عمرها 140 عاماً.. وتردد عليها عادل إمام وسعاد حسني وأحمد فؤاد نجم والشيخ إمام عيسى

مصر.. «عاشور» قهوة الثقافة والتاريخ خائفة من «الإزالات والمستقبل»

عاشور الحفيد داخل القهوة. من المصدر

تتعزز مكانة «قهوة عاشور» بمنطقة الغورية بالقاهرة التاريخية كل يوم، بوصفها الأقدم في مقاهي الحكايات الثقافية والفنية في مصر، ويصل البعض بعمر القهوة إلى أكثر من 140 عاماً، شهدت خلال مسيرتها تردد أسماء مشاهير من نجوم الفن والثقافة في مصر عليها، وفي حين تتطور القهوة يوماً بعد يوم، في إطار تقديم أدوار أكثر أهمية في الحياة الثقافية، مثل استضافة فعاليات جماعات فنية في باحتها، تزداد بالتوازي المخاوف عند الملتصقين بها من اقتراب مخططات الإزالة الجارية التي تنفذ في منطقة الدرب الأحمر، في ظل مشروعات التحديث والترميم الحالية.

وقال نبيل عاشور، حفيد صاحب المقهى حسين عاشور، إن «عمر المقهى يرجع إلى زمن بعيد في منطقة الغورية والدرب الأحمر، التي يعود تاريخها هي الأخرى إلى 700 سنة، لكن علاقة جدهم بالقهوة بدأت منذ 140 سنة، حيث كان يبيع الشاي والمشروبات كبائع متجول بمنطقة الحسين، ثم استقر بها، لتؤول القهوة بعد ذلك إلى والده، الذي اهتم بها، ورفض تحويل نشاطها، رغم التغيرات والظروف، لتبقى هي و(قهوة الفيشاوي)، التي تعود للتاريخ نفسه تقريباً، جزءاً من المشهد الثقافي للقاهرة التاريخية في الـ150 سنة الأخيرة».

شهرة البداية

وتابع عاشور أن «القهوة اكتسبت شهرة خاصة منذ نشأتها، لارتباط والدهم بعلاقات تاريخية منذ بدايات نشأتها مع رموز مهمة، كان الكثير منهم يترددون عليه فيها، ومن هؤلاء القارئ الشهير الشيخ محمد رفعت، والقارئ الشيخ محمد صديق المنشاوي، والعالم الديني الكبير الشيخ محمد متولي الشعراوي، وأول مبتهل معتمد في الإذاعة المصرية الشيخ عبدالسميع بيومي، كما أن والده التقى الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، أثناء زيارته للأزهر الشريف، ودعاه لتشريفه في القهوة».

وقال عاشور إن «علاقة القهوة بالرموز الثقافية تطورت بعد ذلك لتأخذ منحى جديداً، حيث استضافت (الزعيم) الفنان عادل إمام، وسعيد صالح، وكانت النقلة الأهم في تاريخها هي ارتباطها بالشاعر أحمد فؤاد نجم (الفاجومي ) والمغني الشيخ إمام عيسى، اللذين كانا يسكنان أمامها في حارة حوش قدم، وزاد من شهرتها ارتباط هذا الثنائي في البداية بالأحداث السياسية، ثم انفتاح الإعلام الرسمي والعربي والعالمي عليهما بعد ذلك في التسعينات، وتحول محل إقامتهما بعد ذلك إلى قبلة زائرين من الرموز الثقافية والفنية، وكان بعضهم من مصر، والبعض الآخر من دول عربية، مثل تونس والمغرب، وأيضاً من دول أوروبية، كفرنسا».

وقال عاشور إن القهوة شهدت منذ التسعينات توافد العشرات من الأسماء، التي يتذكر بعضها وينسى البعض الآخر، منهم الأديب الراحل جمال الغيطاني، والفنان محمد منير (الكنج)، والفنانة سعاد حسني (السندريلا)، والفنانة نادية الجندي، والفنانة فايزة كمال، كما شهدت مولد أغنيات شهيرة، مثل «جيفارا مات» و«فاليري جيسكار ديستان»، للثنائي نجم-إمام، وأعمالاً فنية مثل فيلم «شهد الملكة» لنادية الجندي، و«ألوان السما السبعة» لفاروق الفيشاوي، وقد ظهرنا نحن وعمال القهوة في لقطات من هذه الأعمال.

ذكريات وبصمات

وروى عاشور أن القهوة لها ذكريات وبصمات على الأحداث التاريخية الكبرى التي شهدتها مصر، وليس مصادفة أن صورة جمال عبدالناصر لازالت في مكانها بالقهوة، بسبب الحب الشديد الذي كان يكنه حسين عاشور للزعيم الراحل، واعتزازه بلقائه معه أمام الأزهر الشريف، كما أن القهوة تحولت إلى ملجأ للعائلات من أبناء الحارة أثناء حرب 1967، بما تضمنه ذلك من ذكريات توارثتها الأجيال.

ونوه عاشور إلى أن «والده، ومن بعده أبناءه الـ10، أصحاب القهوة، حافظوا على شكل وتراث القهوة، بما يجعلها تتناغم مع الشخصية المعمارية للمنطقة وروحها التاريخية، بما أن القهوة على بعد أمتار من بوابة المتولي ومسجد قانصوه الغوري، وعلى بعد أمتار أيضاً من بيت جمال الدين الذهبي، ابن شهبندر التجار في العصر العثماني، البيت الذي يصل عمره إلى 372 عاماً، كما أن حارة حوش قدم، التي تعني حرفياً (قدم الخير)، وتعود تسميتها إلى السلطان سيف الدين خوش قدم المتوفى 1467 ميلادية، هي تاريخ في حد ذاته».

دور تنويري

كما أن القهوة تلعب دوراً تنويرياً في الوقت الراهن، عبر استضافة فعاليات «محبي الشيخ إمام» شهرياً، واستضافة إعلاميين، وإجراء حوارات حول المقهى والمنطقة وتاريخها لمن يقصدها، ويستدرك عاشور «إنهم وسط هذا الحرص وهذا الاعتزاز، تنتابهم المخاوف من أن تشملهم مخططات الإزالة الجارية الآن في الدرب الأحمر، التي وصلت خلفهم إلى حارة الروم بالغورية، وتردد أنها في الطريق إليهم، خصوصاً أن القهوة، وإن لم تكن أثراً طبقاً للتعريف القانوني، فهي فعلياً مكان تاريخي، وجزء من الذاكرة الوطنية والثقافية المصرية، لا تقل أهمية عن الشواهد المهمة الأخرى».

• حافظ عاشور وأبناؤه الـ10، أصحاب القهوة، على شكل وتراث القهوة، بما يجعلها تتناغم مع الشخصية المعمارية للمنطقة، وروحها التاريخية، بما أن القهوة على بعد أمتار من بوابة المتولي ومسجد قانصوه الغوري، وعلى بعد أمتار أيضاً من بيت جمال الدين الذهبي، ابن شهبندر التجار في العصر العثماني البيت الذي يصل عمره إلى 372 عاماً.

• القهوة تلعب دوراً تنويرياً في الوقت الراهن عبر استضافة فعاليات «محبي الشيخ إمام» شهرياً، واستضافة إعلاميين، وإجراء حوارات حول المقهى والمنطقة وتاريخها لمن يقصدها.

تويتر