الكفن حلّ بديلاً لفستان الفرحة

زفاف محمد بدانية تحوّل لبيت عزاء

صورة

انتشرت على المواقع الإخبارية ومنصات التواصل الاجتماعي مشاهد وداع الشاب محمد سعد (19 عاماً) لخطيبته دانية عدس التي تشاركه العمر ذاته، أثناء تلاوته آيات من الذكر الحكيم فوق رأسها داخل المسجد، قبيل تأدية صلاة الجنازة عليها، ولكن ما قصة ذلك؟.

«الإمارات اليوم» التقت الشاب سعد لسرد تفاصيل تلك الحادثة، فقد رافق دانية التي استبدلت فستان الزفاف بالكفن، حيث مرقد مثواها الأخير، من منزلها إلى المسجد وصولاً إلى المقبرة، لمواراة جثمانها الثرى، دون أن تجف عيناه من الدموع حزناً على فراق من فضّلها عن غيرها، لتكون شريكة حياته.

مراسم دفن دانية لم تكتمل بعد، فمحمد رفض مغادرة جثمانها رغم إدخالها القبر، إذ قضّى وقتاً طويلاً يبكيها، لتختلط دموعه بتراب قبرها، وهنا استطاع أهل دانية وأقاربه السيطرة على حالته النفسية، لينثر هو بيده التراب على قبرها فور إغلاقه.

عاد محمد إلى منزله مثقلاً بحزن عميق، فبدلاً من إقامة حفل زفافه بمن اختارها لنفسه عروساً، نصب خيمة عزاء ولن تتمكن أيامه الثلاثة من التخفيف من وجع الفراق، فمن يتجه إلى عزاء دانية يشعر بكم كبير من الأسى يسكن نفس محمد وذوي دانية.

يقول الشاب محمد بصعوبة بالغة وحزن عميق: «إن دانية كانت بداية الأحلام التي لا حدود لنهايتها، ولكن صواريخ الاحتلال قضت على حلمنا بالزفاف الذي كان من المتوقع انعقاد مراسمه في يونيو المقبل».

ويسترسل: «إنني لا أستطيع حتى الآن تصديق فقدان من كانت حلماً لحياتي، فخلال لحظات سريعة للغاية خطفت سعادتي دون أن أدرك ما الذي حدث، وكذلك ما يقال لي من عبارات المواساة، فعقلي لن يستوعب أن دانية رحلت وتركتني وحيداً».

يصمت سعد قليلاً، ثم يقول: «لم أستطع النوم أو التوقف عن البكاء منذ رحيل دانية، لم ولن تغادر ذهني، ولكن ما يصيب نفسي بالقهر: ما الذنب الذي اقترفناه لتفرقنا صواريخ المحتل بهذه الطريقة البشعة؟، تقتل من نحب، وتستمر في إزهاق أرواح مدنيين من الأطفال والنساء».

دانية تركت محمد وحيداً، ولكنها لم ترحل وحدها، فقد ارتقت رفقة شقيقتها إيمان التي تصغرها بعام واحد، أثناء القصف الإسرائيلي على قطاع غزة الذي استهدف منزل عائلتهما فجر الثلاثاء الماضي.

علاء عدس والد دانية وإيمان، يشعر بصدمة حادة جراء فقدانه ابنتيه مرة واحدة، دموعه تتغلب عليه طوال الوقت، مردداً جملة واحدة: «حبيبتاي رحلتا ولن تعودا».

يحاول الوالد المكلوم تمالك نفسه، فيقول بصوت خافت: «في الساعات الأولى لفجر الثلاثاء الماضي، بينما كنا نائمين، استيقظت على صوت انفجار هائل، لن أنساه ما حييت، فهرعت مسرعاً صوب غرفة ابنتيّ لأجدهما غارقتين بدمائهما».

هنا يعود عدس بالحديث إلى ما قبل رحيل ابنتيه بأيام قليلة، فيقول باكياً: «إن إيمان شاهدت مؤخراً حلماً أنها تزف عروساً ببدلة بيضاء، وأخبرتني بذلك، فأجبتها هذا فرح شقيقتك دانية، وليست أنت، ولم أكن أعلم بأن حلمها سيتحقق وأنها ستزف إلى جوار العرش العظيم».

ويواصل والد دانية وإيمان حديثه: «أنه في اليوم التالي من مواراة جثمانهما الثرى، ذهبت إلى المقبرة للجلوس إلى جانب قبريهما، بكيت وأنا أزفّ الأولى والثانية عروسين إلى الجنة بإذن الله».

تويتر