‏صحافة سورية‏

‏ مع سورية.. ولكن ‏

‏أتيح لي، أثناء وجودي في القاهرة طوال الأيام الماضية، الاشتراك أو الحضور والاستماع للعديد من النقاشات السياسية التي تزدحم بها العاصمة المصرية هذه الأيام. وكانت قضايا السياسة الخارجية مطروحة بقوة أيضاً، وكانت سورية القاسم المشترك في معظمها، سواء لجهة الأمل بعودة سريعة للعلاقات السورية ـ المصرية إلى سابق عهدها؛ من المودة والتفاهم والتنسيق المشترك الذي جنّب العرب الكثير من المخاطر، أو بالنسبة للتهديدات الخطيرة التي انهالت على سورية من إسرائيل وأميركا طوال الأيام الماضية، إضافة إلى موقف سورية المتحفّظ على قرار لجنة المبادرة العربية للسلام بالموافقة على بدء المفاوضات غير المباشرة وغير المبررة بين السلطة الفلسطينية والإسرائيليين. وما أثار انتباهي طوال تلك المناقشات هو أن كثيراً من الُمتحدثين ومن المتحفظين على السياسة السورية كانوا يؤكدون دوماً أن سورية على حق في ما تقول وتفعل وتصرّح.. ولكن! ويتوقفون عند هذه الـ«لكن» من دون أن يقدموا لها تفسيراً أو تبريراً أو حتى حلاً بديلاً.

ويثور نقاش حول سورية والمقاومة ليكرر بعض «صناع الرأي العام» بصورة ببغاوية ما تحفل به وسائل الإعلام الإسرائيلية والغربية من اتهامات كاذبة وعندما نسأل: هل إسرائيل معتدية ومحتلة؟ يكون الجواب: نعم. وعندما نقول لهم: ألا يكفل القانون الدولي الحق في المقاومة بجميع الوسائل السياسية والعسكرية لجميع الشعوب الخاضعة للاحتلال، بما في ذلك فرض التزام على جميع أعضاء المجتمع الدولي بدعم حركات المقاومة المشروعة؟ يجيبون بالإيجاب، ثم نقول: أليست سورية والمقاومة على حق؟ يكون الجواب خجلاً مضطرباً. نعم سورية على حق.. ولكن.. وهو السيناريو الذي يتكرر في كل مكان وخلال أي نقاش، فدائماً لابد من وجود «لكن»، حتى في حالة العدوان على سورية، فالجميع معها.. ولكن! وهو ما يعكس حالة من الاستسلام المسبق لدى قطاع واسع ممن يفترض أنهم يشّكلون النخب في عالمنا العربي، علماً بأنهم يروجون للاستسلام بعبارات الواقعية ويمهدون للتنازلات المجانية بستار العقلانية.

تويتر