نافي بيلاي.. محامية جنوب إفريقية كرّست حياتها للدفاع عن حقوق الإنسان

بيلاي من أشد المناصرين لحقوق الإنسان ولا تعبأ بالضغوط التي تمارس عليها. أ.ف.ب

في ذروة الفصل العنصري، دخلت المحامية جنوب الإفريقية الشابة حينذاك، نافي بيلاي، التاريخ عبر ضمانها ظروفاً أفضل للسجناء السياسيين المحتجزين على جزيرة روبن، بمن فيهم نيلسون مانديلا.

واليوم مع بلوغها 81 عاماً، لاتزال القاضية المتقاعدة مدافعة شرسة عن حقوق الإنسان.

اعتادت بيلاي، وهي ابنة سائق حافلة أصبحت قاضية، ثم مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، على التعامل مع القضايا المتشابكة.

وبنت لنفسها سمعة مهمة خلال مسيرتها المهنية التي استمرت خمسة عقود، وانتقلت خلالها من محاكم جنوب إفريقيا إلى المحكمة الجنائية الدولية المخصصة لروندا.

وثبت أن تكليفها أخيراً رئيسة فريق تحقيق تابع للأمم المتحدة ينظر في الانتهاكات في إسرائيل والأراضي الفلسطينية، هو من بين أصعب المهام التي تولتها.

لكن القاضية المعروفة بصراحتها، لم تتأثر، بفضل الخبرة التي اكتسبتها خلال معركتها ضد الفصل العنصري.

وتترأس بشكل طوعي لجنة تحقيق مكونة من ثلاثة أعضاء، شكلها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة للتحقيق في الأسباب العميقة للنزاع بين إسرائيل والفلسطينيين. وفي مقابلة مع «فرانس برس»، أخيراً، استذكرت تعرضها للانتهاكات التي كرست نفسها لمواجهتها.

واتُهم أحد أعضاء لجنتها بمعاداة السامية من قبل دول عدة، لانتقاده «مجموعة الضغط اليهودية»، فيما دافعت بيلاي عنه.

مكانة أخلاقية عالية

قالت بيلاي في تعليقها على أحداث 27 أكتوبر «شعرت بالإهانة عندما كنا نستعرض تقريرنا». وأضافت «تم الاعتداء علينا هناك من قبل المندوب الإسرائيلي (وغيره). قالوا جميعاً إننا معادون للسامية وكارهون لليهود».

وأضافت «أصبحت في الـ81 من العمر، وهذه أول مرة يتم وصفي بالمعادية للسامية.. كان الأمر ليكون مضحكاً لو أنه لم يكن سخيفاً جداً». وشجع قبول الأمم المتحدة بالتقرير المدافعة عن حقوق الإنسان التي تعتبر بأنها تخرج بـ«اجتهادات قضائية خارقة». وقالت «مكانتنا الأخلاقية عالية، والعالم يدعمنا. إنهم ينتقدون بشدة ما تقوم به إسرائيل في فلسطين.. لذلك أشعر بأننا انتصرنا».

أثارت نشأة بيلاي في مجتمع يفتقر إلى الإنصاف حماستها لمواجهة التمييز أين ما وجد.

وقالت «تحملنا الأسوأ»، في تعليقها على حقبة الفصل العنصري عندما تم «انتهاك» حقوق أمثالها و«التعامل معهم باحتقار». وأضافت أن ذلك يمكن أن يدفع الشخص إلى «الضعف والبكاء» أو«الكفاح في كل خطوة»، وهو المسار الذي اختارته. وقالت بيلاي بحزم «لذلك كان لدي على الدوام شعور بالثقة حيال من أنا، وكيفية مواجهة أي نوع من التمييز. عليك التحدث بصوت مرتفع وإدانة الأمر. هذا ما فعلته في الأمم المتحدة».

مؤلم حقاً

ولدت بيلاي في دوربان عام 1941 لعائلة من أصل تاميلي، ونشأت في حي فقير في المدينة. درست الحقوق، وحصلت على الماجستير والدكتوراه من جامعة هارفارد.

وبصفتها أول امرأة صاحبة بشرة سمراء تؤسس شركة محاماة في محافظة كوازولو ناتال أثناء حكم الأقلية البيضاء، اشتهرت بيلاي بدفاعها الشرس عن الناشطين المناهضين للفصل العنصري.

وعام 1973، نالت للسجناء السياسيين في سجن جزيرة روبن سيئ الصيت حق الوصول إلى محامين.

وبعد عام على تولي مانديلا رئاسة جنوب إفريقيا، أصبحت أول امرأة من أصحاب البشرة الملونة تعيّن على رأس المحكمة العليا للبلاد.

وبعد وقت قصير، أوصى مانديلا بتعيينها في المحكمة الأممية المخصصة لمقاضاة المشتبه في التورط في الإبادة في رواندا، في محطة يرى كثيرون أنها شكلت علامة فارقة في مسيرتها المهنية. وسنة 2008، تم تعيينها مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، وهو منصب شغلته حتى عام 2014. وباتت اليوم رئيسة اللجنة الدولية لمناهضة عقوبة الإعدام.

ودانت علناً حكومات بلدان عربية لتنفيذها حملة أمنية ضد الاحتجاجات الشعبية، بما في ذلك في ليبيا وسورية.

وفي تعليقها على بلدها، قالت بيلاي إن دستور جنوب إفريقيا جيد، لكن الدولة بحاجة إلى شخصيات تتمتع بالكفاءة لحكمها. وقالت «رؤية مدى سوء الوضع هو أمر مؤلم حقاً.. يتم نهب الكثير من أموال دافعي الضرائب».

اعتادت بيلاي، وهي ابنة سائق حافلة أصبحت قاضية، ثم مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، على التعامل مع القضايا المتشابكة.

تويتر