الغرب لا يعرف سوى شاليت

في محاضرة عن ازدواجية الإعلام الغربي في تناول قضايا الشرق الاوسط تحدث الفيلسوف الاميركي نعوم تشومسكي عن عدم احترام الغرب أي شخص غير غربي، وركز خصوصاً على الاتفاق بين اسرائيل وحركة المقاومة الاسلامية (حماس)، الذي نجم عنه اطلاق سراح الجندي الاسرائيلي جلعاد شاليت مقابل 1027 أسيراً وأسيرة فلسطينيين.

وقال انه شاهد عنواناً عريضاً في صحيفة «نيويورك تايمز» في 12 اكتوبر الماضي يقول «صفقة مع (حماس) تفضي الى حرية اسرائيلي محبوس منذ عام2006»، وكان الاسير هو شاليت، والى جانب العنوان كان هناك صورة لأربع نساء تبدو عليهن ملامح الاسى والالم وكتب تحت الصورة «انهم اصدقاء ومحبو شاليت الذين تلقوا خبر الصفقة»، وبالطبع فان هذا مفهوم ولا جدال فيه، حسبما يقول تشومسكي، اذ ان هذا الأسير كان يجب ان يطلق سراحه منذ امد بعيد، لكن كان ثمة شيء مفقود في القصة برمتها، لكن الامر الذي يدعو للتساؤل انه لم يأت الخبر على ذكر اي شيء عن الاسرى والاسيرات الفلسطينيين، ولم تنشر اي صورة لهم. ويرى تشومسكي انه يمكن قول الكثير على هذه النقطة بالذات: فعلى سبيل المثال نحن لم نكن نعرف من هم الفلسطينيون الذين سيتم اطلاق سراحهم او انه سيتم اطلاق سراح المسؤولين الفلسطينيين المنتخبين الذين اختطفتهم اسرائيل وأودعتهم في سجونها في عام ،2007 عندما قررت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وإسرائيل تقويض المجلس التشريعي المنتخب بحرية قل نظيرها في العالم العربي. ولا نعرف حتى الآن ما الذي حدث لهم. وفي الحقيقة هناك من الاسرى الفلسطينيين الذين سجنوا في اسرائيل قبل أن يولد شاليت اصلا. ومن الواضح ان الاعلام الغربي يبالغ في تعامله المنحاز مع هذه القضية، إذ ان المطلع على وسائل الاعلام الغربية يدرك مدى التحيز في اظهار الاهتمام بشاليت وعدم الاكتراث بأعداد كبيرة من الفلسطينيين يقبعون في سجون اسرائيل. وحتى عندما أراد الاعلام الغربي ان يأتي على الفلسطينيين جاء التركيز وبصورة مبالغ فيها ايضا على حقيقة ان شاليت يساوي اكثر من 1000 فلسطيني الذين سيتم اطلاق سراحهم. ومن الواضح ان التركيز على هذا الرقم كان يقصد به، وان لم يصرح علانية، بان شاليت يساوي اكثر من 1000 فلسطيني.

لكن حقيقة الامر غير ذلك، اذ انه ليس من الصعب على اسرائيل ان تختطف آلافاً من الفلسطينيين كي تطلق سراحهم فيما بعد مقابل اي أسير اسرائيلي، ومتى شاءت. وخلال عمليات تبادل الاسرى بين اسرائيل والفلسطينيين، كان يتم اطلاق أعداد كبيرة من الفلسطينيين مقابل جندي اسرائيلي او اثنين، ويرجع ذلك الى هيمنة الدولة العبرية على الفلسطينيين وحياتهم، فهي تحتل ارضهم وتتحكم بقوت يومهم ومناحي حياتهم، واذا قررت اسرائيل ان تعيد اعتقال الاسرى الذين اطلقت سراحهم أخيرا فمن الذي يمنعها من فعل ذلك؟

الأكثر مشاركة