المرصد

أموال مردوخ تفسد حرية الصحافة

بما أنه كان يدعم أي رئيس وزراء بريطاني، وكثيراً من المسؤولين والوزراء في بريطانيا والولايات المتحدة بالمال والاعلام، فإن من الطبيعي أن يعطي روبرت مردوخ امبراطور الإعلام الاميركي الأسترالي الاصل نفسه حقاً واسعاً في التدخل قدر ما يستطيع في الشؤون السياسية، وعملية صنع القرارات في البلدين شاء قادتهما أم أبوا.

وتطلق الأوساط الاعلامية الغربية على العجوز اليهودي (79 عاماً) المتعصب لإسرائيل لقب «صانع» رؤساء الحكومات البريطانية منذ سبعينات القرن الماضي. وبقدر كبير من الغرور الذي يعكس سطوة المال وقوة الاعلام الذي يشكل عقول الملايين وأذواقهم ويرسم توجهاتهم، قال هذا العجوز ذات يوم في ،1991 «إذا اراد توني بلير أن يفوز في الانتخابات البريطانية المقبلة فعليه ان يحضر هنا الى أستراليا للاجتماع مع الموظفين التابعين لي». وبعد ذلك بأيام استقلّ بلير، طائرته الخاصة ونفذ أمر مردوخ واجتمع مع موظفيه.

وفي الانتخابات البريطانية الأخيرة عمل مردوخ على تشغيل حاسته السياسية والاعلامية في استقراء اتجاهات الرأي العام البريطاني، وقرر دعم زعيم حزب المحافظين ديفيد كاميرون والتخلي عن رئيس الوزراء العمالي غوردون براون ليفوز كاميرون، وبادر الاخير برد الجميل لمردوخ بتعيين أندي كولسون رئيس التحرير السابق لصحيفة «نيوز اوف ذي وورلد»، مديراً للاعلام لديه في مقر رئاسة الوزراء، وتم إغلاق الصحيفة نهائيا بعد تورطها في فضيحة التنصت على هواتف البريطانيين، والتي تجاوز بها مردوخ جميع الخطوط الحمراء وغير الحمراء على حد قول بعض أعضاء البرلمان واقطاب حزب العمال.

كما كان مردوخ صديقا شخصيا لرئيسة الوزراء السابقة مارغريت تاتشر والرئيس الاميركي رونالد ريغان، لأنهما كانا يجسدان السياسات العدوانية اليمينية للجمهوريين الأميركيين والمحافظين البريطانيين في الثمانينات.

ويقول خبراء ومحللون إن محاولة احد المتظاهرين البريطانيين الاعتداء بالضرب على مردوخ أثناء التحقيق معه امام إحدى لجان مجلس العموم (البرلمان) البريطاني، تبعث برسالة قوية عن مدى استياء الشعب البريطاني على تنوع شرائحه مما قام به هذا العجوز اليهودي الذي أعطى لنفسه حق استباحة حياة البريطانيين قادة ومسؤولين وشعباً، والتدخل في أدق تفاصيلها والتصرف كأنه فوق الجميع بيده العقاب والثواب، وكانت بريطانيا بما فيها مجرد مزرعة خاصة له.

ويقول خبراء إن بلير لم يكن يدخر جهدا في مجاملة مردوخ وتنفيذ رغباته من خلال تغيير سياساته من اليسار العمالي الى اليمين.

وختاماً فإن الفضيحة الاخيرة جردت مردوخ من هالة السطوة والنفوذ والمجد التي كانت تحيط به على مدى سنوات طويلة، فهل يمكننا القول «وداعاً مردوخ؟

تويتر