المرصد

تلفزيونات.. وانتفاضات

خلال أحداث ثورة الياسمين التونسية التي اطاحت بزين العابدين بن علي ونظامه، ويوميات ثورة 25 يناير التي قادها شباب ميدان التحرير لتحمل حسني مبارك على التنحي، لفت انتباه العامة في الدول العربية والنخب الاعلامية دور التلفزيونات الحكومية والرسمية في تغطية الأحداث المتلاحقة. فهناك من وصف هذا الدور بالعجز والفشل بسبب سياسة القمع وتكميم الافواه الناجمة عن غياب مناخ الحريات، وهناك من وصفه بالدور المشبوه والمتواطئ لاجهاض الثورات وتخوين من قاموا بها وشاركوا فيها وتسفيههم وإظهارهم بأنهم عملاء وخونة ومرتزقة لجهات اجنبية.

وكما فعل التلفزيون التونسي، حينما كان يبث الدعايات والمدائح لبن علي وزوجته ويروج للهدوء واستقرار النظام العام في مختلف الولايات والمناطق التونسية، فقد فعل التلفزيوون المصري، الذي اكتفى في الايام القليلة الأولى من الثورة باظهار صورة ثابتة لمنطقة ماسبيرو المطلة على النيل، حيث اتحاد الاذاعة والتلفزيون، وإذاعة الاخبار التي تعكس موقف الحكومة والنظام، وتؤكد استقرار الاوضاع، التي كانت وصلت الى مرحلة الغليان، ثم بث التلفزيون تظاهرة صغيرة شارك فيها بضع مئات من انصار الحزب الوطني الحاكم ومبارك ونظامه، متجاهلا تماما التظاهرات العارمة والاحتجاجات الحاشدة التي كان ميدان التحرير يموج بها. وما يفعله التلفزيون الرسمي الليبي حالياً لا يختلف عما قام بها التلفزيون الرسمي في كل من القاهرة وتونس، وهو ما يصفه اعلاميون بأنه أمر طبيعي لأن موظفي هذا التلفزيون من محررين ومعدي نشرات إخبارية ومذيعين ومقدمي برامج كانوا على مدى سنوات طويلة جزءاً لا يتجزأ من النظام القائم، ولا يمكنهم التمرد عليه أو تجاهل ما لديهم من تعليمات، وبشكل عام فإن وسائل الإعلام الرسمية -إلا القليل منها- أجمعت على انتقاد المتظاهرين والمحتجين والسخرية من حركتهم واتهامهم بإثارة القلاقل والشغب، رغم الطابع السلمي الواضح لحركتهم، لكن الأمر سرعان ما تغير، ولكن ليس بوتيرة واحدة، حيث كان يمكنك أن تلمس في وسائل الإعلام الحكومية تغيرات شبه يومية ترتبط بالموقف ومدى تقدم الثورة أو قدرة النظام على التقاط الأنفاس. بعد أيام من اندلاع الشرارة وبعدما ظهرت قوة ثورة 25 يناير وإصرار الشباب القائمين عليها، غيّر التلفزيون المصري كثيراً من لهجته وبدأ يظهر تفهماً لما يجري. ودافع رئيس قطاع الأخبار في التلفزيون المصري عبداللطيف المنياوي عن موقف التلفزيون خلال الاحداث، فقال إن التلفزيون كان يتعرض لضغوط هائلة من مختلف القوى، وإنه بذل أقصى ما استطاع من جهد لاستمرار التلفزيون المصري في التغطية، رغم تلك الضغوط. واكد المنياوي أنه «يتحمل المسؤولية الكاملة»، ونفى أن يكون قد عمد إلى الكذب واختلاق الحقائق، مؤكداً أن «التقارير التي كانت تتحدث عن وجود عصابات تقوم بالنهب بعد انسحاب الشرطة من الشوارع، كان مصدرها من المواطنين».

تويتر