‏المرصد‏

‏الصحافة البريطانية تنحاز في الانتخابات‏

‏كان واضحاً في الأشهر الأخيرة التي سبقت الانتخابات في بريطانيا، أن صحافتها تبنت مواقف حزبية ضيقة ومنحازة، حيث اختارت كل صحيفة حزباً لتدافع عن سياساته، أو زعيماً لتلميع صورته وتسويقه امام الناخب البريطاني ما دفع اعلاميين ومثقفين وأكاديميين الى التساؤل عن مدى جدارة تلك الصحف لحمل رسالة تنويرية تتمثل في الدفاع عن حقوق الشعب البريطاني. ولاحظ مراقبون أن الانتخابات التي جرت أخيراً صنعت حالة من الاصطفاف والاستقطاب الصحافي عكست في مجملها صراعات أيديولوجية قديمة بين اليسار واليمين من مراكز صنع القرار سواء في الحكومة أو في الأحزاب. وحدها صحيفة «الإندبندنت» البريطانية حاولت قدر الامكان ان تبدو امام القارئ غير منحازة مهنياً واصدرت عدداً خاصاً تحاكم من خلال محتوياته وبدقة سياسات الأحزاب المتصارعة على السلطة بل حتى برامج الأحزاب الصغيرة مثل حزب «رسبيكت» الذي أسسه النائب جورج غالوي، بينما معظم الصحف الأخرى كشرت عن أنيابها وانحازت دونما خجل او تردد.

واستناداً الى محللين فإن انحياز الصحافة البريطانية ليس بالشيء الجديد، خصوصاً مع اشتداد الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وتباين الخلافات السياسية والأيديولوجية بين الأحزاب الى حد جعل الانتخابات الأخيرة في نظر الأحزاب المتنافسة والصحافة نقطة تحول وحالة جديدة في الصراع بين الأحزاب مع دخول حزب الديمقراطيين الأحرار ـ الذي ظل لعشرات السنين الحزب الثالث غير المؤثر ـ حلبة الصراع ومنافسته بقوة الحزبين الرئيسين، المحافظين والعمال، اللذين ظلا يتناوبان على السلطة من دون منازع لأكثر من نصف قرن. وفي ظل جو استقطابي حزبي نلمس بسهولة تصنيف صحف مثل «الغارديان» و«الإندبندنت» بأنها يسارية وأخرى مثل «التايمز» و«الديلي تلغراف» بأنها يمينية، بينما تتأرجح صحف أخرى مثل «صن» و«ديلي ميرور» بين اليمين واليسار، أي بين العمال والمحافظين. ولم يترددالمحرر السياسي لصحيفة «صن» تريفور كفنا، في القول إن صحيفته دعمت حزب المحافظين «لأن حزب العمال بعد 13 عاما من تربعه على رأس السلطة قد خيب آمال الملايين من البريطانيين.

لكن أحد قادة حزب العمال سابقاً يقول إنه على الرغم من أن اكثر من أربعة ملايين يقرأون «صن» إلا أنهم يوم الانتخابات «يختارون حزبنا». لكن الصحيفة ساندت مارغريت تاتشر وأسهمت في فوزها في انتخابات عام 1979 والانتخابات التالية بعدها. ويقول جون لويد الصحافي المخضرم في «فايننشيال تايمز» إن «الصحف البريطانية تنحاز حزبياً بشكل واضح، أكثر من نظيرتها الأميركية»، كما أن قادة الأحزاب أظهروا رغبة في خلق علاقات مع بعض الصحف الشعبية حتى يضمنوا نوعاً من الدعم خلال الحملات الانتخابية إذ أفصحت «صن» و«ديلي تلغراف» عن أنهما ستدعمان حزب المحافظين في حملته الانتخابية لكن هذا لا يعني أن الصحف المحسوبة على اليسار مثل «الغارديان» إلتزمت الحياد، على الرغم من أنها لم تفصح بشكل علني عن دعمها حزب العمال إلا أن توجهاتها الليبرالية والمهنية جعلت من الصعب عليها الانحياز الكامل لحزب العمال وتجاهل حزب الديمقراطيين الأحرار. من جانبها دافعت «الأوبزرفر» بقوة عن الديمقراطيين الأحرار الذين ازدادت حظوظهم هذه المرة أكثر على أي انتخابات سابقة، وامتدحت زعيمهم نيك كليغ ووصفته بمرشح التغيير.

تويتر