية في العالم، ومن ثم يتساءل الكثيرون عن إحجام السكان عن الإنجاب، وهم يعيشون في هذه «الجنة»! الأمر الذي يبقى «لغزاً» حقيقياً. فالسنغافوريون لا يهمهم بناء عائلة، وتقول منظمة التنمية الاجتماعية في سنغافورة، أن عدد الزيجات في الفترة بين 1984 و2005 لم يتجاوز الـ30 ألفاً. وبالمقارنة مع روسيا، فقد شهدت موسكو وحدها، نحو 100 ألف زواج العام الماضي. وينحي البعض باللائمة على سياسة الحكومات السابقة، في السبعينات والثمانينات، إذ تبنت سياسات اجتماعية خاطئة أدت إلى تراجع المواليد، ومن بين الإجراءات المجحفة رفع سن الزواج القانوني للفتيات إلى 26 عاماً.

تويتر