قدمت اعتذاراً لقرّائها.. وبرنامج «عدالة تصالحية» ممولاً للضحايا

«الغارديان» البريطانية تعترف: مؤسسو صحيفتنا «تجّار عبيد»

صورة

في خطوة شجاعة لتبييض وجهها، اعترفت مالكة صحيفة الغارديان البريطانية، سكوت تراست، بتورط مؤسسيها في تجارة الرق، وخاصة في الرق عبر الأطلسي، الذي تم فيه نقل العبيد المختطفين من إفريقيا إلى الولايات المتحدة الأميركية، وتقدمت الصحيفة باعتذار مستفيض حول هذا التورط، وخصصت عدداً من صفحات الجريدة لانتقاد موقف مؤسسيها، متعهدة بتبني برنامج أعلنته لتعزيز ما سمّته «العدالة التصالحية»، الذي سيتم تنفيذه عبر صندوق مالي، ويستمر لسنوات ممتدة، حسب تقرير نشرته الصحيفة نفسها أخيراً.

وأكدت تراست أنها تعتزم تخصيص قرابة 12 مليون جنيه إسترليني في صندوق لمصلحة أحفاد من تعرضوا لممارسات رقّ تورط فيها مؤسسو الغارديان، وجاءت الخطوة بعد انتهاء بحوث أكاديمية مستقلة ظلت تجري منذ عام 1920 أفضت إلى تورط مؤسس الغارديان وتاجر الأقطان، جوهن إدوارد تايلور في العبودية مع رجال أعمال آخرين من مانشستر، موّلوا الصحيفة عند إنشائها.

وكشف تقرير «سكوت تراست» الخاص بإرث الاسترقاق أن تايلور ونحو تسعة أشخاص من مجموع 11 شخصاً دعموا الغارديان لديهم صلة بتجارة العبيد، وفصّل التقرير أن تايلور لديه صلات متنوعة مع الاسترقاق منها واحدة عبر أوكادين تايلور، وأخرى تايلور كومباني، التي كانت تستورد القطن الخام وتحوله إلى منسوجات باستخدام العمالة العبيد في الولايات المتحدة.

ونجحت تقارير من جامعتي توتنغهام وهل في الكشف عن مزارع في الـ«سي لاند» على امتداد شاطئ جنوب كارولينا وجورجيا، تسلمت فيها إحدى شركات تايلور قطن من المنطقة التي كانت تستخدم عبيد ضمن عمالتها، ووثقت هذه التقارير العلمية استنتاجاتها بالحصول على مستندات علمية محملة بأسماء ملاك الأراضي ومسترقي العبيد بالتفصيل. وكشفت الغارديان أيضاً أن أحد مموليها المبكرين، وهو السير جورج فيليب من وست إنديا، حاول أن يطلب تعويضاً عما سمّاه خسارته البشرية، من الحكومة البريطانية عام 1835، والتي كانت عبارة عن فقده 108 عبيد ممن كان يسترقهم، لكنه لم يوفق، بينما حصل شريكه على تعويض وصل إلى 200 ألف جنيه إسترليني بقيمة ذلك الوقت.

وقالت الغارديان في تقريرها الأخير إنها لا تعتذر فقط للمجتمعات التي أضيرت من العبودية بسبب ملاكها وأحفادهم، ولكنها تعتذر أيضاً عن الافتتاحيات والمواد التحريرية التي نشرتها ودعمت الصناعات القطنية القائمة على استغلال العبيد.

وينتظر أن يدعم «صندوق العدالة التصالحية» الذي أعلنته الغارديان مشروعات في منطقة غولا عيني وجاميكا، وسيتم تعيين مدير لبرنامج الصندوق، وهيئة استشارية له، كما يغطي مجالات عمل، ويمول الصندوق أنشطة أخرى منها رفع مستوى الوعي بقضية الاسترقاق عبر الأطلسي وإرثها، وقضية التنوع الإعلامي، ورعاية المزيد من الأبحاث الأكاديمية في قضية الرق. وقالت الغارديان إنها ستتوسع في تغطياتها الصحافية للمجتمعات السوداء في الولايات المتحدة وبريطانيا والكاريبي وجنوب أميركا وإفريقيا، كما أنها ستنشئ 12 موقعاً مهنياً جديداً داخل الجريدة، وستطلق «فورمات» افتتاحية مختلفة لخدمة الجمهور من ذوي البشرة السوداء.

وقال مقال نشرته الغارديان، ضمن تغطية شاملة خصصتها لهذه القضية، إن الصحيفة في تلك الفترة دعمت إلغاء الرق، لكنها ساندت في الوقت نفسه مبدأ دفع أموال تعويضية للقائمين على الاسترقاق، وانتقدت الأصوات الراديكالية الرافضة للرق، كما أنها رفضت دعم الشمال أثناء الحرب الأهلية الأميركية.

ونوه المقال بمقال افتتاحي نشرته الغارديان عام 1835، لخصت فيه موقفها من الرق، حيث قالت سطوره: أياً كانت الحسابات فعلينا أن ندعم خلق الثروة. كما أن الصحيفة دعمت لفظياً الحملة ضد العبودية في بريطانية، ومضت في الشوط إلى الحد الذي دعت فيه القراء إلى جمع توقيعات ضدها، أي الحملة، لكن موقفها على أرض الواقع ضد مشروع إلغاء الرق عام 1833، وإصرارها على «عدالة» دفع 20 مليون جنيه تعويضاً لملاك العبيد، بما يساوي مليارات بأرقام اليوم، مضى بالتوازي.

وقالت رئيسة تحرير الغارديان، كاثرين فاينر، في مقال لها بالصحيفة: إنه أمر ليس بالسهل أن يعرف المرء أن مؤسس الغارديان جوهن إدوارد تايلور، قد صنع معظم ثروته من صناعة القطن بمانشستر التي تعتمد على المزارع الأميركية التي استرقت ملايين السود ممن اختطفوا بالقوة من إفريقيا. وأضافت «علينا أن نعتذر أن مؤسسنا ومن مولوه استمدوا ثروتهم من ممارسات ضد الإنسانية، هذه القصة يجب أن تعزز عزمنا على استخدام الصحافة لفضح العنصرية والظلم». وقالت إن تقرير إرث العبودية الذي نشر، مرعب، ولا عذر للرق مهما تم الاعتذار عنه مرات ومرات، إنه جريمة ضد الإنسانية».

• كشف تقرير «سكوت ترست الخاص بإرث الاسترقاق» أن تايلور ونحو 9 أشخاص من مجموع 11 شخصاً دعموا «الغارديان» لديهم صلة بتجارة العبيد.

• نجحت تقارير من جامعتي «توتنغهام» و«هل» في الكشف عن مزارع في الـ«سي لاند» على امتداد شاطئ جنوب كارولينا وجورجيا، تسلمت فيها إحدى شركات تايلور قطناً من المنطقة التي كانت تستخدم عبيداً ضمن عمالتها.

تويتر