عوقب وهو طالب بـ 10 جلدات في الطابور بسبب مقال

محجوب صالح.. مؤسس الصحافة السودانية يرحل بعد عقود من العطاء

صورة

شيّع السودانيون، أول من أمس، جثمان عميد الصحافة السودانية، محجوب محمد صالح في القاهرة، الذي وافته المنية بعد مسيرة طويلة مع الصحافة، استمرت 70 عاماً، عاصر فيها الحقب السياسية السودانية المختلفة، وشهد له معاصروه بالإمساك بناصية المهنية والموضوعية.

وكان محجوب صالح قد روى في لقاء أخير له مع قناة «الغد» جانباً من بداياته، حيث قال: «بدأتُ المشاغبة عام 1940، وأنا طالب في المدرسة الوسطى، السنة الثانية، حيث نشرت مقالاً في صحيفة (صوت السودان) اتهمت فيه أساتذة في المدرسة بأنهم يمارسون المجاملة لمعارفهم وأصدقائهم في القبول بالمدرسة الأولية، بدلاً من إخضاع الجميع لامتحان واحد، بحيث يتم اختيار الطالب على أساسه، واعتبر المدرسون هذا إهانة لهم، وتشكيكاً في نزاهتهم، فقدموا شكوى للمدير الذي أمر بجلدي 40 جلدة، خُفِّضت بعد وساطات إلى 10 جلدات، ونفذت في طابور عام، ومنذ ذلك الوقت بدأت قصتي مع الصحافة».

وتابع: «دخلت كلية الآداب سنة 1947 في أول دفعة لامتحان جامعة لندن ضمن مجموعة من 28 طالباً اجتازوا امتحان كامبريدغ، (الشهادة الثانوية البريطانية)، وقررنا إنشاء اتحاد عام للطلبة في السودان، وكان رأي المدرسة أن هذا يعد عملاً تخريبياً، تصاعدت الأزمة ونظمنا إضراباً، الذي على الرغم من نجاحه، فإنه تم فصلنا وكنا ثلاثة طلاب».

وقال الكاتب الصحافي فايز السليك لـ«الإمارات اليوم»، إن «فقد محجوب صالح خسارة كبيرة للصحافة السودانية، فقد عاش المهنة بطولها وعرضها منذ اختار أن يعمل بها تاركاً دراسته الجامعية، وهو لايزال بعد في العشرينات من عمره، فقد بدأ حياته في صحيفة (سودان ستارز) الناطقة بالإنجليزية، وتعلم منها المهنية والدقة والموضوعية، وعندما أسس صحيفة (الأيام) اختار أن تكون معبرة عن المشهد الفكري والسوداني بكل أطيافه».

ونعى رئيس الوزراء السوداني السابق، عبدالله حمدوك، رحيل صالح، وقال في بيان، «رحل عن دنيانا أستاذ الأجيال محجوب محمد صالح، بعد أن خلّف أثراً عميقاً في مسار بلادنا نحو الحرية والسلام والعدالة، وذلك عبر عمله على إرساء صحافة حرة ومهنية، وضع لبنتها مع رفيقيه بشير محمد سعيد، ومحجوب عثمان في صحيفة (الأيام) في عام 1953، وواصل هذا المسار على مدى عقود عدة من دون كلل أو ملل».

كما نعاه وزير الإعلام السوداني السابق، الكاتب الصحافي فيصل محمد صالح، وقال: «منذ بداية الخمسينات ظل الأستاذ محجوب صالح ممسكاً بقلمه بصلابة وقوة، مدافعاً عن قيم الحرية والديمقراطية، ومسهماً في الساحة الوطنية بالرأي والعمل في المبادرات الوطنية، ممثلاً للحكمة والموضوعية والوطنية الصادقة. كما ظل هو وصحيفة (الأيام) مدرسة يتعلم فيها الصحافيون القيم المهنية والأخلاقية للعمل الصحافي، فقدنا بغياب الأستاذ محجوب قيمة كبيرة».

وأصدرت نقابة الصحافيين السودانيين بياناً قالت فيه: «لم تكن الصحافة التي أرساها (العميد) قط تدور حول الإثارة أو تحقيق مكاسب شخصية. لقد كان مدافعاً شرساً عن السلام والديمقراطية وحقوق الإنسان، مستخدماً منصته لفضح الظلم، وإعطاء صوت لمن لا صوت لهم. في الأغلب وضعه عمله على خلاف مع السلطات، لكنه لم يتردد أبداً في سعيه وراء الحقيقة والمساءلة».

تويتر