مصر بين الصحف الخاصة والقومية
شهد عالم الصحافة في مصر خلال العقدين الماضيين تعدداً في الالوان والاذواق من خلال ظهور صحف خاصة بعد عقود طويلة من سيطرة الاعلام الرسمي المقروء، ممثلاً في الصحف الحكومية الثلاث «الاهرام» و«الاخبار» و«الجمهورية»، ما خلق جوا من الحيوية والتفاعل انعكست نتائجه بالايجاب لمصلحة القارئ الذي أصبح يتلقى مضمونا تزداد جودته يوما بعد آخر بفعل التنافس.
وكان تفوق بعض الصحف الخاصة يبدو متجليا ومسيطرا سيطرة ساحقة في بعض الاوقات على حساب الصحف الحكومية التي كانت تبدو جامدة كجثة هامدة، بعد ان أصبح مضمونها مجرد قوالب جاهزة ومادتها الإخبارية اليومية تسبب الغثيان بسبب حرصها على تلميع صورة المسؤولين وتجميلها وإخفاء العيوب ومنع نشر الانتقادات، بينما كانت الصحف الخاصة تعيش منافسة يومية بكل موضوعية حتى لو اقتضى الامر مهاجمة المسؤولين وتوجيه الانتقادات القاسية لممارسات الحكومة وقرارات الوزراء.
ويقول رئيس مجلس إدارة ورئيس تحرير صحيفة «الأهرام» السابق إبراهيم نافع، إن الصحف القومية عاشت فترة من التعثر والتأزم لكنها لم تطل بفضل المنافسة التي أوجدتها الصحف الخاصة، لافتاً إلى أن التأزم جاء نتيجة اعتقاد قيادات مؤسسات صحافية كبرى بأن كسب ثقة القارئ لا يأتي إلا حينما تتم الإساءة إلى الرموز التي سبقتها، متجاهلة بذلك ذكاء القارئ الذي يستطيع المقارنة والتحليل.
فريق من الصحافيين علق على تجربة شراء زعيم حزب الوفد لصحيفة الدستور الخاصة وإنهائه خدمات رئيس تحريرها ابراهيم عيسى بالقول، ان ما حدث نموذج سيء لممارسات المستثمرين الافراد في الصحافة الخاصة، في سبيل الحصول على مكاسب او مصالح سياسية ضيقة على حساب المهنية والموضوعية.
ويرى فريق آخر أن جو المنافسة الذي أوجده ظهور الصحف الخاصة دفع الصحف القومية الى المبادرة للتعامل مع لغة العصر من تقنيات وثورة انترنت وغيرها، واعتماد برامج مكثفة وحديثة لتدريب الصحافيين وتوفير الإمكانات لرفع مستوى معيشتهم، وهو الأمر الذي يجب أن ينطبق على بقية المؤسسات الصحافية في مصر حتى تنهض بالمستوى والعمل الصحافي.
غير أن هناك رأياً آخر يقول إن سقف حرية التعبير والحريات الاعلامية بشكل عام في مصر واحد، وهو نفسه للصحف كلها خاصة كانت او حكومية، وان بعض العاملين في الصحف الخاصة يرتكب خطأ كبيرا اذا اعتقد ان هناك ما يحميه اذا ما تجاوز ذلك السقف، وان الامر يحتاج الى جرأة في المبادرة والتحرك لإصلاح قوانين الاعلام بشكل يوسع حدود الحرية الاعلامية ويعزز الضمانات التي تمنع اعتقال الصحافيين ومحاكمتهم على كل صغيرة وكبيرة وبشكل كيدي.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news