صحافة عربية
«تولوز» بين التشنج الإعلامي والواقعية
تساؤلات كثيرة طرحها الهجوم الذي شنه محمد مراح الفرنسي من اصل جزائري على المدرسة اليهودية في تولوز، ومنها ما إذا كان مراح قد ارتكب فعلته، لأن عقليته دفعته الى ذلك، رغم انه فرنسي، او انه فعل ذلك لدوافع تعود الى اصله الجزائري، وما اذا كانت سلطات الامن والاستخبارات الفرنسية قد بالغت في مراقبة مراح ورصد حركاته، مفسحة امامه مساحة كبيرة من الوقت اتاحت له القيام بأكثر من هجوم.
غير الجدل الصحي والحيوي الذي تتميز به دولة مثل فرنسا تتمتع بقدر كبير من النضج الاعلامي والسياسي، كان له الفضل في تفويت الفرصة على بعض وسائل الاعلام التي اعتادت العيش في أجواء التحريض والتعصب وثقافة الكراهية، لا سيما بعض الصحف والمجلات المرتبطة باليهود وجماعات الضغط الموالية لإسرائيل، والتي قالت ان مراح قتل من قتل، لأنه جزائري عربي مسلم، ولأنهم يهود فحسب، متجاهلة ان بين القتلى والجرحى مسلمين ومسيحيين ايضا، وان اليهود القتلى انما هم فرنسيون في نهاية المطاف.
المدير العام السابق للاستخبارات الداخلية الفرنسية حرص على التوضيح أن محمد مراح فرنسي، وفعل ذلك، لأن عقليته وفلسفته ارهابية، ولانه ارهابي وليس لأن اصله عربي جزائري.
ومن جانبها اتخذت الصحف الفرنسية لاسيما «لوموند» و«لوفيغارو» موقفاً موضوعياً الى حد كبير إذ اسهب بعضها في شرح الظروف الشخصية والعائلية والاجتماعية لمنفذ الهجوم، وقال انه ذهب الى افغانستان بسبب الفراغ، وبعد ان تم رفض طلبه للالتحاق بالدرك الفرنسي، وكان لجريدة ليبراسيون موقفاً مختلفاً، إذ اختارت مجاملة اسرائيل وأبرزت تصريح رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، الذي قال فيه إن إسرائيل قامت لتحمي يهود العالم، وستظل تمارس هذا الدور دائما، وستتخذ كل الاجراءات الأمنية اللازمة بشكل مستقبلي لحماية اليهود في أنحاء العالم.
أما الصحف الجزائرية فقد سارعت الى رفض التلميحات والاتهامات، وقالت ان مراح رغم أصله الجزائري يبقى فرنسياً، ورفضت بشدة محاولات الربط بين قتل اليهود واصله الجزائري العربي وديانته مسلماً، وان تركيز الحديث على الاصول الجزائرية لمراح ليس بريئاً أو الامر الذي يمكن القبول به، ويبقى القول إن السماح لوسائل اعلام مريضة بالتعصب والتحامل على المسلمين والعرب بأن تصول وتجول في الحديث عن مراح وهجوم تولوز، كما يحلو لها، قد يؤدي الى انفلات عقال وحوش «الاسلاموفوبيا» والعنصرية العرقية والدينية، وتفشي ثقافة الكراهية، الامر الذي سيكتوي الفرنسيون حتماً بناره، لهذا يبقى التعقل صمام الامان.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news